شكل اليوم الوطني للمرأة الذي احتفل به المغاربة يوم 10 أكتوبر الجاري محطة لوضع تفعيل مدونة الأسرة في الميزان، ما دام اختيار تاريخ اليوم الوطني موافقا لتاريخ الإعلان عن مدونة الأسرة في 10 أكتوبر .2003 وإن كان تطبيق مدونة الأسرة خلال أزيد من أربع سنوات قد واجه عدة معيقات فإن المهتمين اعتبروا ثبوت الزوجية وزواج القاصر والنفقة من أهم معيقات تفعيل مدونة الأسرة تتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة لتجاوز الوضع القائم. ثبوت الزوجية أثبتت وزارة العدل في تقييمها لتفعيل مدونة الأسرة أنه لم يتحقق التقدم المأمول في تعميم عقد الزواج للزيجات اللاتي لم تتوفر عليه لسبب من الأسباب، وشكل تاريخ 5 فبراير ,2009 وهو الأجل المحدد في المادة 16 من مدونة الأسرة لقبول ثبوت الزوجية؛ ضغطا على المهتمين، وذلك لأن انتهاء هذا الأجل سيجعل كثيرا من الأسر، وخصوصا القروية في وضعية مخالفة للقانون حسب نص المادة التي تعتبر أن عقد الزواج وسيلة وحيدة لإثبات قيام العلاقة الزوجية، وأن التاريخ المذكور (5 فبراير 2009) هو التاريخ المحدد لتسوية وضعية الزيجات غير الموثقة. أمام هذا الوضع جعلت وزارة العدل والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان موضوع ثبوت الزوجية محورا أساسيا ضمن برنامج الندوة التي نظماها أول أمس الإثنين بمناسبة اليوم الوطني للمرأة، وقال مدير الشؤون المدنية لوزارة العدل إبراهيم الأيسر إن الاستجابة لحملة التحسيس والتوعية لتسجيل عقود ثبوت الزوجية كانت ضعيفة، على الرغم من أن الوزارة المذكورة بتنسيق مع وزارة الخارجية ووزارة الداخلية كثفن جهودهن للتشجيع على توثيق ثبوت الزوجية قبل حلول 5 فبراير .2009 وأفاد المتحدث، أنه لم يتم تجاوز 50 ألف حالة لثبوت الزوجية بين سنتي 2005 و 2007 وهو رقم بعيد عن حجم ظاهرة الزواج بالتعاقد الشفوي (الفاتحة)، الجاري به العمل على نطاق واسع في البوادي المغربية. وأوضح إبراهيم الأيسر بأن انتهاء أجل التوثيق سيسقط آلافا من الأسر القروية في وضعية مخالفة للقانون. وخلصت ورشة أقيمت لمدارسة الموضوع أثناء الندوة نفسها إلى ضرورة المطالبة بتمديد الفترة المخصصة لتسوية وضعية الأسر غير المتوفرة على عقود الزواج وهو ما يعني المطالبة بتعديل النص القانوني الذي حدد مدة التسوية في خمس سنوات منذ صدور المدونة والتي ستنتهي في 5 فبراير .2009 واختلف المشاركون في الورشة حول مدة التمديد إذ طرح البعض خمس سنوات فيما رأى البعض الآخر الاقتصار على سنتين، أما أصحاب الطرح الثالث فإنهم يرون الاقتصار على معالجة حالات الزواج التي تمت قبل 4 فبراير 2009 دون فتح المجال أمام الزيجات الأخرى حتى لا يتم جعل الاستثناء قاعدة. وارتباطا بواقع التأخر عن ثبوت الزوجية صرحت المحامية بهيئة الرباط سعاد زخنيني عضو مركز الوئام للإرشاد الأسري لـ التجديد أن المركز قام بمبادرة شخصية برصد عدة حالات بدون عقود توثيق الزواج، وبدون بطاقات التعريف الوطنية، وخصوصا في دوار البراهمة، وطلب منهم المركز إعداد الوثائق المطلوبة، وتم وضع ملفاتهم بالمحكمة وتسجيل مقالاتها، إلا أن المشكل في نظر سعاد زخنيني يتمثل في بطء المسطرة، وارتفاع تكاليف الرسوم القضائية خصوصا وأن الأسر المعنية جلها فقيرة. وطالبت سعاد زخنيني بالمرونة في تطبيق القانون في هذا الجانب والإعفاء من الرسوم، وهو المطلب الذي أخذته الورشة المذكورة في ندوة الإثنين مأخذ الجد وجعلته من توصياتها. زواج القاصر كان مثيرا حصول تركيز غريب على موضوع زواج القاصر بعد أن سجلت وزارة العدل بأن هذه الزيجات تمثل نسبة 10 بالمائة من مجموع الزيجات، وهي نسبة ترتفع بدل أن تتراجع، وتتم تلبية حوالي 90 في المائة من طلبات الإذن بتزويج فتيات دون سن الأهلية، وبلغ عدد طلبات الإذن بزواج القاصر حسب الأيسر، 38 ألف و 710 طلبا. وتنوعت آراء المشاركين في ورشة خصصت لزواج القاصر أثناء الندوة التي نظمتها وزارة العدل والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الإثنين الماضين بين داعين إلى تحديد سن الزواج ورفع الاستثناء الذي أتيح فيه التدخل للقاضي في المدونة الحالية، فيما كانت آراء الممارسين وخاصة القضاة ممن يقفون على الحالات اليومية ولهم خبرة في أبعاد هذا المشكل على مستوى الواقع هو عدم التطرف واعتماد المرونة في تطبيق النص. النفقة تعد الملفات المتعلقة بالنفقة من القضايا الأكثر رواجا لدى قضاء الأسرة، ورغم المكاسب التي أتت بها المدونة في الموضوع فإن التجربة العملية أبرزت إشكالات حقيقية في كيفية تحديد النفقة من ناحية، وفي تنفيذها من ناحية أخرى، فالكثير من أحكام النفقة لا تجد طريقها إلى التنفيذ، ولا تضمن قوت الآلاف من الأطفال إما بسبب عسر الزوج أوبسبب ظاهرة التملص واللامسؤولية التي تجعل بعض الآباء يفضلون التحايل على القانون بدل توفير لقمة العيش لأبنائهم. والحل الناجع لهذه المشكلة يتمثل في التعجيل بإحداث صندوق التكافل العائلي الذي دعا إليه الملك محمد السادس في خطاب 10 أكتوبر .2003 وقد دعت بعض المختصات في شؤون الأسرة إلى تفعيل اقتراحاتهن لإخراج هذا الصندوق إلى حيز الوجود، فقد اقترحت المحامية بهيئة الرباط مينة الطالبي تخصيص نسبة من أرباح بعض المؤسسات شبه العمومية، ومؤسسات مواطنة لصالح هذا الصندوق. ودعت نجاة الكص رئيس جمعية تنمية الأسرة للألفية الثالثة إلى استثمار بعض أموال الزكاة لإحداث صندوق التكافل العائلي. ويبقى الإجماع على الإسراع بإخراج الصندوق سيد الموقف لدى كل المتدخلين في قضايا الأسرة؛ نظرا لإلحاحه ولوضعية الأسر المتضررة التي لا يحتمل وضعها الانتظار أكثر مما مضى. قلق الطلاق كشفت إحصائيات وزارة العدل عن ارتفاع قضايا الطلاق في المغرب بنسبة 80 بالمائة خلال العام الماضي، معظمها بسبب الخلافات بين الزوجين. وقال المحامي محمد اشماعو إن الطلاق للشقاق يكون بإرادة الزوجين، وفي جميع الحالات يخول القضاء المغربي حق الطلاق للطرف الذي رفع قضية من هذا النوع، مضيفا أن المناقشات تكون شكلية وتنتهي بالطلاق في نتيجة الدعوى المرفوعة. وفسر ارتفاع عدد قضايا الشقاق التي رفعتها النساء مقارنة بالرجال بكون أوراق الدعوى بالنسبة للزوجة معفاة من الرسوم القضائية، فضلا عن أن مدونة الأحوال الشخصية السابقة كانت تحظر على المرأة رفع قضية الطلاق للشقاق. وتساءل إبراهيم الأيسر مدير الشؤون المدنية بوزارة العدل عن سبب ارتفاع نسبة الطلاق للشقاق، هل هو نتيجة تراكم لوضع غير إيجابي للمرأة وجدت منفدا لتفريغه، أم هو ناتج عن أمور أخرى، ليبقى التساؤل الأهم: كيف يمكن تحجيم نسبة الطلاق للشقاق حتى يتم الحفاظ على التماسك الأسري. نشاز أمام ملحاحية مطالب الأسرة المغربية ودعاوى تفعيل المقتضيات التي أتت بها مدونة الأسرة؛ نجد أصواتا تغرد خارج السرب، وتجدد الدعوة إلى المساواة في الميراث، وتغيير القانون المتعلق بالإرث رغم حسم هذا النقاش أثناء مناقشة تعديلات مدونة الأحوال الشخصية السابقة، ورغم تأكيد أمير المؤمنين على أنه لن يحلل حراما ولن يحرم حلالا، ورغم أن المجتمع المغربي متشبت بقيمه ومبادئه، رغم التيارات الوافدة، ورغم الأصوات الداعية إلى رفع تحفظات عن مواد تتصادم مع خصوصية المغرب الإسلامية. وقد كان مدير الشؤون المدنية إبراهيم الأيسر حازما أثناء الندوة التي نظمتها وزارته الإثنين الماضي بتعاون مع المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، حين طالب متدخلون بتجاوز الخصوصية المغربية حين قال الأيسر: أحببنا أم كرهنا لدينا خصوصيات، وذكر بأن الإسلام كرم المرأة واعتنى بحقوقها أيما عناية. ومن هنا تبقى دعاوى المتهافتين وراء دعاوى الغرب تغريدا خارج السرب. *********** احصائيات قضاء الأسرة لسنة 2007 ـ عدد رسوم الزواج برسم سنة 2007 بلغ 297 ألفا و 660 رسما مقابل 272 ألفا و 989 رسما خلال .2006 ـ عدد رسوم الطلاق بجميع أنواعه برسم سنة 2007 بلغ 27 ألفا و 904 رسما. ـ عدد القضايا الرائجة في موضوع النفقة خلال سنة 2007 بلغ 47 ألفا و 227 نفذ منها 36 ألفا و 162 ـ عدد القضايا الرائجة في موضوع الحضانة سنة 2007 بلغ ألفا و 349 نفذ منها .896 ـ عدد القضايا الرائجة في موضوع كفالة الأطفال المهملين سنة 2007 بلغ ألف و 389 نفذ منها ألف و 211 .