إيفاد أئمة ووعاظ لمواكبة الجالية المغربية بالمهجر في رمضان    للمرة الثانية في أقل من شهر.. المغرب يرفض دخول برلمانيين أوروبيين داعمين لجبهة البوليساريو    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء سلبي    استقر في المرتبة 50 عالميا.. كيف يبني المغرب "قوة ناعمة" أكثر تأثيرا؟    ترامب: لا أفرض خطتي لتهجير الفلسطينيين.. ومصر والأردن فاجأوني برفضها    مواجهات بين كبار أوروبا أفرزتها قرعة الدوري الأوروبي    في ندوة منظمة النساء الاتحاديات حول الخبرة الجينية وإثبات النسب .. الدعوة إلى ضرورة التزام المغرب بالتوصيات الدولية الخاصة بحقوق الطفل    محكمة بالدار البيضاء تتابع الرابور "حليوة" في حالة سراح    لماذا تسارع استهداف المغرب من طرف الإرهاب؟    ولد الرشيد يجري مباحثات بالهندوراس    تصريحات وهبي تغضب "نادي القضاة"    الحسيمة.. توقيف شخص يشتبه في ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في تنظيم الهجرة غير المشروعة والاتجار في البشر    طقس بارد وأمطار وزخات رعدية متوقعة غدًا السبت بالمملكة    الملك محمد السادس يحل بمطار سانية الرمل بتطوان استعدادًا لقضاء شهر رمضان في الشمال    مصرع ستيني في حادث سير بطنجة بعد تعرضه للدهس    الكاتب العام لعمالة طنجة أصيلة يترأس اجتماعا للمصادقة على مشاريع "المبادرة الوطنية"    الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء تحدد تعريفة استخدام الشبكات الكهربائية للتوزيع ذات الجهد المتوسط    على بعد أيام قليلة عن انتهاء الشوط الثاني من الحملة الاستدراكية للتلقيح تراجع نسبي للحصبة وتسجيل 3365 حالة إصابة و 6 وفيات خلال الأسبوع الفارط    مليلية المحتلة تستقبل أول شاحنة محملة بالأسماك المغربية    قافلة صحية متعددة التخصصات وحملة للتحسيس بمخاطر بوحمرون بإقليم ورزازات    نتنياهو يزور طولكرم ويهدد بالتصعيد    متابعة الرابور "حليوة" في حالة سراح    المغرب يشارك في الدورة ال58 لمجلس حقوق الإنسان    الرجاء يعلن منع تنقل جماهيره إلى مدينة القنيطرة لحضور مباراة "الكلاسيكو"    المغرب ضيف شرف المعرض الدولي للفلاحة بباريس.. تكريم استثنائي لرائد إقليمي في الفلاحة الذكية والمستدامة    المحكمة الإدارية بالرباط ترفض التصريح بتأسيس "حزب التجديد والتقدم"    الملك محمد السادس يهنئ عاهل مملكة النرويج بمناسبة عيد ميلاده    المندوبية السامية للتخطيط تسجل ارتفاعا في كلفة المعيشة في المغرب    المقاتلات الشبحية F-35.. نقلة نوعية في القوة العسكرية المغربية    منع مشجعي الرجاء البيضاوي من حضور مباراة فريقههم أمام الجيش الملكي    النصيري يسجل من جديد ويساهم في تأهل فنربخشه إلى ثمن نهائي الدوري الأوروبي    مضمار "دونور".. كلايبي يوضح:"المضمار الذي سيحيط بالملعب سيكون باللون الأزرق"    إطلاق تقرير"الرقمنة 2025″ في المنتدى السعودي للإعلام    شي جين بينغ يؤكد على آفاق واعدة لتنمية القطاع الخاص خلال ندوة حول الشركات الخاصة    روايات نجيب محفوظ.. تشريح شرائح اجتماعيّة من قاع المدينة    الاقتصاد السوري يحتاج إلى نصف قرن لاستعادة عافيته بعد الحرب التي دمرته    تراجع احتمالات اصطدام كويكب بالأرض في 2032 إلى النصف    إطلاق أول رحلة جوية بين المغرب وأوروبا باستخدام وقود مستدام    فضاء: المسبار الصيني "تيانون-2" سيتم اطلاقه في النصف الأول من 2025 (هيئة)    كيف ستغير تقنية 5G تكنولوجيا المستقبل في عام 2025: آفاق رئيسية    "بيت الشعر" يقدّم 18 منشورا جديدا    حوار مع "شات جيبيتي" .. هل تكون قرطبة الأرجنتينية هي الأصل؟    أوشلا: الزعيم مطالب بالمكر الكروي لعبور عقبة بيراميدز -فيديو-    "حماس" تنتقد ازدواجية الصليب الأحمر في التعامل مع جثامين الأسرى الإسرائيليين    طه المنصوري رئيس العصبة الوطنية للكرة المتنوعة والإسباني غوميز يطلقان من مالقا أول نسخة لكأس أبطال المغرب وإسبانيا في الكرة الشاطئية    سفيان بوفال وقع على لقاء رائع ضد اياكس امستردام    6 وفيات وأكثر من 3000 إصابة بسبب بوحمرون خلال أسبوع بالمغرب    غشت المقبل آخر موعد لاستلام الأعمال المشاركة في المسابقة الدولية ل "فن الخط العربي"    ثغرات المهرجانات والمعارض والأسابيع الثقافية بتاوريرت تدعو إلى التفكير في تجاوزها مستقبلا    إطلاق النسخة التاسعة للجائزة الوطنية الكبرى للصحافة في المجال الفلاحي والقروي    الذكاء الاصطناعي يتفوق على البشر في تحليل بيانات أجهزة مراقبة القلب    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    حصيلة عدوى الحصبة في المغرب    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    دراسة تكشف عن ثلاثية صحية لإبطاء الشيخوخة وتقليل خطر السرطان    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أجل رؤية جديدة للعمل الأمازيغي: الجزء الثاني

لاهاي / هولندا
الوضع الأمازيغي الراهن:
إن إجراء قراءة سريعة للمشهد الأمازيغي في كل إبعاده، وبعد انقضاء أربعين سنة من النضال الأمازيغي المدني السلمي، تجعل مسالة إعادة النظر(النقد الذاتي) في طرق وإستراتيجية الحركة الأمازيغية مسالة لا مناص منها في ظل الظروف والمعطيات القائمة حاليا، وطنيا ودوليا. حيث أن متابعة التطورات التنظيمية والفكرية للحركة الأمازيغية(نقصد هنا تصورات ومواقف الحركة) تفيد بشكل لا يدعى مجالا للشك أن المشهد الأمازيغي برمته، مع وجود واسع للفعل الأمازيغي بشكل فردي وجماعي، يعيش خلال العقد الأخير من تاريخ الحركة الأمازيغية بالمغرب؛ خاصة بعد تأسيس ما يسمى "بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية" كما أسلفنا القول أعلاه، (الجزء الأول) حالة من التشتت والانقسام والصراعات الثنائية بين الإطراف الأمازيغية.
مما لا ريب فيه أن الحركة الأمازيغية تعيش في المرحلة الراهنة منعطفا جديدا في مسارها النضالي العام، حيث برزت ملامح وإرهاصات هذه المرحلة مباشرة بعد تأسيس ما يسمى "بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية " سنة 2001، ومرورا بعد ذلك ببدء مسلسل تدريس الأمازيغية في موسم 2003-2004 وصولا إلى مسالة اختيار حرف تيفيناغ كحرف لتدريس وكتابة اللغة الأمازيغية في فبراير2003، ثم انسحاب سبعة أعضاء من المجلس الإداري للمعهد في فبراير 2005، وانتهاءا بمحاكمة الحزب الأمازيغي الديمقراطي المغربي والعديد من المناضلين الأمازيغيين في الجامعات، إضافة إلى الصراعات والانشقاقات التي عرفها الكونكريس العالمي الأمازيغي إثناء انعقاد مؤتمره الخامس. فإلى جانب هذه التطورات الخطيرة على مستقبل الحركة الأمازيغية، يمكن الإشارة أيضا إلى تزايد " الانتقادات" للحركة الأمازيغية سواء من طرف خصومها التقليدين، ومن طرف الإسلاميين تحديدا، أو من طرف الأمازيغ أنفسهم، مع اختلاف الأهداف والغايات لكل طرف بطبيعة الحال.
وفي هذا السياق يمكن الإشارة بعجالة إلى العديد من المقالات الصحفية التي نشرت على ظهر بعض المواقع الكترونية المغربية خلال الأسابيع القليلة الماضية، المقالات التي تحاول معالجة جملة من القضايا التي تثيرها الحركة الأمازيغية، أو تطرح عليها من قبل الخصوم والمتنافسين لها، من قبيل: الإسلام، العلمانية، العلاقات اليهودية الأمازيغية، وغيرها من القضايا الشائكة في الخطاب الأمازيغي. نشير على سبيل المثال وليس الحصر إلى مقالات الأستاذ محمد بودهان، سعيد بلعربي، محمد أسويق، رشيد الإدريسي، التجاني بولعوالي، منير الكرودي، أنديش إيدير، فكري الأزرق، يوسف رشدي، اشهبار المتقى، مصطفى عنترة، احمد عصيد، المهدي مالك وغيرهم من الكتاب والمهتمين بالشأن الأمازيغي.
هذه المقالات وغيرها، كانت هي أيضا حافزا موضوعيا في بحث ودراسة الواقع الأمازيغي قصد المساهمة في إيجاد الحلول الممكنة، أو على الأقل توضيح بعض القضايا والأمور التي تعتبر محطة اختلاف بين الفاعلين الأمازيغيين على مختلف مشاربهم الفكرية وانتماءاتهم الإيديولوجية وانحداراتهم الجغرافية. لكن ليس من منطلق الرد والانتقاد، وإنما من منطلق الحوار والنقاش الجدي الهادف إلى بناء تصور ديمقراطي عقلاني للقضية الأمازيغية.
لقد حاول الأستاذ منير الكرودي على سبيل المثال، من خلال مقاله " الحركة الأمازيغية، القناع أو الوجه الآخر للمخزن " المنشور على صفحات شبكة دليل الريف، تحليل الواقع الراهن للحركة الأمازيغية التي تعيش دون شك فترة عسيرة من تاريخها النضالي الممتد عبر أزيد من أربعين سنة من النضال المدني والسلمي. هذه المسالة قد لا يختلف عليها ربما احد، حيث أن كل الوقائع والمؤشرات القائمة في الواقع الأمازيغي الراهن تشير إلى هذه الحقيقية. لهذا نقول بالفعل هناك كثير من مظاهر التوتر والغموض في المجتمع المغربي المعاصر، والتي تجعل مهمة القيام بقراءة صحيحة ودقيقة للوضع الأمازيغي غير ممكنة في ظل استمرار الوضع السياسي والاجتماعي والقانوني القائم حاليا في بلادنا. لكن رغم هذه الأوضاع الصعبة على جميع المستويات فان بعض المؤشرات الايجابية والحيوية تجعل مسالة الوصول إلى صيغة أكثر عقلانية وتأثيرا في المشهد المغربي ممكنة وقائمة.
وصحيح أيضا أن الواقع الذي نعيشه اليوم شديد التعقيد والتشابك، وهو حصيلة تراكم أخطاء وأوهام سابقة، ولسقوط وتراجع أفكار وأحلام جميلة. ولكن أن يتحول الأمر إلى " الموت السريري" كما يقول الأستاذ الكرودي في مقاله، السالف الذكر، ففي هذه الحالة يجب على المناضلين الأمازيغ التدخل الفوري لإنقاذ ما يمكن أنقاده من انهيار وتدهور معنويات إمازيغن أمام انسداد الأفق في تحقيق مطالب الحركة الأمازيغية. وقبل أن أخوض في مناقشة بعض المواقف التي عبر عنها الأخ منير وغيره، أود الإشارة إلى أن المقال يعبر في العمق، وفي كثير من أجزائه، عن مواقف الحركة الثقافية الأمازيغية بالجامعة، إذا كان من حقنا ممارسة نوع من التصنيف على المقال، كما يتميز المقال بنظرة قاتمة وسوداوية جدا لماضي الحركة الأمازيغية، وبنظرة أكثر تشاؤمية نحو مستقبل الحركة الأمازيغية التي يتجاذبها الكثير من الصراعات الثنائية حول الزعامة والقيادة( الكونكريس العالمي الأمازيغي نموذجا) من جهة، ومن جهة ثانية يتجاذبها صراع فكري ونظري حول الانتقال من العمل الثقافي إلى العمل السياسي المباشر، والمقصود هنا هو العمل الحزبي المنظم وليس العمل السياسي فقط، لكون أن العمل الأمازيغي في العمق هو عمل سياسي بامتياز ليس إلا. ويمكن للمرء أن يستخلص ذلك من طبيعة المطالب والأهداف التي تناضل من اجلها الحركة الأمازيغية، بالرغم من طابعها الثقافي والحقوقي ظاهريا.
أمام هذا الواقع الذي لا يمكن إنكاره والتغاضي عليه، مهما اختلفت مواقفنا ومرجعياتنا وتصوراتنا للقضية الأمازيغية مع الأخ الكرودي أو غيره، فإننا كفاعلين أمازيغيين ديمقراطيين علمانيين نسعى إلى خدمة القضية الأمازيغية في إبعادها المتعددة لا يمكن لنا إنكار حقيقة الواقع الذي تعيشه الحركة الأمازيغية، مع اقتناعنا الراسخ بان ممارسة النقد الذاتي مسالة ضرورية، بل وحتمية، إذا أردنا الخروج من الوضع الراهن، كما إننا مقتنعون بضرورة تعزيز العمل الوحدوي الأمازيغي لمواجهة التحديات التي تواجه الحركة الأمازيغية حاضرا ومستقبلا، وهي التحديات التي تعرقل النمو والتطور الحتمي للحركة الأمازيغية. لهذا نعتقد أن الحركة الأمازيغية تعيش بالفعل مرحلة عسيرة وخطيرة من تاريخها، حيث يمتد ويستمر الحصار والإقصاء رغم الاعتراف السياسي "الجزئي بالأمازيغية " من اعلي سلطة في البلاد.
لكن هذا الواقع البائس لا ينفى أبدا حقيقية أخرى، كما لا يعطينا الحق نهائيا في إصدار أحكام قيمة حول انجازات الحركة الأمازيغية كما فعل الأخ منير من خلال مقاله الأنف الذكر، حيث يجب مناقشة الواقع الأمازيغي في سياق الظروف والمناخ السائد وطنيا ودوليا، التي تعرضت خلاله الحركة الأمازيغية لعملية المد والجزر، هذا مع العلم أن السياسة هي فن الممكن أو بصيغة أخرى، يجب علينا أن نفكر في ماذا يمكن تحقيقه وليس فيما يجب تحقيقه. ومن هذا المنطلق فإن مقالتنا هذه لا تندرج في إطار الكتابة التاريخية، وان كانت تتضمن مقاربة تاريخية، ذلك أن الهدف منها هو معالجة الواقع الأمازيغي من خلال محاورة المستقبل قبل أن تساءل الماضي. طبعا الحوار مع المستقبل لا يستقيم إلا بقراءة الماضي ووعي دروسه، الأمر الذي يجعل هذه القراءة نقدية من ناحية وتلتمس خيرا للحركة الأمازيغية من ناحية ثانية. نقدية لأنها حريصة على التوجه إلى المستقبل أكثر من حرصها على الانغلاق في الماضي، المليء بالخطأ والصواب معا.
ولعل البحث عن مستقبل أمازيغي أفضل، كما التنقيب عن حقيقة موضوعية بعيدة عن الأهواء والانحيازات الفكرية والسياسية المسبقة فرض علينا منهجية صارمة تقرأ الماضي بحثا عن الحاضر، وتبحث في الماضي سعيا وراء معرفة موضوعية.
انطلاقا من هذا المنظور لا يمكن لنا أن نتجاوز هكذا وبسهولة الانجازات الفكرية والسياسية والاجتماعية والإعلامية التي حققتها الحركة الأمازيغية على مدار أزيد من أربيعين سنة من النضال السلمي والمدني،كما قلنا، وفي ظل الحصار والإقصاء الممنهج والمستمر ضدها مند صدور ما يسمى بالظهير البربري سنة 1930، ورغم إمكانياتها المالية المحدودة جدا، ورغم كذلك إكراهات العمل الجمعوي الذي هو في معظمه عمل تطوعي محض. رغم هذه المعانات القاسية استطاعت الحركة الأمازيغية أن تحقق عدة انجازات مهمة جدا في صراعها من اجل الوجود، فهكذا نسجل على المستويات التالية خطوات مهمة للغاية نحو تحقيق واثبات الذات الأمازيغية فوق وطنها التاريخي.
على المستوى الفكري والأدبي تم انجاز العشرات بل المئات من الدراسات العلمية في اللغة والتاريخ والأدب الأمازيغي (القصة،الرواية،المسرح والشعر ...).
على المستوى التعليمي تم إدخال اللغة الأمازيغية في المنظومة التعليمية بالمغرب للمرة الأول في تاريخ المغرب المعاصر، سواء عبر ميثاق التربية والتكوين أو عبر تدريسها في التعليم الابتدائي، كما تم إحداث كرسي جامعي للغة والثقافة الأمازيغية في كل من جامعة أكادير، وجامعة وجدة، وجامعة فاس.
على المستوى السياسي تم الاعتراف باللغة والهوية الأمازيغتين إلى جانب المكونات والروافد الأخرى في الثقافة المغربية، ولو في إطار المنظومة العربية الإسلامية كما يقول الأخ الكرودي.
على المستوى الإعلامي تم إدخال اللغة والثقافة والفيلم الأمازيغي إلى التلفزيون الرسمي المغربي سواء عبر نشرات الأخبار أو في برامج ثقافية وترفيهية، بل وتأسيس قناة أمازيغية كذلك.
على المستوى المؤسساتي تم تأسيس مؤسسة خاصة للثقافة الأمازيغية وهي مؤسسة " المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية".
هذه الانجازات التي ذكرناها باختصار شديد، والتي لا يعني بالضرورة إننا متفقون حول كيفية اشتغالها وأهدافها، ولكن من اجل إنصاف الرواد الأوائل للحركة الأمازيغية يجب أن نقول أن كل ما تحقق من مكاسب مادية ومعنوية للثقافة الأمازيغية، مهما اختلافنا حولها وتحفظنا عنها، حيث ربما كانت طموحاتنا أكبر من ذلك بكثير، يجب الاعتراف أن ذلك تحقق بفعل النضال الذي خاضته الحركة الأمازيغية.
فهل كان بإمكاننا مثلا أن نسمع عن شيء اسمه " المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية" أو"القناة الأمازيغية" لولا نضال الحركة الأمازيغية التي دعانا الأستاذ الكرودي لقراءة الفاتحة عنها ؟ . لولا النضال المستميت للحركة الأمازيغية أيضا هل كان بإمكاننا أن نسمع كلمة الأمازيغية في الخطابات الرسمية للدولة وفي شخص الملك نفسه؟.
ومن اجل الإنصاف والحقيقة دائما أود الآن التطرق إلى بعض النتائج وألخلاصات التي توصلنا إليها من خلال دراستنا للواقع الأمازيغي الراهن. فعند معالجتنا وفحصنا للواقع الأمازيغي الراهن وفق ما نتوفر عليه من المراجع والمعطيات المتوفرة لدينا، ومن خلال أيضا عدة نقاشات ثنائية وجماعية مع الفاعلين الأمازيغيين، سواء في المغرب أو في الخارج، خاصة في أوربا الغربية، النقاشات التي تساعد على معرفة وجهات النظر الأخرى حول الواقع الراهن للحركة الأمازيغية بالمغرب، استخلصنا أن أزمة الحركة الأمازيغية بالمغرب تتمثل أساسا في ما يلي:
أولا: إن أسباب الأزمة الراهنة للحركة الأمازيغية هي أسباب متعددة ومتنوعة، يدخل فيها السياسي والاقتصادي والقانوني (الجانب الموضوعي) بما هو ثقافي واجتماعي( الجانب الذاتي) كما أن العامل الخارجي له دور حاسم في الموضوع.
ثانيا: يعتبر غياب الثقافة الديمقراطية داخل المجتمع المغربي بشكل عام، كفكر وكسلوك وكقناعة وكممارسة في نهاية المطاف، من بين احد ابرز مظاهر الأزمة التي تعصف بالحركة الأمازيغية. وفي هذا الإطار نشير على سبيل المثال إلى وجود بعض مكاتب الجمعيات الأمازيغية التي لم تتغير مكاتبها مند تأسيسها.
ثالثا: هناك أزمة التفكير والإبداع (التجديد الإبداعي) خاصة في القضايا السياسية والفكرية الكبرى للشعب الأمازيغي، مما يجعل الحركة الأمازيغية عاجزة عن وضع إستراتيجية واضحة الملامح والأهداف، وتقدم بدائل تخرجه من حالة الركود والتراجع الذي تعيشه (الحركة الأمازيغية) هذا من جهة ومن جهة ثانية عاجزة أيضا عن تقديم إجابات شافية ومقنعة لقضايا الإنسان الأمازيغي خاصة في بعدها الاجتماعي.
رابعا: الأزمة التي تعيشها الحركة الأمازيغية هي أزمة ظرفية وليست بنيوية، وذلك لكون أن الحركة الأمازيغية كانت أصلا حركة هشة وضعيفة، خاصة على المستوى التنظيمي.
خامسا: هناك نزوع نحو الخطاب الديني والقومي اليميني لبعض فصائل الحركة الأمازيغية. كما أن النزوع نحو الخطاب المحلي الضيق هو السائد في خطاب الحركة الأمازيغية بشكل عام، وهذا ما يفسر غياب فروع للجمعيات الأمازيغية ذات الطابع الوطني في مناطق الشمال والشرق.
سادسا: غياب مؤسسات ( معاهد) ومنظمات (نقابات) أمازيغية تعني وتهتم بالمبدع الأمازيغي.
هذه هي بعض ابرز السمات التي تميز المشهد الأمازيغي الراهن في اعتقادنا المتواضع، وتأثير هذا الوضع على مردودية النضال الأمازيغي الديمقراطي المستقل كبير جدا، خاصة في ظل استمرار وتكريس العمل الأمازيغي المحلي.
استنادا إلى المعطيات السابقة توضيحها، يبدو أن عملية التفكير الجماعي، الجدي والمسئول، في تغيير وتطوير آليات واستراتيجيات الحركة الأمازيغية في أفق تحسين أدائها وصورتها النضالية مسالة حتمية لا مفر منها، إذا أردنا بالفعل بناء حركة أمازيغية ديمقراطية مستقلة تقدمية واحتجاجية. والطريق نحو دلك يبدأ في اعتقادنا من مسالة الوضوح الفكري:
لماذا الوضوح الفكري؟:
تكتسي عملية الوضوح الفكري أهمية بالغة في سياق الأزمة التي دخلتها الحركة الأمازيغية بعد تأسيس ما يسمى " بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية" الذي هو في العمق المعهد الملكي للثقافة السوسية، وتكمن أيضا أهمية هذه العملية ( عملية الوضوح الفكري) في التطورات المتلاحقة في المشهد المغربي الراهن، حيث أن كل المعطيات والمستجدات التي عرفها بلادنا خلال الآونة الأخيرة والتي مازالت حلقاتها مستمرة تؤكد على ضرورة إعادة النظر في ما يسمى " بالعهد الجديد".
انطلاقا من هذا التصور فان أولى المهام المطروحة علينا في الوقت الحاضر هي إعادة بناء تصورنا للقضية الأمازيغية التي كانت ومازالت ( في اغلب الأحيان) تحدده نزعة ثقافية وحقوقية، مما يجعل علاقتنا بالجماهير علاقة يطبعها الاغتراب وعدم الانصهار في همومها اليومية والتجاوب مع تطلعاته وتمنياته في مستقبل أفضل..
إن الوعي بأهمية النضال الديمقراطي الجماهيري ليس بالأمر الجديد، ولكن الجديد في الموضوع هو الوعي بالسلبيات والقصور الذي طبع ( ويطبع) تصورنا وممارستنا للنضال الديمقراطي الأمازيغي. لهذا فان الحركة الأمازيغية اليوم مطالبة باستئناف الثورة الثقافية لتأصيل ثقافة الحوار والديمقراطية في الحقل السياسي والاجتماعي بالمغرب. كما أنها مطالبة بالنضال إلى جانب القوى الديمقراطية والتقدمية في بلادنا وخارجه أيضا، أكثر من أية وقت مضت، من اجل بناء مغرب فيدرالي ديمقراطي منفتح ومتعدد.
ومن اجل ذلك نرى أن النضال المستقبلي للحركة الأمازيغية الديمقراطية المستقلة يجب أن يصب على المحاور التالية:
1: تكثيف العمل المشترك بين المنظمات والجمعيات الأمازيغية الديمقراطية المستقلة في أفق توحيد العمل الأمازيغي. لماذا لم يتم الاحتفال بالسنة الأمازيغية مثلا بشكل جماعي كما هو الحال عند الأكراد، ولو على مستوى المدينة / المدن وليس الجهات ؟.
2: دعم ومساندة الكتاب والمبدعين الأمازيغيين.
3: ابتكار آليات جديدة لفضح السياسية الرسمية تجاه الأمازيغية.
4: فتح حوار وطني شامل وديمقراطي حول المطالب الأمازيغية الديمقراطية، وخاصة مع القوى الديمقراطية والتقدمية بالمغرب.
5: تأسيس هيئة أمازيغية وطنية ديمقراطية مستقلة تكون بمثابة المحاور الرسمي مع الجهات الرسمية المعنية (النطاق الرسمي باسم الحركة الأمازيغية).
6: ضرورة وضع ميثاق أمازيغي جديد يتماشي مع التطورات والمستجدات وطنيا ودوليا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.