أثار اعتراف ايطاليا بجرائمها الاستعمارية في حق الشعب الليبي، وكذا اعتذارها الرسمي وتعويض الليبيين بخمسة مليارات دولار، ردود فعل مختلفة، رأت في السلوك الايطالي خطوة صحيحة، من شأنها إحراج باقي الدول الاستعمارية، خاصة فرنسا واسبانيا، ودفعهما نحو الاعتراف بجرائمها والاعتذار عنها لكل من المغرب والجزائر، فضلا عن تعويض كلا الشعبين. وإذا كانت الجزائر متشبثة مند عقود باعتذار فرنسا عن جرائم احتلالها للشعب الجزائري طيلة 130 عاما، فإن المغرب لم يعلن حتى الآن عن مطلب مماثل بهذا الصدد. وقال علي الادريسي مؤرخ ودبلوماسي سابق، أن ثمة سببين لعدم تحرك المغرب الرسمي لحد الآن للمطالبة باعتذار فرنسا وإسبانيا عن جرائم احتلالهما للمغرب، الأول مرتبط بمفهوم الاستعمار ذاته، حيث لا يزال غامضا لدى بعض الجهات في المغرب، على اعتبار أن المخزن المغربي تبنى عقد الحماية مع فرنسا في ,1912 وأن هذا العقد يفيد أن الوجود الاستعماري الفرنسي أو الإسباني كان من أجل التهدئة والاستقرار، بعدما شهد المغرب ثورات وعصيان قبلي وغيره. أما السبب الثاني حسب الادريسي لعدم تحرك المغرب في هذا الاتجاه، وذلك على خلاف الجزائر وليبيا، فهو وجود ما أسماه حزب فرنكفوني يبشر بمزايا الاستعمار، ويعتبره مزّية ساهمت في تقدم المغرب الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. وقال الادريسي إنه على خلاف ليبيا التي طالبت ايطاليا بالاعتراف بجرائمها والاعتذار عنها وتعويضها، وذلك منذ وصول معمر القذافي إلى الحكم في نهاية الستينات، فإن المغرب لم يعلن عن أية مبادرة من هذا النوع. منبها إلى أنه في الوقت الذي عملت ليبيا على إظهار الوجه البشع للاستعمار سنيمائيا وفنيا، إضافة إلى بحوث جامعية علمية وغيرها، فإن المغرب تكاد تغيب فيه مثل هذه المبادرات، ولا يزال الغموض يكتنف جوانب مهمة في تاريخه، مثل ظاهرة بوحمارة وغيرها. غير أن ما يثير الاستغراب أكثر، يقول الإدريسي، هو صمت الأحزاب والمجتمع المدني عن هذا الموضوع، وأكد أنه من حق الشعب المغربي أن يحصل على اعتذار من فرنسا واسبانيا الاستعماريتين، وتبعات ذلك الصحية والاقتصادية والاجتماعية الخطيرة. وقال من حق كل مغربي أن تلجأ دولته ومجتمعه إلى إثارة جرائم الاستعمار وما استعمله من أسلحة منافية للقانون والأخلاق. وفي الجزائر، شدد الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين السعيد عبادو، أن اعتذار ايطاليا لليبيا تعتبر خطوة صحيحة منتظرة من فرنسا تجاه الجزائر، وقال إن فرنسا التي احتلت الجزائر 130 عاما، عليها أن تقتدي بإيطاليا وأن تعترف وتعتذر وتقدم التعويض مبرزا أنه لا مناص لفرنسا من هذه الخطوة تجاه الجزائر التي تطالب بذلك مند عقود من الزمن.