ما هو تقييمكم لوتيرة الفساد الإداري خلال الأشهر الأخيرة؟ لابد من التأكيد على أن المؤشر الوحيد الآن لمحاربة كل أشكال الفاسد بالمغرب؛ هو وجود الإرادة الحقيقية من طرف أجهزة الدولة، وذلك عبر التفعيل، وليس التطبيل للقوانين، سواء المعدلة أو الجديدة، ومع الأسف؛ فإن التقارير الدولية وجمعيات المجتمع المدني، العاملة في الميدان؛ تؤكد أن الفساد مازال يلقي بضلاله على المغرب، فعلى سبيل المثال؛ احتل المغرب الرتبة 27 في مؤشر الرشوة؛ من بين 682 دولة سنة 7002, وهو رقم متأخر بالمقارنة مع بعض الدول العربية، إضافة إلى احتلاله للرتبة 621 على سلم التنمية البشرية، المرتكز على جودة الخدمات الاجتماعية من قبل الصحة والتعليم، بالإضافة إلى ما ينشر بالجرائد الوطنية حول استشراء الفساد والرشوة. هل استطاع المغرب أن يؤسس لآليات جديدة لحماية المال العام، واعتماد إصلاحات تروم الحد من الفساد الإداري؟ المشكلة لدينا في المغرب، كما قلت، مرتبطة بالإرادة السياسية؛ التي تقتضي القطع مع هيمنة اللوبيات المؤسسة لاقتصاد الريع، وطردهم من مراكز القرار السياسي والاقتصادي، وتفعيل القوانين الجيدة، وتعديل القديمة، سواء القوانين المتعلقة بحماية المال العام أي الرقابية، أو الزجرية. وهنا نقول إن بعض القوانين التي تم سنها خلال الولاية السابقة؛ لم ترقى إلى التوقعات، حيث تم إفراغها من المحتوى، واعتمد على الشكل فقط؛ مثل قانون التصريح بالممتلكات، وتبيض الأموال التي لم تتضمن جزاءات حقيقية، كفيلة بردع الناهبين والمرتشين الكبار، علما أن الدولة لم تقدم أي إشارات قضائية في هذا الميدان، لا من خلال المتابعات، ولا من خلال استرجاع الأموال المنهوبة؛ التي نعتقد أن استعادتها وتشغيلها في التنمية؛ قد يخفف من حدة الفقر بالمغرب. العديد من المتتبعين يؤكدون على ضرورة تفعيل المساطر القانونية للحد من نهب المال العام، ما هي إذن الإجراءات الكفيلة للتغلب على الظاهرة؟ في الإطار العام؛ نحن في الهيئة الوطنية لحماية المال العام؛ نعتبر أن المدخل الأساسي هو المدخل الدستوري؛ عبر إقرار وثيقة دستورية متحاور بشأنها، تحدد بوضوح فصلا للسلط واختصاصاتها، ثم الإقرار الفوري، عبر إجراءات قانونية، على استقلال القضاء، وتخليص القضاة من سياسة الهواتف، وتخليص الجسم القضائي من الرشوة، لأن قناعتنا وقناعة الكل أن القضاء النزيه هو الضمانة الأساسية لتطبيق القانون، والكفيل بإقرار دولة الحق والقضاء؛ حسب التعريف الإيطالي.