في خطة جديدة، لترقية منظومة التشغيل في الجزائر، رصدت السلطات هناك أربعمائة مليون يورو لترقية قطاع الشغل هناك، وقال وزير العمل والتشغيل الجزائري الطيب لوح أن حكومة بلاده خصصت الغلاف المالي المذكور لتطبيق الجهاز الجديد للنهوض بالتشغيل، وسيوضع هذا الجهاز بحسب إفادات المنظّم بموجب مرسوم تنفيذي، على المحك في شهر يونيو القادم، في خطوة تعول عليها أكثر من جهة لإنهاء معضلة استثمار القوى الشابة المزمنة في الجزائر، بعدما ضاقت سبل الحياة بآلاف العاطلين عن العمل من حاملي الشهادات، تماما مثل أولئك الذين لفظتهم المدارس قبل الآوان، وجعلتهم يرتمون في أحضان الهجرة غير الشرعية. وتقول الحكومة الجزائرية، أن نسبة البطالة هي بحدود 13,8 بالمائة، على طرف نقيض، تشدد مؤسسات دولية معروفة، وعلى رأسها هيئة أوكسفورد بيزنس غروب، استنادا إلى تقديرات خبراء، أن نسبة البطالة في الجزائر باتت تقدر بحوالي 30 بالمائة، وتخص فئة الشباب تحديدا، عكس ما ذهبت إليه التقارير الحكومية الجزائرية، وتجمع أكثر من هيئة دولية على أن السلطات الجزائرية لم تنجح في معالجة جوهرية ذكية لأزمة التشغيل المطروحة بحدة. وتريد السلطات الجزائرية تسهيل إدماج ثلاثة فئات رئيسة في عالم الشغل، وهي فئة حاملي الشهادات الجامعية والحاصلين على شهادات تقنيين سامين في التكوين المهني، وكذا فئة الشباب الذين لهم مستوى التعليم الثانوي، في مسعى لتخفيض معدلات البطالة إلى حدود 9 في المائة بحلول العام ,2009 في وقت تشير إحصائيات غير رسمية إلى أن إجمالي عدد العاطلين عن العمل يصل إلى ثلاثة ملايين شخص، ويصل عدد طالبي العمل إلى 230 ألف كل سنة، وتتحدث تقارير عن بلوغ نسبة البطالة عند الأشخاص تحت سن الـ,30 منحنى الـ 72 بالمائة من إجمالي البطالين، وأن 85,6 بالمائة منهم دون الـ35 سنة، فيما يصل عدد العاطلين عن العمل من ذوي الشهادات إلى 430 ألفا، يضاف إليهم 50 ألف طلب عمل جديد سنويا. ويبدو أنّ الحكومة الجزائرية بعد طول مد وجزر، قررت الرضوخ لمطالب خبراء الاقتصاد الذي بقوا لفترات طويلة يحذرون من مغبة إهدار طاقات ملايين من الشباب العاطل الذين ظلوا لسنوات يمنون نفسهم بوظيفة محترمة، في وقت يتغنى الساسة بتحقيقهم وثبات اقتصادية مستمرة، في بلد يبلغ معدل أعمار نصف سكانه 30- مليون نسمة-، أقل من 25 سنة، بيد أن البطالة تطوق 40 في المائة ممن هم في سن العمل، بينهم الآلاف من حاملي الشهادات، ما أدى إلى بروز فريق من فاقدي الأمل، وهم أولئك الشبان الذين يشعرون أنهم مهمشون في المجتمع، وانغلقت الآفاق أمامهم، رغم كونهم يحملون شهادات جامعية عليا. ويقول الديوان الجزائري للإحصائيات، أن عدد السكان في سن العمل الذين يعانون البطالة أو يبحثون عن عمل قد بلغ 1473000 شخصا من أصل 000 495 8 شخصا ناشطا، وذلك بنهاية العام ,2007 أي ما يعادل نسبة شغل بـ25,5 بالمائة، كما يشير التقرير، إلى أن النساء تمثلن 22 بالمائة من إجمالي السكان البطالين في سن العمل، وتكمن أهم السلبيات بحسب الديوان المذكور، في تسجيل نسبة عالية من البطالة وسط الشباب، وعدم إدماج النساء في سوق العمل خاصة في الوسط الريفي، وكذا الشغل غير المستقر وعدم توافق التكوين مع عرض العمل ونقص المؤهلات. وأصبح القطاع الخاص في الجزائر يوفر 2,63 في المائة من الوظائف الإجمالية، مقابل 36,8 في المائة للقطاع العام، والمثير أن مناصب العمل التي تم خلقها، ليست مناصب نوعية، فـ 7,36 في المائة من المناصب لا يتعدى المستوى الدراسي لأصحابها المرحلة الابتدائية (24,2في المائة) وأميين (12,5 في المائة)، بينما 31 في المائة مستواهم متوسط، و10,7 في المائة المائة فقط مستوى عالي. واللافت أيضا أن العاطلين عن العاملين لهم مستوى تأهيل أحسن من العاملين، ويقدر الخبير عبد المجيد بوزيدي العمال غير المؤهلين بـ 12,5 في المائة من المجموع العام للعاملين، ونعثر في أوساط العاطلين على 12 في المائة يتمتعون بمستوى تكوين عالي، مقارنة مع 10,7 في المائة من العاملين يتوفرون على تكوين عالي، ما يبرز أن النوعية في صف العاطلين أحسن منها في أوساط العاملين. وتظهر تحقيقات ميدانية أن البطالة في عالم الريف سائرة إلى ارتفاع، بحدود 37,8 في المائة من سكان الأرياف، علما أن أغلبية هؤلاء يتراوح سنهم بين (16 ـ29 سنة)، مع الإشارة أن الذكور هم أكثر العاطلين، ولا تمثل نسبة الإناث سوى 20,4 في المائة من طالبي العمل.