طرح محمد الحمداوي رئيس حركة التوحيد والإصلاح في موضوع العلاقة بالتيار السلفي أربعة ضوابط أساسية: الضابط الأول الأول : الإسهام في إزالة الغموض عن السلفية الأصيلة، واستعادة المعنى الأصيل للسلفية باعتبارها منهجا في النظر والتدين، قبل أن تكون تيارا مذهبيا ومجتمعيا. (هذا الضابط يحدد العلاقة مع تيار السلفية الأصيلة). الضابط الثاني: المزاوجة بين إشاعة خطاب الوسطية والاعتدال وخطاب مناهضة الميوعة وتحصين المجتمع من الانفلات الأخلاقي والقيمي (هذا الضابط يحدد العلاقة مع تيار الغلو والتشدد) الضابط الثالث: التواجد والحضور بالخطاب التربوي والدعوي في الأحياء الهامشية (ضابط محاصرة تيار التفجير والإرهاب) الضابط الرابع: إدارة الاختلاف من خلال فتح باب الانفتاح والتعاون والتناصح والتفاعل لما يخدم الدين والبلد والأمة. (ضابط التعامل مع تيار السلفية العلمية) ولم يفت الأستاذ محمد الحمداوي أن يطرح إلى جانب الضوابط التي تحدد طبيعة العلاقة مع مكونات هذا المكون السلفي الأرضية الاستراتيجية التي تجمع الحركة الإسلامية بهذا المكون ضمن الجبهة الدينية : فإن هذا الإمكان الهام في التعاون سيسهم ولا شك في تحصين الخصوصية المغربية من التحلل والانهيار وفي إشاعة روح الحكمة والرشد في المجتمع، ويجعل كل مكوناته خلايا يقظة لخدمة القضايا الكبرى للبلد، وليس خلايا نائمة تستغلها أطراف خارجية في أجندة التوسع والهيمنة . إن الحركة الإسلامية محتاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى توسيع دائرة منهج نحن دعاة لا قضاة، لتشمل بالإضافة إلى العلاقة مع نظام الحكم ، العلاقة مع جميع مكونات الصحوة الدينية، إذ لا يكفي أن نصف هؤلاء بالخرافية وهؤلاء بالتشدد وأولئك بالرسميين، لنعتبر أنفسنا قد قمنا بالواجب، بل لابد للحركة الإسلامية من الإبداع في المنهجيات والكيفيات التي تسمح لها ببناء علاقات رشد بين جميع مكونات البلد. وفي نفس الإطار الاستراتيجي الذي يعنى ببناء العلاقات التي تستوعب المشترك بين مختلف الفاعلين الدينيين، يطرح محمد الحمداوي سؤال استيعاب الحركة الإسلامية للطرق الصوفية، وتفعيل منطق المشترك والمتفق عليه وتجاوز حالة التجاهل.وبعد أن يعدد الأستاذ محمد الحمداوي الرصيد التاريخي والواقعي الذي قامت وتقوم به الحركات الصوفية في سبيل نشر الإسلام ودعم مواقع التدين في المجتمع، يطرح تحديين ضاغطين يفرضان ضرورة رسم العلاقة مع هذا المكون ضمن الجبهة الدينية، ويتعلق الأمر بتحدي العلمنة: التي تدفع في اتجاه جعل التصوف ورجاله في خصومة مع الحركة الإسلامية، من خلال تقديمهم كنموذج للممارسة الدينية المثالية التي تفصل بين الدين والسياسة، وتحدي الأمركة: والذي من مقتضياته دعم الحركات الصوفية في العالم الإسلامي بدعوى أن الطرق الصوفية بتأكيدها على الزهد وبعدها عن السياسة تضعف من خلال استقطابها للناس حركات المقاومة ضد الاستعمار.غير أن محمد الحمداوي في سياق تحديده لمنهجية التعامل مع هذا المكون ضمن الجبهة الدينية لم يزد عن حديثه عن جانبين اثنين الأول متعلق بضرورة رفع التحفظ لدى أبناء الحركة الإسلامية في موضوع التعامل مع الطرق الصوفية وذلك عند حديثه عن الجرأة الفكرية اللازمة التي يطلب من الحركة الإسلامية أن تتحلى بها لبناء علاقاتها انطلاقا من هويتها الفكرية ومنهجها الإصلاحي، والثاني متعلق بما أسماه محمد الحمداوي بجعل العلاقة مع الطرق الصوفية تدخل في دائرة الممكن. لكنه لم يوضح طبيعة هذا الإمكان وشكله، والدور الذي يمكن أن يقوم به المكون الصوفي ضمن هذه الجبهة الدينية والضوابط التي تحكم علاقة الحركة بهذا المكون.وعلى الرغم من هذه الأسئلة الوجيهة التي لا زالت تطرح نفسها، إلا أن مجرد طرح الموضوع للنقاش وبهذه الجرأة، وبهذا التأطير النظري والرؤيوي يؤذن بتدشين نقاش جديد داخل الحركة، يحدد بوضوح مكونات الجبهة الدينية، وأشكال التعامل معها، وضمانات الحفاظ على تماسكها وتوازنها، واستراتيجة توجيه مخرجاتها في اتجاه تدعيم جبهة التدين والقيم ومواجهة تيار التطرف اللاديني.