من المفرح جدا أن تجد وسائل الإعلام آذانا صاغية، تجيب دعوة المحتاجين، وتضمد جراح المتضررين من شتى أنواع الأمراض والمآسي الاجتماعية، فقد توصلت التجديد بطلب مساعدة خاص بطفل عمره 14 سنة مقبل على إجراء عملية جراحية للقلب تحتاج أسرته الفقيرة إلى 11 مليون سنتيم، وبعد يوم واحد من وضع الطلب بلغ إلى علم الجريدة أن أسرة الطفل لم تعد ترغب في نشر طلب المساعدة للمحسنين، لا لأنها يئست من مد يد المساعدة أو لأنها تذكرت بأن المعلومات المتضمنة في الطلب والملف المرفق خاطئة، ولكن لأن يدا بيضاء امتدت لهذه الأسرة وتكلف صاحبها بمصاريف إجراء العملية الجراحية، بعد أن نشرت إحدى الجرائد الوطنية نداء أسرة الطفل. والحدث المذكور عليه ملاحظتان أساسيتان، أولاهما أن ذوي الإحسان ما يزالون كما تزال قلوبهم رحيمة، يفكرون لغيرهم كما يفكرون لأنفسهم وذويهم. وهؤلاء لا يحبون الظهور، تجدهم يبحثون عن نداءات المحسنين في الجرائد في الوقت الذي يختار قراء آخرون زواياهم المفضلة بين أعمدة الرأي والأخبار الرياضية والسياسية والاقتصادية. إنهم زبناء اقتناص فرص الأجر والثواب. والملاحظة الثانية أن أسرة الطفل لم تكن طماعة تستغل مرض ابنها بطرق مشروعة وغير مشروعة لتكسب من هنا وهناك، إذ بمجرد ما علمت بوجود من يرغب في مد يد المساعدة لابنها سارعت إلى منع نشر طلب المساعدة حتى تترك مجالا لأناس آخرين لم يجدوا بعد من ينتبه لحالهم، وما أكثرهم، أو على الأقل ترك المجال مفتوحا لنشر مادة أخرى عوض أخذ حيز من صفحة الجريدة التي تنشر بها النداءات للمحسنين لمساعدة المحتاجين على توفير مصاريف علاجاتهم المكلفة ماديا. إن أمثال هذه الأيادي البيضاء تعيد الأمل لمن أيقن خطأ أن التضامن أصبح معدوما في بلد مثل المغرب، وهي رسالة لمن يستغلون أمراض وآلام الناس ليتسولوا بها عبر الجرائد والجمعيات وغيرها من الوسائط الاجتماعية لينتبهوا إلى أن الضمائر الحية تمنع أصحابها من السعي وراء الربح على حساب آلام مرضى.