يفتتح الملك محمد السادس يوم الجمعة 10 أكتوبر الدورة الخريفية من السنة التشريعية الثانية لولاية مجلس النواب؛ في ظل متغيرات في المشهد السياسي أبرزها الاندماج الذي حصل بين فريقي الأحرار والأصالة والمعاصرة، وبوادر التقارب بين حزبي العدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي، وحديث عن اندماج غير قريب بين الفريق الحركي والفريق الدستوري. من جانب آخر ينتظر أعضاء البرلمان نوابا ومستشارين ملفات من العيار الثقيل اجتمعت في وقت واحد؛ على رأسها مشروع القانون المالي والقوانين الانتخابية ومدونة السير. السياق السياسي ويأتي هذا الدخول في ظرف شهد تحالفاً برلمانياً بين فريقين ينتميان إلى الأغلبية الحكومية (الأحرار والأصالة والمعاصرة)، كما يجري الحديث أيضا هذه الأيام عن تحالف بين الحركة الشعبية وبين هذا التحالف الجديد، ويرى عمر احجيرة من الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية (أغلبية) في تصريح ل التجديد أن التحالف الأول طبيعي، على اعتبار أنه بين فريقين من الأغلبية، إلا أن الثاني سيكون إن وقع تحالفا غير طبيعي؛ لأن سيجمع فريقين من الأغلبية بفريق من المعارضة. كما بدأت بعض التحركات الأولية قبيل افتتاح دورة البرلمان بين فريقي الحركة الشعبية والاتحاد الدستوري في أفق تشكيل فريق واحد، ولكنها تظل جنينية وبعيدة عن تحقيق الهدف المنشود. وبالمقابل يرى عبد العزيز أفتاتي من فريق العدالة والتنمية (معارضة) أن الظرفية التي تحيط بالدخول البرلماني مطبوعة بضبابية أوتضبيب للحياة السياسية على حد قوله، موضحا أن بعض الجهات تسعى إلى إبقاء المشهد السياسي والبرلماني مليئة بالأعطاب، على رأسها محاولة التحكم في الحياة السياسية وإفساد الأحزاب، وهذا فيه انتهاك لسيادة الأمة التي تمارسها عن طريق الانتخاب والمؤسسات الدستورية؛ بما فيها البرلمان والأحزاب. وحسب أفتاتي فإن من بين الأحداث التي ستطبع هذا الدخول البرلماني ما أقدمت عليه السلطات من إغلاق لدور القرآن وحرمان مئات المواطنين من حفظ القرآن، والاستمرار في الاعتداء على الحريات الفردية كاختطاف بعض المواطنين من لدن أجهزة أمنية... تغييرات يتوقع أن تحظى فرق المعارضة بمجلس النواب برئاسة ثلاثة لجن دائمة، فيما سيتبقى لفرق الأغلبية اللجن الثلاثة المتبقية، بعدما توحد فريقا الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار، فيما يمكن أن يشكل منغصا حقيقيا لعمل الحكومة خلال السنة المقبلة، لكونها هي المختصة ببرمجة مناقشة القوانين التي تحال إليها وجوبا، وأعمال اللجان المتفرعة عنها. أوفي برمجة زيارات استطلاعية للاطلاع على شروط وتطبيق نص تشريعي معين، أوموضوع يهم المجتمع، أويتعلق بنشاط من أنشطة الحكومة. وينتظر أن تؤول إحدى اللجن إلى الفريق الدستوري (المعارضة)، إذ إن تحالف فريق الأصالة والمعاصرة، وفريق الأحرار، اللذين كانا يرأسان لجنة الخارجية والدفاع الوطني ولجنة القطاعات الاجتماعية على التوالي، سيجعل الفريق الجديد يرأس لجنة دائمة فقط، قد تكون هي لجنة المالية والتنمية الاقتصادية، فيما ستؤول الأخرى اللجنة المتبقية إلى الفريق الدستوري، بعد أن تختار الفرق الأكثر عددا منه. ويتوقع في هذا الصدد، أن يفقد الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب، رئاسة لجنة المالية والتنمية الاقتصادية، التي كان يرأسها خلال السنة الماضية، بعدما أصبح في المرتبة الثانية، وذكر مصدر مطلع أن الفريق الاستقلالي قد يطالب برئاسة لجنة الداخلية التي ستعرف حيوية خلال السنة المقبلة؛ بحكم كونها ستحتضن الانتخابات الجماعية، وهي اللجنة التي كانت ترأسها الحركة الشعبية. هذا، ويتوقع أن يشهد مجلس النواب صراعا حول كراسي الفرق البرلمانية، على إثر التحالف الذي وقع بين فريقي التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة، والذي يفرض عليهما الجلوس في مكان واحد في مجلس النواب. وبالنظر إلى كونهما في مكانين متباعدين، حيث كان يجلس فريق الأحرار في الوسط من جهة اليسار، بجانب الحركة الشعبية، يليها فريق العدالة والتنمية، بينما اختار فريق الأصالة والمعاصرة الجلوس في أقصى اليمين، فإن التوحد بينهما يفرض عليهما الجلوس في مكان واحد. ملفات كبرى في انتظار مشروع القانون المالي في العشرين من الشهر الجاري، يناقش مجلس النواب مشروع قانون يخص الميثاق الجماعي، ويرى عبد العزير أفتاتي أن من السخرية على البرلمان أن تأتي الحكومة بهذا المشروع وتناقشه مع الأغلبية والمعارضة، في حين أن وزارة الداخلية هي جزء من الأغلبية الحكومية، وبالتالي فأن يناقش مع المعارضة أمر طبيعي، ولكن من غير المفهوم أن تناقشه مع الأغلبية يضيف النائب البرلماني. فيما يوضح عمر احجيرة أن بعض النقط ما تزال تشكل نقط اختلاف بين الفرق النيابية كالسقف في احتساب الأصوات، وانتخاب رئيس الجماعة، ولكن أغلب مواد مشروع القانون وقع التوافق حولها. وبعدما توصل البرلمان بالنص المتعلق بالميثاق الجماعي؛ ما تزال الحكومة لم تحل عليه النصوص المتعلقة بمدونة الانتخابات ومالية الجماعات وبقانون الجهات. وبهذا الصدد صرح رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب (احتمال وقوع تغيير في رئاسة الفريق وتسميته مع التحالف الجديد) مولاي عبد العزيز العلوي الحفيظي لجريدة التجديد أن فريقه سيركز على تقديم تعديلات بشأن تنظيم الجهات في اتجاه اعتماد جهوية متقدمة ستستوعب عددا من الحساسيات الجهوية والقبلية. مضيفا أن فريقه سيتقدم بتعديلات أخرى على الميثاق الجماعي لمنح صلاحيات لرؤساء المقاطعات في المدن التي اعتمدت فيها وحدة المدينة، حتى يتمكنوا من تحقيق تنمية متكافئة لمناطق المدينة. الملف الآخر هو القانون المالي الذي يفترض أن يستجيب للبرنامج الحكومي ويعالج المشاكل والتحديات القائمة، والذي ينتظر فريق العدالة والتنمية حسب أفتاتي إحالته على البرلمان لمعرفة ما ستقدم الحكومة من إجابات الحكومات على الصعوبات التي يواجهها المواطن من فقر وبطالة وغلاء أسعار، وهل سيتضمن تعديلات لصالح الأغنياء وضد الفقراء حسب البرلماني، في إشارة إلى ما عرفه القانون المالي للسنة الماضية من خفض ضريبي لفائدة الأبناك والشركات. فيما صرح احجيرة أن الدخول البرلماني سيعرف تقديم أول مشروع ميزانية تتحكم فيها حكومة عباس الفاسي بشكل كامل، لأن المشروع السابق قدم مباشرة بعد تشكيل الحكومة، وبالتالي فالكثير من مكوناته اشتغلت عليها حكومة جطو، وسنرى أي تدابير جديدة سيتضمنها مشروع القانون المالي في ظل ظرفية عالمية متأزمة؛ أبرز عناوينها بوادر ركود وارتفاع أسعار المواد الغذائية والمحروقات يضيف البرلماني. من جانبه، عبر الحفيظي عن أمله في أن تشارك فرق الأغلبية في تحضيره لكي تدافع عنه، حتى لاتضطر إلى انتظار مناقشته وربما إحراج الحكومة بتعديلات، وسنحرص على مراقبة إذا ما كان هذا المشروع يستجيب لما أعلن عنه في البرنامج الحكومي. ويبقى أن من المطالب التي عبر عنها العديد من البرلمانيين ولم تستجب لها الحكومة بخصوص تقديم القانون المالي هو أن ترفق وزارة المالية المشروع بوثائق تفسيرية لتمكينهم من فهمه ومناقشته بطريقة أحسن خصوصا وأن الآجل المحدد للمصادقة على المشروع قصير لا يتجاوز شهراً حسب الدستور.