بعد تعنت طويل، أعلن وزير الدفاع الفرنسي، هيرفي موران، عن تخصيص فرنسا لغلاف مالي قيمته 10 ملايين أورو، قصد تعويض ضحايا التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية، وفي منطقة بولينيزيا في آسيا، والذين يقدرون بالآلاف، ممن يعانون من أمراض الإشعاعات الذرية. ويأتي الإعلان الفرنسي بعد تعنت طويل ورفض صريح من فرنسا للاعتراف بجرائمها الاستعمارية في الجزائر، ومنها الجرائم الناتجة عن التجارب النووية في الصحراء الجزائرية. مخافة أن يفتح ذلك الباب أمام دول أخرى، ومنها المغرب، لمطالبة فرنسا بالاعتراف بجرائمها الاستعمارية فوق أراضيها، علما أن إيطاليا كانت سباقة خلال السنة الماضية إلى الاعتراف بما ارتكبته من جرائم استعمارية في ليبيا، وقرّرت تعويض ضحاياها من الليبيين عن معاناتهم الطويلة من الاستعمار الإيطالي. وبخصوص إمكانية أن يطالب المغرب فرنسا وإسبانيا بتعويضه عن جرائمهما الاستعمارية في المغرب، قال سعد الركراكي، أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي، إن إقرار فرنسا بوجود ضحايا وجرائم مرتبطة بالتجارب النووية لها فوق الأراضي الجزئرية يعد سابقة من نوعها، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن هذا الاعتراف يفتح الباب أمام المغرب، وغيره من الدول التي عانت من الاستعمار لتطالب بما طالبت به الجزائر، ويمكنه أن يسلك المسلك نفسه إذا أراد ذلك. إلا أن المتحدث نفسه أشار إلى أن الأمر بالنسبة لإسبانيا سيكون معقدا، بالرغم من استعمالها لغازات كيماوية في الريف المغربي، ولا زال مواطنو المنطقة يعانون من أمراض ناتجة عن تلك الغازات السامة، بحيث يسجل مرض السرطان أعلى نسبة له بين مواطني الريف بسبب تلك الغازات الكيماوية.وبالرغم من الاعتراف المتأخر لفرنسا، والاعتذار السابق لإيطاليا، فإن الركراكي استبعد أن يقدم المغرب على مطالبة فرنسا وإسبانيا بالاعتذار عن جرائمهما، كما فعلت الجزائر التي أرجع تشددها في هذا الملف إلى طبيعة النظام هناك، الذي لا يزال يتغذى من ثقافة حركة التحرير الوطنية التي قاست الويلات من أجل نيل الجزائر لاستقلالها في .1962 وأكد الركراكي أن إجبار الدولتين الاستعماريتين على الاعتراف بجرائمهما والاعتذار عنها وتقديم تعويض للضحايا، سواء في الريف أو غيره، تبقى مهمة المجتمع المدني الذي عليه أن يتحمل مسؤوليته إزاء ما وقع في العهد الاستعماري، لكي لا يكون المغرب استثناء وسط بلدان شمال إفريقيا.