إذا كان الشعر الأمازيغي قد واكب عبر مسيرته الفنية مجموعة من الأحداث وأرخ لها ، فإنه بذلك لم يهجر بالمرة البيئة التي أنتجته من مهن وأشغال بمرتفعات الجبال والسهول معا ، بل ظل لصيقا بمجموعة من الحرف التي يزاولها المغاربة في البوادي والمرتبطة أساسا بالفلاحة البورية، ومن تم نجد جل شعراء الأمازيغ يمارسون مهنا مختلفة وغالبا ما تعكسها أشعارهم يل يمكن للدارس أن يستقي جملة من المفردات المبثوثة في ثنايا قصائدهم الشعرية و التي تنتمي إلى هذه المهنة أو تلك ... التوظيف الشعري للمهن... ومجموعة أرشاش من الفرق الغنائية التي استثمرت مهن متعددة في أدائها الشعري كقصائد : أكساب (مربي الماشية)، بابن تادارت ( مربي النحل)، أمزيل ( الحداد)، وسنتوقف عند هذه الأخيرة التي عنونتها المجموعة بـ مان سول إغامان ؟ خ ماذا بقي بعد ؟ -، حيث سنجد أن شاعر المجموعة مولاي علي شوهاد وظف مهنة الحدادة توظيفا فنيا مستعملا كل الإمكانات الفنية التي قادته إلى العديد من الاستعارات والتي لن يدرك أبعادها إلا الذين يتذوقون البعد الفني لـ أمارك أو الشعر الأمازيغي في إطاره الاجتماعي الصرف ، وسنلامس ذلك رفقة المتلقي حيث تقول المجموعة: - إ فاغ ؤمزيل أنوض إخلا تنسا تكات هاجر الحداد الموقد وانطفأت النيران، - أوناد دييوين ؤزال يوفاس أتيرار من جاء بحديده فليرجعه خير له، -كار أمزيل إغمدان كستنتفاغ الحداد غير الكفء باللقاط أعرفه، - أدوكان برمغ ؤزال سار إكات أكال لما أدير الحديد ينزل بالضربة على الأرض ، - إكول ؤمزيل أكراد ئيحمان أسار إتوت أقسم الحداد على أن يدك كل ما حمي، - إغوريك تكرسا كين تاسيلا واييس إن لم تصنع منه السكة فصفيحة الجواد ، - ؤريك ؤمزيل كرا غ توسكار لخير بئس الحداد غير آهل للخير... - أليغ إسكر تكلزيمت إسكر لمنشار لما ابتكر الفأس و المنشار معا، - إبياغ كولو تاكانت ؤراغ إفل مان دمر الغابة ولم يترك لنا... - وا مقارد أسكلو غ نتسونفو كيخ رميغ ولو شجرة نستظل بها عند العياء ، - مسماحناك مدن غار كيي أني غامان تسامح الناس كلهم ولم يبق سواك، - إغاك إروا ؤسكنكم تسلاتن تاسوت إذا أراحك القلق فابق عليه أبدا... - والي ؤريرين مدن نفلت سلا غمكان من لا يحب الناس تركناه لحاله وهنا يلاحظ القارئ توظيف مجموعة أرشاش للعديد من الوسائل و الأدوات في القصيدة أغلبها من الحديد ؤزال مثل السكة تكرسا و الصفيحة تاسيلا والفأس تكلزيمت والمنشار لمنشار وذلك للتعبير البالغ عما تتعرض له البيئة من تدمير قوي من قبل الإنسان اعتمادا على هذه الوسائل. (يتبع...)