تتميز التنشئة الاجتماعية المرتبطة برمضان في بعدها المادي بتضخم بعدين أساسيين لدى الصائم، يتعلق الأول باستهلاك أنواع من السلع ويتعلق الثاني باستهلاك الفرجة. وتكون النتيجة العملية هي تضخم نفسي استهلاكي لدى الصائم في رمضان يتعزز بضعف التنشئة الدينية وضعف أثرها في النفوس. وعلى مستوى اقتصاد الأسر نجد أن استهلاك الأسر في رمضان يتضاعف مقارنة مع غير رمضان. وبحكم هذه النتيجة، التي تضمن ارتفاع الرواج التجاري للسلع والخدمات في شهر رمضان وفي غياب المراقبة على الأسواق أو ضعفها، تلجأ المقاولة التجارية والمضاربين والوسطاء إلى الاحتكار قبل رمضان والى رفع الأسعار أثنائه. ولمواجهة غلاء الأسعار تلجأ الأسر إلى تبضع سلع رمضان قبل حلوله وتقوم بتخزين ما يمكن تخزينه، وقد ساعد انتشار الثلاجات على تخزين اللحوم والأسماك وغيرها من السلع لدى شرائح مهمة في المجتمع. والمحصلة النهائية لهذه العمليات المختلفة هي أن أصبحت تكلفة رمضان المادية على الأسر غالية بل وقاسية على دوي الدخل المحدود ومن لا دخل لهم. ولا يستغرب أن تتحول الرموز المعبرة على رمضان في لغة الإعلام الكاريكاتورية من صور كان فيها القرآن والمسجد والصلاة والهلال والسحور وغيرها إلى صور أصبحت تعبر عن المعانات من المصاريف الباهظة حيث نجد القفة ورب الأسرة المهموم والجيب المثقوب... إن رمضان هو المناسبة الحقيقية التي تكشف فداحة التنشئة الاجتماعية التي تطغى فيها القيم الاستهلاكية. ورمضان محطة تكشف خطورة الاستمرار في نفس الاتجاه وإلا خلقنا مجتمعا يتجه نحو الانتحار الاجتماعي على اعتبار الهجوم الشرس الذي يتعرض له المواطنون من طرف أكثر من جهة. فالمقاولة التجارية تغريه بالمعروضات من السلع والخدمات الاستهلاكية وبالتسهيلات المختلفة في الأداء والمؤسسات المالية تغريه بعروضها التسهيلية للاقتراض. فيطغى منطق السلعة موجودة والمال موجود دون ضابط من الحاجة والقدرة ودون استحضار لما بعد الكريدي. والنتيجة الطبيعية هي إقدام الناس بشكل هستيري على القروض وعلى الاستهلاك معا. ومن غرائب الأمور أن يشكل رمضان ذروة شهور السنة في هذا السلوك في الوقت الذي يجب أن تشكل فيه القيم الدينية أكثر القيم رواجا واستهلاكا.