ننشر االيوم وثيقة من نوع آخر؛ لا يتعلق الأمر كما الوثائق السابقة التي نشرناها من أرشيف وزارة الخارجية الأمريكية، التي تم الكشف عنها في يوليوز ,2006 بالعلاقات المغربية-الأمريكية؛ بل باهتمام الولاياتالمتحدةالأمريكية بعلاقات المغرب مع دول المعسكر الآخر في رحى الحرب الباردة بين المعسكرين. ويتعلق الأمر ببرقية تحمل رقم 02181 أرسلت من سفارة الولاياتالمتحدةالأمريكية بالرباط إلى وزارة الخارجية بواشنطن بتاريخ الثاني عشر من ماي 1973 وتتثير الانتباه إلى تطورات رأت هذه السفارة أنها تعتبر تحولا في علاقات المغرب مع الاتحاد السوفياتي. الاهتمام الخاص لأمريكا بالعلاقات المغربية ـ السوفيتية هذه البرقية تم إرسالها من سفارة الولاياتالمتحدةالأمريكية بالرباط إلى وزارة الخارجية الأمريكية؛ يوم الثاني عشر من ماي 3791. وتحمل الرقم 18120. الموضوع: العلاقات المغربية-السوفيتية تدخل مرحلة جديدة ملخص: سلط تقرير عن المساعدة السوفيتية في نقل التجهيزات العسكرية المغربية والجنود المغاربة إلى سوريا الضوء على أن العلاقات المغربية-السوفيتية قد دخلت مرحلة جديدة من التقارب، وهي آخذة في التصاعد من خلال المساعدة العسكرية السوفيتية والعلاقات التجارية التي تزداد توثيقا. إن السوفيت يأملون على ما يبدو تعميق نفوذهم وتأثيرهم في المغرب والعالم العربي. والمغاربة الذين يواصلون طلب الدعم الاقتصادي والعسكري من مصادر متنوعة وواسعة بما فيها الحكومتين الأمريكية والسوفيتية ألحوا لدينا إلى أن الدواعي التي دفعتهم إلى أن يتحولوا نحو الاتحاد السوفيتي من أجل الحصول على التجهيزات العسكرية هي دواعٍ مصلحية وعملية، وليست سياسية. ومع أنه من المحتمل جدا أن يكون هذا صحيحا؛ إلا أن هناك عناصر مقلقة في هذه العلاقات الجديدة. اِنتهى الملخص في الأشهر الأخيرة؛ وخصوصا منذ آخر زيارة لبنهيمة إلى موسكو خلال شهر يناير؛ والتي جاءت بشكل متسرع؛ توالت مؤشرات ازدياد تقارب العلاقات بين المغرب والاتحاد السوفيتي. وعلى الرغم من أن البعثة المغربية إلى موسكو في يناير الأخير ضمت عددا كبيرا من ضباط الجيش المغربي؛ إلا أن هذه الزيارة أُعلن على أنها تدخل فقط في إطار الاجتماعات العادية للجنة المغربية-السوفيتية المشتركة لتنمية التعاون الاقتصادي بين البلدين؛ وحسب المصادر المغربية فإن الزيارة تهم في المقام الأول بيع المغرب لبعض منتجاته إلى الاتحاد السوفيتي، كما تهم كذلك المخطط الخماسي المغربي القادم، وتهم الزيارة أيضا تدعيم العلاقات التجارية. وعلى كل حال فقد أصبح من المؤكد بأنها أكثر من مجرد لقاءات روتينية، وأنها زيارة قد مهدت الطريق أمام موسكو؛ لزيادة المساعدات السوفيتية. 3. بعد الزيارة الأخرى اللاحقة في مارس الأخير، التي قامت بها بعثة مغربية يقودها وزير التجارة السيد بنسليمان، نشرت وكالة الأنباء السوفيتية نوفوستي تقريرا متفائلا يتحدث عن اتفاق تم في موسكو يتعلق ببرنامج يهم بناء سد، وبرنامج للري وإصلاح الأراضي، والبحث الجيولوجي، والتنقيب عن النفط والغاز وبالخصوص استخراج الفوسفاط. تقرير نوفوستي قال أيضا بأنه سيتم في الربع الثالث من سنة 3791 عقد اجتماع في المغرب بين خبراء سوفيت ومغاربة بهدف دراسة إمكانية تشكيل مؤسسة مشتركة للصيد البحري، ولمعالجة وتسويق السمك، وكذلك تشكيل فرق علمية لتحديد المصائد الغنية بالثروة السمكية في المياه الإقليمية المغربية. ولقد قال لنا مصدر رسمي بوزارة الخارجية المغربية، بأن الأمر يتعلق كذلك ببيع سفن سوفيتية للمغرب. كما فهمنا أيضا بأن أهم ما تمخض عنه اجتماع مارس قبول المغاربة مبدئيا للعرض السوفيتي المتعلق بوحدات التخزين الذي ظل مجمدا منذ 6691. 4. غير أن التطور الأكثر جسامة في كل هذا كان ذا طبيعة عسكرية. إن السوفيات يقومون بدور أساسي في نقل المعدات العسكرية المغربية و(ربما في المستقبل القريب) نقل حتى الجنود المغاربة إلى سوريا، وكذلك في الدخول من جديد إلى مجال بيع الأسلحة. في شهر أبريل قامت باخرتان سوفيتيتان وسفينة شحن بنقل تجهيزات عسكرية من مرس الكبير قرب وهران وسلمتها لسوريا لتُستعمل من طرف التجريدة المغربية هناك. كما أنه في شهر أبريل شوهد خمس وثلاثون من ضباط السلاح الجوي السوفيتي بمكناس، وكذلك فإن طائرات الأونوطنوف السوفيتية الصنع قامت خلال حوالي أسبوعين برحلات يومية انطلاقا من القاعدة العسكرية الجوية لمدينة مكناس.ونُقل أن رحلات جوية مبكرة نقلت منذ مدة معدات عسكرية وقطع غيار، ولكن معظم الرحلات خصصت لنقل التجهيزات العسكرية الموجهة للاستعمال في سوريا، وعلى الرغم من أن التقرير لم يحدد عددها؛ غير أنه يؤكد بأن الأمر يتعلق كذلك بتسليم طائرات ميغ51 قديمة كان المغرب قد اشتراها من الاتحاد السوفيتي في الستينات(وليست واضحة الطريقة التي تم بها التسليم).ومن ناحية أخرى هناك ما يؤشر على تعميق الاهتمام السوفيتي بالمغرب؛ وهو وصول ضابط سوفيتي برتبة جنرال يوم الثالث والعشرين من أبريل؛ ليعوض كولونيلا كملحق عسكري في سفارة موسكو بالرباط. 5. إثر زيارة بنهيمة لموسكو في يناير، قال لنا مصدر رسمي بوزارة الخارجية المغربية كان من بين أعضاء البعثة المغربية؛ إن العناصر العسكرية في تلك البعثة كانوا هناك فقط لمناقشة اقتناء قطع الغيار.وزير الخارجية المغربي نفسه قال لنا لاحقا بأن المغاربة في موسكو سألوا السوفيت عن إمكانية تزويدهم بمعدات الإنارة للتجهيزات العسكرية؛ مثل إنارة الدبابات، وقال إن السوفيت وعدوا بدراسة هذا الطلب. وفي نفس الوقت تقريبا أبلغنا مصدر آخر بأن المغاربة طلبوا عربات مدرعة و زوارق للدوريات وأن السوفيت أجابوا بأنهم يتوفرون فقط على زورق واحد من النوع الذي طلبه المغاربة، مع إمكانية أن يصبح ذلك متوفرا في وقت لاحق. 6. وخلال زيارته لواشنطن في شهر مارس قال الوزير بنهيمة بأنه تلقى تعليمات من الملك بأن يشرح لنا لماذا أدار المغرب وجهته نحو الاتحاد السوفيتي من أجل تجهيزاته العسكرية. وأن خيار التجهيزات العسكرية السوفيتية خيار عملي ومصلحي وليس سياسيا. فالمغرب في حاجة لمعدات إنارة جديدة وخفيفة؛ لتحسين قدراته في الرد السريع والمرن. والسوفيت لديهم دبابات صغيرة جاهزة للاستعمال المرن وبأثمان منخفضة لا تستوجب أي إخراج للعملة الصعبة؛ بما أن المغرب لديه ما بين خمسة ملايين إلى ستة ملايين دولار كفائض لدى موسكو من التعاملات التجارية مع الاتحاد السوفيتي. بالإضافة إلى أن السوفيت عرضوا طائرات هليكوبتر مع إمكانية تسليمها في وقت قصير، وادعوا أنهم يمكن أن يزودوا المغاربة بتجهيزات الرادار التي طلبوها. وأشار بنهيمة كذلك إلى أنه؛ بما أن المغرب قد وسع من مياهه الإقليمية وبالتالي من منطقة الصيد بها إلى سبعين كلمترا؛ فإنه في حاجة ملحة إلى زوارق لمراقبة السواحل. 7. تصريحات بنهيمة في واشنطن جاءت في سياق مطالبة الولاياتالمتحدةالأمريكية بزيادة كبيرة في المساعدات العسكرية والاقتصادية للمغرب. وبالخصوص بمطلب أن يُمنح نفس العلاقات المتميزة معنا في هذا الجزء من البحر الأبيض المتوسط مثل تلك التي تتمتع بها كل من إيران والمملكة العربية السعودية في الشرق الأوسط. وأن المغرب عندما يتوجه نحو الاتحاد السوفيتي فإنه يسعى كذلك إلى تنويع واسع للمصادر الممكنة للمساعدة سواء في المجال العسكري الدفاعي أو لتمويل مخططه الخماسي المقبل الطموح جدا. مثلا: (أ) عند زيارته لمدريد تكلم بنهيمة عن رغبة المغرب في برنامج شامل من خلال النمو الاقتصادي الإسباني. (ب) الأمير مولاي عبد الله قام مؤخرا بزيارة لجمع المساعدات في السعودية ودول الخليج وإيران. (ج) سفير بلجيكا أبلغ الولاياتالمتحدةالأمريكية بأنه تلقى دعوة بعد ظهر يوم السبت الأخير من طرف بنهيمة من أجل قطع غيار للطائرات؛ وهذا ما يؤكد أكثر على سياسة اليد الممدودة التي يتبعها المغرب. (د) السفير الفرنسي هنا كذلك أخبرنا بأن المغاربة تقدموا لهم بطلب توسيع المساعدات العسكرية والاقتصادية بنفس الخطاب الغير واضح الذي استعملوه معنا. 8. نحن حاليا لا نعرف أي حاجة سدَّتها التجهيزات العسكرية السوفيتية ولا على أي أساس قال لنا بنهيمة ذلك. غير أن السرعة الظاهرة التي استجاب بها السوفيت للطلب المغربي بالنقل إلى سوريا، الشيء الذي يتمنعون من توفيره للأشقاء العرب، مؤشر دال ومفيد جدا. 9. بعض محفزات السوفيات ربما تكون اقتصادية؛ فهم يتوفرون على تجهيزات للبيع والمغاربة زبناء جاهزون للاشتراء. وهم كذلك ربما يرغبون في تعميق تأثيرهم بالعالم العربي عموما والمغرب على الخصوص. وإستراتيجية المغرب في كل هذا تتمثل في جعل الأهمية التي للولايات المتحدةالأمريكية نفسها للاتحاد السوفيتي. والسوفيت كذلك يودون تنظيم زيارات لسفنهم. وبلا ريب يودون أيضا تسهيلات في الموانئ المغربية؛ ولكننا لا نعتقد أن هذا الهدف واقعي وقابل للتحقيق في ظل النظام الحالي أو أي نظام آخر محتمل في المغرب. وكذلك فإن السوفيت بمساعدتهم للمغرب يضمنون تسهيل النشاط السياسي لمواليهم في هذا البلد (وجدير بالذكر أن التقارب السوفيتي ـ المغربي الأخير رافقه إحياء متزايد لنشاط الشيوعي المخضرم علي يعتة ولرفع واضح للرقابة عن إصداره لجريدته لأسبوعية). 10 ـ والخلاصة؛ أنه في حين أن المغاربة يبدون صادقين عندما يقولون بأنهم كانوا يفضلون الحصول على التجهيزات منا لو كانت شروطنا معقولة، وفي حين أن الدول الغربية سوف تستمر بلا شك في كونها المصدر الأساس للمساعدات الأجنبية للمغرب، وفي حين لا يساورنا أدنى شك في أن المغاربة ليست لديهم أية رغبة في أن يصبحوا رهينة للسوفيات ومتوقفين عليهم، أو أن يمنحوهم أية تسهيلات عسكرية؛ فإن هنالك مع ذلك جوانب مثيرة للقلق في التطورات المشار إليها أعلاه. وعلى افتراض أن الأرقام المغربية التي تنسب إلى بنهيمة هي أرقام متماسكة، وأن المغرب يشتري فقط ما قدره خمسة إلى ستة ملايين دولار من التجهيزات العسكرية؛ فإن هذا المبلغ يناهز تقريبا خمسين في المائة من القيمة السنوية لبرنامج مساعداتنا العسكرية، وإذا وفر السوفيت أسعاراً تفضيلية، أو إذا اختاروا أبعد من ذلك منح معدات؛ فإن كمية التجهيزات يمكن أن تكون مهمة جدا. هذا الاحتمال قد يوفر للسوفيت فرصة إرسال عملائهم وإقامة علاقات وثيقة مع القوات المسلحة المغربية. لقد أظهرت التجربة في أماكن أخرى بأن العملاء السوفيت يبقون في العادة منعزلين؛ ذلك بسبب خيارات الاتحاد السوفيتي، وكذلك بسبب رغبة البلدان المضيفة نفسها؛ ولكن إحداث مكتب اتصال مخابراتي للاتحاد السوفيتي بالمغرب من شأنه أن يمنح للسوفيت فرصا متزايدة للتجسس علينا وللتأثير على مواقف القوات المسلحة المغربية التي هي أهم عنصر في البلد. نحن نتمنى أن يقف المغاربة بيقظة في وجه العملاء السوفيت؛ غير أن السكوت عن تواجدهم يمكن أن يكون مقابلا للتجهيزات العسكرية التي قرروا اقتناءها. وإذا حدث هذا فمن الأرجح أن يتوصل المغاربة إلى نفس (الاكتشاف)الذي توصل إليه المصريون منذ ثمان عشرة سنة؛ بكون السوفيت ليسوا سيئين بالدرجة التي تقال عنهم؛ وقد تكون لهم القدرة على التعاطي معهم بشروط مغربية.وهذا سوف لن يكون مساعدا لوضعنا هنا. وبمعنى آخر، ففي الحقيقة إذا قبل المغاربة بالمساعدة السوفيتية فإن ذلك سيجعلهم أقل رغبة في الإبقاء على قواتنا هنا. إن المغاربة خبراء في لعبة التوازنات. وفي الوقت الذي يُتفهم فيه أن يتوقع السوفيت الحصول على امتيازات من علاقات وثيقة في أقرب وقت مع المغاربة؛ فإننا نفترض أنهم سوف يسيرون ببطء كبير و لن يستعجلوا في ممارسة ضغوطاتهم حتى لا يعرضوا المواقع الجديدة التي يكتسبونها لأي مجازفة قد تضر بها. ومن المسلم به أن السوفيت سوف يردون بالإيجاب للمغاربة في سياق النزاع (الإسرائيلي)- العربي بالشكل الذي يناسبنا. وإذا أصبح المغاربة أكثر اهتماما بالشرق الأدنى؛ فإن حاجتهم للمساعدة السوفيتية سوف تزداد. ولا شك بأن السوفيت سوف يكونون مستعدين لتزويد المغاربة بمعدات لا نريد نحن أن نزودهم بها؛ ومن تم سوف يقيمون مقارنات سيئة جدا بالنسبة لنا. وفي حين أن الحكومة المغربية تريد بأن تظل صداقتها معنا قوية؛ فإن المواقف الشعبية تجاهنا آخذة في التحول بسبب التقارير الملتهبة القادمة من بيروت ومن أماكن أخرى في العالم العربي. لحد الآن؛ لم نلاحظ أي ارتفاع في شعبية السوفيت هنا، ولكن السوفيت هم حاليا في صف الملائكة ويتوفرون اليوم على فرص لم يكونوا يتوفرون عليها قبل ستة أشهر من الآن. نحن لا نريد أن نبالغ في إعطاء الأهمية لما ذكرناه في هذا التقرير؛ ولكننا نعتقد أن على الإدارة الأمريكية أن تكون يقظة وعلى حذر ووعي بأننا نشهد مرحلة جديدة في العلاقات المغربية-السوفيتية.