تروم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تقليص نسبة الفقر، ومحاربة الهشاشة والتهميش، والإقصاء الاجتماعي، وذلك عبر دعم الأنشطة المدرة للدخل، وتنمية القدرات، وتحسين وضعية الولوج إلى الخدمات والتجهيزات الأساسية (تعليم، صحة ، شأن ديني، طرق، ماء صالح للشرب، تطهير، حماية البيئة... ودعم الأشخاص في وضعية هشاشة قصوى. وتعكس الأرقام المرتفعة لنسبة الفقر والهشاشة محدودية المبادرة، ووجود صعوبة في بلورتها على أرض الواقع، واعتبر زهير الخيار، الأستاذ الجامعي، أن تقسيم المبلغ المخصص للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية على 4 برامج بنفس المبلغ يدل على أن هناك غيابا للأولوية، على اعتبار أن تخصيص 2,5 مليار درهم لكل برنامج على حدة هو بمثابة غياب منهجية واضحة. وفيما يتعلق بمدى قدرة المبادرة على الحد من الفقر، أوضح الخيار أن الفقر تفاقم وتضاعف، وتراجع مؤشر التنمية بالمغرب، فضلا عن تراجعه في ترتيب التنمية على المستوى العالمي. ولم تسهم المبادرة في تقليص الفقر كما أسهمت في توسيع الهوة بين الطبقات، بالإضافة إلى أن إشكالية المبادرة تتعلق بتنزيل البرامج على أرض الواقع، وذلك بسبب غياب التواصل التنموي، وعدم تطبيق المقاربات على حد تعبير الخيار الذي أكد ضرورة التعامل مع الفقر من الجانب الكيفي وليس الكمي، وعلى ضرورة معرفة أسباب الفقر والأسر الفقيرة، وبالتالي التوجه إلى معالجة الآليات التي تنتج الفقر. ودعا المصدر ذاته إلى تقوية الجوانب الاجتماعية، من قبيل إنشاء مؤسسات الزكاة، التي تمارس التوزيع التوازني. واعتبر أن هناك اختلافا بين الضريبة والزكاة، حيث إن الدولة تحصل الضريبة، وتقوم بأعمال عامة كتشييد الطرقات والقناطر، في حين أن الزكاة تمكن الفقراء من الاستفادة مباشرة، وينعكس ذلك على الدورة الاقتصادية الخاضعة للدورة الاجتماعية. وتأتي المبادرة لتحقيق دينامية للتنمية البشرية متماشية مع أهداف الألفية، وترتكز على العديد من المبادئ، كاحترام كرامة الإنسان، و حماية وتعزيز حقوق المرأة والطفل، وبت الثقة في المستقبل لدى المواطن، وإشراك وإدماج المواطنين في المسلسل الاقتصادي، وتستند المبادرة على المشاركة، و التخطيط الإستراتيجي، والشراكة والتناغم، والحكامة الجيدة. وقد رصد غلاف مالي إجمالي قدره عشرة ملايير درهم للفترة الممتدة ما بين 2006 و2010 برنامج أفقي يهم مجموع العمالات والأقاليم بميزانية تقدر بـ 2,5 مليار درهم، وبرنامج محاربة الهشاشة والتهميش رصد له 2,5مليار درهم. بالإضافة إلى برنامجين على المستوى الترابي، الأول يتعلق بمحاربة الإقصاء الاجتماعي في الوسط الحضري، ويستهدف 250 من الأحياء الحضرية بقيمة 2,5 مليار درهم، وبرنامج محاربة الفقر في المجال القروي ويستهدف 360 جماعة قروية، رصد له 2,5 مليار درهم. إلا أن المبادرة يعتريها الكثير من النواقص، سواء من الناحية المنهجية، أو من ناحية تنزيل الخطة على أرض الواقع. ويعتبر العديد من المحللين الاقتصاديين أن عملية الخوصصة التي باشرها المغرب منذ ما يزيد عن عقد من الزمن سمحت له بتركيز النقاش على بعض القضايا الاجتماعية، كالرفع من الحد الأدنى للأجور، ومراقبة الأسعار، ومن هنا جاءت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي يعتبرها المحللون اعترافا ضمنيا من الجهات الرسمية بفشل الدولة في تدبير الجوانب الاجتماعية، خاصة فيما يتعلق بالتفكير في سبل تنمية المعيشة. ويهدف هذا البرنامج الذي أطلقه الملك محمد السادس عام 2005 باسم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إلى تحسين ظروف المعيشة بـ 360 منطقة ريفية، و250 حيا حضريا، تعتبر الأفقر والأشد تهميشا. وقد بلغ عدد المستفيدين نحو ثلاثة ملايين شخص، من خلال 12 ألف مشروع صغير، اجتماعي واقتصادي، جرى إنجازها بهذه المناطق والأحياء. وتسهم الدولة بنسبة 60 في المائة في تمويل البرنامج الذي يستفيد أيضا من تمويل جهات أجنبية. ورصدت الحكومة مبلغ 3 مليارات من الدراهم، لبرنامج لمكافحة الفقر بالمناطق الأشد فقرا في المملكة، خلال عام .2008 ودعا الخيار إلى ضرورة إعادة النظر في المناهج، واحترام الديمقراطية لدى تشكيل اللجان المحلية، والتي تدخل في إطار الديمقراطية التنموية، وإشراك النسيج الجمعوي، لأنه مغيب على المستوى العملي على الرغم من حضوره في الخطط، وإعادة النظر في المسؤولين القائمين على المبادرة، نظرا لافتقارهم للمهارات الكفيلة ببلورة أهداف المبادرة، وتغيير اللجان الاجتماعية.