قال عمر الكتاني، أستاذ اقتصاد التنمية بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن التضخم الذي يعرفه قطاع المواد الغذائية وقطاع السكن، أسهم في ظهور ما أسماه بـمافيا العقار في المغرب، تغتني على حساب الفقراء، وتستغل الظرف الاقتصادي والاجتماعي لجمع الثروة عن طريق المضاربة العقارية، التي أشعل لهيبها دخول مسؤولين في الدولة إلى مجال المنافسة التي كانت في أحيان كثيرة غير شريفة ولا متكافئة. وأكد الكتاني في محاضرة نظمها منتدى الباحثين الشباب بمنظمة التجديد الطلابي، بعنوان التضخم بالمغرب وآثاره الاقتصادية والاجتماعية، أن سياسة محاربة الفقر التي اتبعتها الدولة في السنوات الأخيرة مآلها الفشل، بسبب التضخم وارتفاع الأسعار، والحياد السلبي للدولة أمام ما يقع من شراهة وطمع في امتلاك العقار العمومي وأراضي الجموع والأحباس، ينعكس سلبا على الطلب المتزايد على السكن. وأوضح الكتاني أن الأسباب الخارجية للتضخم التي تبرّر بارتفاع أسعار الطاقة في السوق الدولية، فإنه لا يبرّر السياسة الطاقية للمغرب، على اعتبار أن الدولي غير البترولية، دائما تبحث عن بدائل، في حين بقي المغرب طيلة الخمسين سنة الماضية بدون رؤية، واعتبر المتحدث أن فتح المجال أمام الشركات النفطية للتنقيب عن البترول في المغرب لا يمثل حلاّ عمليا، لأن نتائج التنقيب غير مضمونة. مبرزا أن المغرب لا يعاني من ارتفاع أسعار البترول فقط، بل من ارتفاع أسعار الحبوب، مما جعله في وضع لا يحسد عليه، اضطره إلى طلب مساعدات خليجية للاستهلاك. أما بخصوص الأسباب الداخلية، أبرز الكتاني أنها بدأت بسوء تدبير المغادرة الطوعية، حيث وزعت الدولة 1200 مليار سنتيم دون أن تضع رؤية لكيفية امتصاصها، وهو ما جعل جميع الذين استفادوا من المغادرة يتجهون نحو قطاع السكن، رغبة في امتلاك مسكن، الأمر الذي سبّب ضغطا انعكس في ارتفاع مواد البناء والعقار. كما أن انخفاض الإنتاج الفلاحي بسبب قلة الأمطار، كان له دور في ذلك، وحمّل الكتاني المسؤولية للدولة التي لا تتوفر على سياسة فلاحية، ولم تعمل على تأهيل الفلاح المغربي وتعليمه، بل حافظت وعملت على تجهيله. ومن نتائج ذلك، أكد الكتاني أن التضخم قطع الطريق على الاستثمار في المجال الاجتماعي، بحيث أن الدولة لم توقع منذ 2006 أي اتفاقية جديدة، بسبب ارتفاع أسعار مواد البناء والعقار. ومن جهة أخرى، يقول المتحدث، ظهرت فئة اغتنت بسرعة على حساب هذا الوضع، منها مسؤولون في الدولة، بطريقة غير شرعية ولا منطقية، فهو اغتناء بسبب المضاربة وليس بسبب الإنتاج. وأضاف الكتاني أن هذا الوضع سيزيد من توسيع دائرة الفساد، ذلك أن الرشوة ستنتشر، ليس لأسباب أخلاقية بل موضوعية، حيث الخناق سيشد على الموظفين الصغار، أكثر من ذلك، أكد الكتاني أن استمرار التضخم في قطاع السكن يؤشر على تبلور اقتصاد للأغنياء يستقل تدريجيا عن اقتصاد الفقراء، ولا يعني ذلك أن نسبة النمو ستتراجع ـ بل يمكن تحقيق نسبة 6 في المائة سنويا، لكن لن يستفيد منها الفقراء، بل تعود على الأغنياء فقط. واعتبر الكتاني أن المخرج من هذا الوضع يحتاج إلى سنّ سياسة التقشف، التي تتطلب إرادة سياسية عامة، وأكد أن هذا الخيار لن يتحقق إلا بضغط اجتماعي وسياسي ونقابي، متسائلا عما إذا كانت الأحزاب والنقابات والجمعيات قادرة على ذلك.