عرفت الطبقة الوسطى في المغرب نكوصا، على اعتبار انخفاض الدخل وارتفاع وتيرة العيش في ظل المتغيرات التي طفت على السطح، والمتمثلة أساسا في ارتفاع الأسعار، والتي لم تستثن أي مجال. فالرهان على إعادة ترتيب طبقات المجتمع في رقعة الشطرنج الوطنية، يتطلب مساعدة وتوسيع الطبقة الوسطى، سيما أمام تغييبها في العديد من السياسات، مما جعل مشاكلها تتراكم لحد أنها أصبحت تهدد الاستقرار السياسي والاقتصادي. الطبقة الوسطى بعد ارتفاع أصوات العديد من المحللين حول النكوص والتراجع الذي تشهده الطبقة الوسطى، وتفنيد ذلك من لدن جهات أخرى خاصة الرسمية منها، والتي تؤكد أن هذه الشريحة تعرف تحسنا ملموسا، جاء الخطاب الملكي ليسلط الأضواء من الجديد على هذه الطبقة التي تعتبر بأنها الشريحة السكانية التي تحقق دخلا يناهز معدل الدخل المتوسط لساكنة البلاد ككل، حيث أشار الملك محمد السادس إلى ضرورة أن يكون الهدف الإستراتيجي لكافة السياسات العمومية هو توسيع الطبقة الوسطى لتشكل القاعدة العريضة وعماد الاستقرار والقوة المحركة للإنتاج والإبداع . أسئلة كثيرة تطرحها الكتلة المكونة لهذه الطبقة سيما في ظل ارتفاع بعض أسعار المواد الأساسية، وارتفاع حدة الاحتجاجات في الآونة الأخيرة، ووجود ما يربو عن 5,17 في المائة من الساكنة في وضعية الهشاشة، وهو ما يعني أنها مهددة للدخول إلى مستنقع الفقر. تحديات ومشاكل بدأ البيت الداخلي للفئات المتوسطة بالمغرب يعرف العديد من المشاكل، وبات العديد من الموظفين في القطاع العام أو العاملين والمهنيين في القطاع الخاص في وضعية صعبة؛ إزاء انخفاض المداخيل أمام ارتفاع وتيرة العيش، وأمام تصاعد الاحتجاجات، ارتأت الحكومة أن تنظم حوار اجتماعيا مع النقابات الأكثر تمثيلية، تمخض عنه نتائج لم ترقى إلى انتظارات هذه النقابات. حسن قرنفل الأستاذ الجامعي لعلم الاجتماع يعتبر أن الطبقة الوسطى تتشكل من العديد من الفئات، ولها امتيازات اقتصادية، ولها موارد عيش قارة، تجعلها تعيش وضعية قارة، ولكن أمام ارتفاع الأسعار وجمود الأجور تتأثر هذه الطبقة وتفقد العديد من الامتيازات كتدني القدرة الشرائية لأنها تفتقد إلى فائض في الادخار، موضحا أن استقرار المجتمع رهين باتساع الطبقة الوسطى، فإذا عرفت توسعا فإن المجتمع يعرف تقدما واستقرارا، في حين أنه إذا كانت تتقلص فإن المجتمع لا يعرف نموا اقتصاديا، ويبقى مهددا في تطوره واستقراره، من ثم قال إن العديد من الدول تعمل على توسيع هذه الطبقة لأنها المحرك الرئيسي للاقتصاد، والقوة الاستهلاكية الأولى.من جهته اعتبر عبد القادر أزريع النقابي والاجتماعي، أن الطبقة الوسطى التي يمكن تعريفها من الناحية السوسيولوجية فئة متنوعة مهنيا، وتضم كل الأفراد المتوسطي الدخل، والذين يساهمون بشكل كبير في الاستهلاك، وهي تقع من الجانب المدخول بين الطبقتين العليا والدنيا، شهدت تراجعا على المستوى العالمي، موضحا أنها عرفت تفككا، وتوجد في وضعية اجتماعية هشة، وهناك أزمة مزدوجة في الواقع المغربي، حيث أن مثلا فئة المعلمين لا يمكنها أن تساهم في أي دينامية غير ديانمية الإستهلاك، معتبرا أن الطبقة المتوسطة في المغرب غير متحركة، وغير قادرة على التعبير عن أمرها أو الانخراط في الدينامية المجتمعية. تراجع أفادت المندوبية السامية للتخطيط أن حصة 20 في المائة الأكثر يسرا من الأسر من مجموع نفقات الاستهلاك تصل إلى 1,48 في المائة سنة ,2007 في حين لم تصل هذه الحصة عند 20 في المائة الأقل يسرا من الأسر سوى 5,6 في المائة، أرقام توضح اختلال النفقات في النسيج المجتمعي. وفيما يتعلق بآراء الأسر أشارت الدراسة إلى 30 في المائة تصرح أن مستواها المعيشي تراجع، وأن 36 في المائة من الأسر ترى أنه قد تحسن، وتعتبر 5,30 في المائة من الأسر أنه بقي مستقرا.من جهة ثانية أشار نزار البركة وزير الشؤون العامة الاقتصادية، خلال جوابه على سؤال شفوي في البرلمان لفريق العدالة والتنمية خلال الدورة الربيعية، حول دعم الطبقة الوسطى، أن هذه الطبقة توسعت ب2,1 مليون نسمة وذلك ناتج على تحسن الدخل حسب إحصاءات المندوبية السامية للتخطيط حول معيشة الأسر لسنة ,2007 وقد أدى هذا التطور إلى تحسين ظروف المواطنين وبالتالي إلى تغيير عاداتهم الاستهلاكية، حيث تم تسجيل ارتفاع وتيرة اقتناء المنازل، والسيارات ووسائل الاتصالات، وتطور ملحوظ في الاستهلاك الفردي بلغ معدله السنوي 1,5 في المائة بين 2001 و.2007واعتبر البركة أن الحكومة تنكب على العديد من الإصلاحات وذلك من أجل تطوير النمو الاقتصادي الذي يهدف تقوية الطبقة الوسطى، وذلك بالعمل على تحسين دخول المواطنين عبر الرفع من الأجور، وتخفيض الضريبة على الدخل وتوسيع الحماية الاجتماعية، ومواصلة دعم المواد الأساسية على الرغم من الزيادة المحدودة في ثمن الغاز و 350 والبنزين والفيول.