كشف المجلس الأعلى للحسابات عن جملة من الاختلالات المالية والتدبيرية والقانونية، بالمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمناجم، والعديد من المؤسسات العمومية الأخرى. وتلقى هذا المكتب موارد مالية بلغت أزيد من 78 مليون درهم خلال السنوات العشرالماضية، من لدن العديد من الشركات من أجل تكوين الموظفين، وذلك في إطار اتفاقيات التنقيب عن النفط، إلا أن هذا التدبير يتم خارج ميزانية المكتب ولا يخضع لأي رقابة مالية، بالإضافة إلى أن العمليات غير مقيدة في حسابات المكتب، وهو ما يشكل مخاطر كبيرة على تدبير هذه الأموال حسب المجلس؛ الذي أشار إلى أن أعضاء المجلس الإداري للمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن ليس لهم علم بوضعية هذه الموارد. وَأكد المجلس في تقريره الأخير لسنة ,2007 أنه سجل عدة ممارسات غير قانونية، مثل تقديم منح من الموارد المالية المخصصة للتكوين بالمكتب إلى الوزير السابق للطاقة والمعادن؛ بمناسبة تنقلاته خارج المغرب ما بين 2003 و,2006 إذ وصل المبلغ إلى أزيد من 308 آلاف درهم، فضلا على تقديم منح لبعض الموظفين في وزارتي الطاقة والمالية، لا ينتسبون إلى المكتب. وسلط المجلس الأعلى للحسابات الأضواء عن جملة من الاختلالات المالية والتدبيرية والقانونية في كل من كتابة الدولة المكلفة بالشباب والعديد من المؤسسات العمومية، والجماعات المحلية والجمعيات، وشمل افتحاص قضاة المجلس 14 مؤسسة عمومية مهتمة بالقطاعات الاقتصادية والمالية، وسبع مؤسسات في القطاعات الاجتماعية، و38 جماعة محلية حضرية وقروية، ويتعلق الأمر بكل من الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب، والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد والصندوق الوطني للتقاعد والتأمين، وبعض المؤسسات التابعة لصندوق الإيداع والتدبير مثل شركة ديار المدينة، والبرنامج الوطني لمشاتل المقاولات وغرف التجارة والصناعة والخدمات والمكتب الوطني للصيد، والمركز السينمائي المغربي وجمعية الاعمال الاجتماعية للمركز السينمائي المغربي، والصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، والمصحة الجراحية التعاضدية، والمراكز الجامعية، فضلا عن كتابة الدولة المكلفة بالشباب، والعديد من المؤسسات الأخرى. وهمت المهمات الرقابية سنة ,2007 ما مجموعه 130 مهمة تدقيق للأداء العمومي. وأكد زهير الخيار، أستاذ جامعي في الاقتصاد، أنه يجب تحريك المسطرة القضائية فيما يخص الاختلاسات الكبيرة التي تكشف عنها تقارير المجلس الأعلى للحسابات، لأن الخروقات المالية التي تأتي بها هذه التقارير مجرد نصف الطريق، لتبقى المرحلة الأخرى غائبة على اعتبار أن هناك غيابا للمتابعات القضائية. وقال الخيار في تصريح لـالتجديد إن المغرب يعرف إشكالين كبيرين؛ الأول مرتبط بالاختلاسات التي تعيش على وقعها المؤسسات العمومية، والثاني مرتبط بمنظومة توزيع الثروات التي تعرف اختلالا كبيرا، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن أزيد من 80 في المائة من المواطنين لا يستفيدون من الثروات. وحول الدور الرقابي للمنشآت العمومية فإن القانون المالي لا يخضع هذه المؤسسات إلى المراقبة، إذ هناك غياب نظرة شمولية ونظام محاسباتي وأدوات للتخطيط حسب عبد القادر برادة أستاذ الاقتصاد الجامعي، الذي أكد ضرورة إعادة النظر في القانون التنظيمي للمالية وللمراقبة فضلا على إعادة النظر في التصميم المحاسباتي للدولة، واعتماد محاسبات ممتلكات الدولة، بوسائل مضبوطة. ووفق المصدر ذاته فإن غياب المتابعات القضائية، وضعف الموارد البشرية تحد من تحرك المجلس الأعلى للحسابات الذي يبقى هامشيا.