نحن أمام نازلة طرد أجيرة (ع.م) كانت تشتغل لدى شركة (أ) بالبيضاء، وذلك بسبب ارتدائها للحجاب، وصدر فيها حكم ابتدائي في الملف عدد 01/ 3333 ، قضى للأجيرة فقط من أجل العطلة بمبلغ 1500 درهم، حيث لم تستطع لظروف خارجة عن إرادتها الإدلاء بشهودها في المرحلة الابتدائية، مما دفعها إلى استئناف الحكم الصادر. وحدث أن أحضرت المدعية الشاهدة أمام محكمة الدرجة الثانية، حيث صرحت هذه الأخيرة بأن سبب المنع من الدخول إلى مقر العمل، هو ارتداء الحجاب، حيث طلب حارس الشركة من الأجيرة الانتظار في الباب إلى حين خروج المسؤول عندها . واعتبرت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء أن الطرد تعسفي، وعللت قرارها حيث أنه ومهما كان سبب المنع فليس من حق المشغل أن يمنع الأجيرة من الدخول إلى العمل طالما أنها ليست موقوفة بسبب عقوبة تأديبية ولا مرتكبة لأي خطأ مهني، وقضت للأخرى على إثر ذلك بمجموعة من التعويضات عن الطرد التعسفي . إن المناقشة القانونية للتعليل المذكور كان عليها أن تبرز مسألة الطرد بسبب الحجاب، وهو الأمر الذي لم يذهب إليه القرار في تعليله، وبمناقشة تبوث واقعة المنع عن الدخول إلى العمل دون مناقشة السبب . وعليه يمكن القول أن سبب توقيف الأجيرة (ع.م) من العمل وطردها طردا تعسفيا كان بسبب ارتدائها للحجاب، وهو أمر تمنعه مدونة الشغل في مادتها التاسعة التي تنص على أنه يمنع كل تمييز بين الأجراء في مجال الشغل بسبب السلالة أو اللون أو الإعاقة أو الحالة الزوجية أو العقيدة أو الرأي السياسي أوالانتماء النقابي والأصل الوطني والأصل الاجتماعي، ومعنى ذلك أنه يمنع فصل الأجراء بسبب التمييز بناء على الأمور المذكورة في النص، ومنها المعتقد الديني الذي من أحد مظاهره إظهار الرموز الدينية التي من بينها بالنسبة للمرأة المسلمة ارتداء الحجاب . والتمييز المذكور في المادة 9 عاقب عليه المشرع المغربي في الفصل 4311 من القانون الجنائي، قانون 03,,24 واعتبره جريمة شنعاء، وعرفه بأنه كل تفرقة تكون تمييزا بين الأشخاص الطبيعيين بسبب الأصل الوطني..، أو بسبب الانتماء أو عدم الانتماء الحقيقي أو المفترض لعرق الأمة أو السلالة أو لدين معين . وفي حالة فصل رب العمل للأجير عن العمل بسبب التمييز، فإن المشرع عاقب على ذلك في الفصل 4312 بالسجن من شهر إلى سنتين، وبغرامة من 1200 درهم إلى 50000,00 درهم، وهو ما ينطبق على نازلة الحال، إذ لهذه الأجيرة الحق و لغيرها من الأجراء المطرودين من العمل الحق في اللجوء إلى القضاء الزجري والمطالبة بالتعويض، كما هوالحال في نازلة منع المضيفات بالطائرة من الزواج الذي هو من النظام العام في مواجهة شركة النقل الجوي بالمغرب، وكذلك الحالة التي طرد فيها الأجير بالبيضاء بسبب التمييز ضد المعتقد، حيث قضت محكمة الاستئناف للأجير بالتعويضات بسبب الفصل التعسفي الذي تعرض له، بعد أن تم طرده بسبب مغادرته لمقر العمل من أجل صلاة الجمعة، واعتبرت محكمة الاستئناف بالبيضاء أن الأجير لم يرتكب أي عمل من شأنه أن يوصف بأنه خطأ جسيم، يبرر طرده إذ إن المتعارف عليه تيسير الأمر لأداء صلاة الجمعة في بلد مسلم . ومادامت الشاهدة قد أثبتت في هذه النازلة أن الأجيرة (ع.م) طردت بسبب ارتدائها للحجاب هو معتقد ديني، ونظرا لأن ذلك يعد جريمة تمييز مجرمة قانونا، فإن طرد الأجيرة بناء على التمييز بسبب المعتقد الديني يشكل طردا تعسفيا، وحقا من الحقوق الأساسية للعارضة، بصفتها مواطنة مغربية مسلمة ترتدي الحجاب، وتتمسك بحق التمظهر الذي أصبح من الحقوق البارزة في عالمنا المعاصر، الأمر الذي يستوجب الحكم لها بالتعويض لجبر الضرر الحاصل لها من جراء الطرد التعسفي بسبب التمييز، وهو ما تم فعلا في نازلتنا.