قال أحد الحاضرين أثناء لقاء تسليم الهبة الملكية لبعض الفرق الموسيقية المغربية التي شاركت في مهرجان موازين ـ حسب ما نقلته إحدى الجرائد الوطنية أمس ـ إنها رسالة >كانت أكثر من واضحة، الملك يعلنها نايضة في وجه الإسلاميين، وفي ذلك لا يمكن إلا أن نسانده، إنه فعلا ملك الشباب<. طبعا، لا يمكن أن يجادل أحد أن جلالة الملك هو ملك الشباب، لكن هو أيضا ملك لجميع المغاربة بمختلف أطيافهم ومشاربهم السياسية والفكرية، ولا يمكن بحال أن تقرأ وتؤول مبادراته على أنها ضد طيف من الأطياف السياسية الفاعلة في المغرب، وكل مسعى يسير في هذا الاتجاه يمثل استعادة للعبة أوفقيرية قديمة وقذرة تستهدف استعمال اسم الملك لتصفية الحساب مع خصوم سياسيين. إن تأويل مبادرة الملك بهذه الطريقة الفجة لا يعني فقط استعمال اسم الملك في مماحكات سياسية، وإنما يعني كذلك إفراغ مبادرته من مضمونها وبعدها الإنساني والثقافي. وكم تكون شناعة التأويل بادية ومسيئة لشخص الملك ورمزيته حين تقرأ مبادرته على أساس أنها تشجيع لأشكال تعبيرية ينتصب على قائمتها أحد رموز الراب الذي يعلن الحرب على الحركات الإسلامية في مقطع من أغنيته: بلادي بلاد العدل والإحسان والتنمية، بلادي بلاد اللي تفركعو ما عند جد بوهم نية؟!! كما جاء في المقال ذاته. يبدو أن مثل هذه التأويلات المتعسفة لا ينقصها فقط الحس الصحيح في القراءة، بل تقدم عينة من التفكير الذي يحكم بعض الموسيقيين الشباب والذين لم يعودوا يتورعون عن الانزلاق في مواجهة أي طرف سياسي أو مدني، حيث لم يترددوا في تقديم ذلك التصريح. لقد كنا نتمنى أن تكون نايضة فعلا ضد الفقر والجهل وسوء التغذية والرشوة والمرض والتدهور الأخلاقي واستغلال النفوذ... أما أن تُؤول الهبة الملكية في سياق استصدار دعم ضد الإسلاميين، فهذا تعبير عن أزمة ديمقراطية عميقة عند بعض الخصوم. ولو كان يصح أن تقرأ مبادرات الملك بهذه الطريقة الفجة التي تصور فيه هبته كأنها جواب سياسي، لصح أن نجعل من مواقفه التصحيحية لأداء الحكومة ولقرارات الوزير الأول رسالة سياسية متعددة المعاني يكون أول معنى فيها هو توجيه ضربة سياسية إلى وزيره الأول وذلك على سبيل المثال حين تمت المراجعة الملكية لمرسوم الوزير الأول الذي ألحق وكالات التنمية الاجتماعية بوزارة التنمية المجالية، وأعيدت ببلاغ ملكي إلى الوزارة الأولى.