مشروع قانون المسطرة الجنائية يروم تعزيز مجال الحقوق والحريات (وزير العدل)    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    الصين تعزز مكانتها العالمية في مجال الطاقات المتجددة    حضور جماهيري مميز وتكريم عدد من الرياضيين ببطولة الناظور للملاكمة    الدوري السعودي لكرة القدم يقفز إلى المرتبة 21 عالميا والمغربي ثانيا في إفريقيا    حكيم زياش يدخل عالم المال والأعمال بمدينة مراكش    إيمينتانوت .. إحباط محاولة تهريب أطنان من الحشيش    إقليم جراد : تدابير استباقية للتخفيف من آثار موجة البرد    محكمة الحسيمة تدين متهماً بالتشهير بالسجن والغرامة    طقس الخميس.. برد وغيوم مع قطرات مطرية    سناء عكرود تشوّق جمهورها بطرح فيديو ترويجي لفيلمها السينمائي الجديد "الوَصايا"    الإفراط في تناول اللحوم الحمراء يزيد من مخاطر تدهور الوظائف العقلية ب16 في المائة (دراسة)    مجموع مشتركي نتفليكس يتخطى 300 مليون والمنصة ترفع أسعارها    الكويت تعلن عن اكتشاف نفطي كبير    الصحافيون الشرفيون المتقاعدون يسلطون الضوء على أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية    المندوبية السامية للتخطيط تتحدث عن الأسعار خلال سنة 2024    مراكش: توقيف 6 سيدات وشخص لتورطهم في قضية تتعلق بالفساد وإعداد وكر لممارستة    ارتفاع أسعار الذهب لأعلى مستوى في 11 أسبوعا وسط ضعف الدولار    الكاف يؤكد قدرة المغرب على تنظيم أفضل نسخة في تاريخ كأس أمم إفريقيا    دراسة: أمراض اللثة تزيد مخاطر الإصابة بالزهايمر    الجفاف وسط البرازيل يهدد برفع أسعار القهوة عبر العالم    تصريحات تبون تؤكد عزلة الجزائر عن العالم    ترامب يصفع من جديد نظام الجزائر بتعيين سفير في الجزائر يدعم الموقف المغربي في نزاع الصحراء    أبطال أوروبا.. فوز درامي لبرشلونة وأتلتيكو يقلب الطاولة على ليفركوزن في مباراة عنيفة    حماس تنعى منفذ عملية تل أبيب المغربي حامل البطاقة الخضراء الأمريكية وتدعو لتصعيد المقاومة    شح الأمطار في منطقة الغرب يثير قلق الفلاحين ويهدد النشاط الزراعي    الكشف عن النفوذ الجزائري داخل المسجد الكبير بباريس يثير الجدل في فرنسا    وزارة التربية الوطنية تبدأ في تنفيذ صرف الشطر الثاني من الزيادة في أجور موظفيها    الدريوش تؤكد على ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة للتصدي للمضاربات في سعر السردين    رئيس جهة سوس يقود حملة انتخابية لمرشح لانتخابات "الباطرونا" خلال نشاط رسمي    فرنسا تسعى إلى توقيف بشار الأسد    كيوسك الأربعاء | الحكومة تنهي جدل اختصاصات كتاب الدولة    خديجة الصديقي    بنما تشتكي ترامب إلى الأمم المتحدة    Candlelight تُقدم حفلاتها الموسيقية الفريدة في طنجة لأول مرة    عادل هالا    جماهير جمعية سلا تطالب بتدخل عاجل لإنقاذ النادي    المدافع البرازيلي فيتور رايش ينتقل لمانشستر سيتي    الشاي.. كيف تجاوز كونه مشروبًا ليصبح رمزًا ثقافيًا عميقًا يعكس قيم الضيافة، والتواصل، والوحدة في المغرب    الصين تطلق خمسة أقمار صناعية جديدة    نقاش مفتوح مع الوزير مهدي بنسعيد في ضيافة مؤسسة الفقيه التطواني    الكنبوري يستعرض توازنات مدونة الأسرة بين الشريعة ومتطلبات العصر    سقوط عشرات القتلى والجرحى جراء حريق في فندق بتركيا    أمريكي من أصل مغربي ينفذ هجوم طعن بإسرائيل وحماس تشيد بالعملية    ماستر المهن القانونية والقضائية بطنجة ينظم دورة تكوينية لتعزيز منهجية البحث العلمي    المغرب يواجه وضعية "غير عادية" لانتشار داء الحصبة "بوحمرون"    فضيل يصدر أغنيته الجديدة "فاتي" رفقة سكينة كلامور    افتتاح ملحقة للمعهد الوطني للفنون الجميلة بمدينة أكادير    المؤتمر الوطني للنقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية: "خصوصية المهن الفنية أساس لهيكلة قطاعية عادلة"    في حلقة جديدة من برنامج "مدارات" بالاذاعة الوطنية : نظرات في الإبداع الشعري للأديب الراحل الدكتور عباس الجراري    الإفراط في اللحوم الحمراء يزيد احتمال الإصابة بالخرف    وفاة الرايس الحسن بلمودن مايسترو "الرباب" الأمازيغي    علماء يكشفون الصلة بين أمراض اللثة وأعراض الزهايمر    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور تاج الدين الحسيني ل"التجديد":الدبلوماسية المغربية لا ينبغي أن تبقى حكرا على أجهزة وزارة الخارجية
نشر في التجديد يوم 12 - 11 - 2009

اعتبر تاج الدين الحسيني الخبير في العلاقات الدولية أن موقف الولايات المتحدة الأمريكية لم يتغير من قضية الصحراء، باعتبار أن الدبلوماسية الخارجية الأمريكية لا تتغير بتغير الإدارات، وأن مواقفها الخارجية هي خلاصة المواقف التي تعبر عنها عدة مؤسسات معروفة مثل مجلس الأمن القومي، ووزارة الخارجية والبانتاكون، ومراكز الدراسات والأبحاث الاستراتيجية، وأن السياسة الخارجية للولايات المتحدة تحاول الربط بين مصالحها الخارجية وبين المصالح الأكثر أهمية، واعتبر تاج الدين الحسيني في حواره مع التجديد أن الدبلوماسية المغربية لا ينبغي أن تبقى حكرا على أجهزة وزارة الخارجية بوصفها ممثلا للخطوات الدبلوماسية التقليدية، بل ينبغي أن نفكر جيدا فيما يسمى بالدبلوماسية الموازية، التي تمثلها بالأساس الأحزاب والجمعيات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني والتكتلات الاقتصادية.
ü عرفت السياسة الخارجية الأمريكية نوعا من الضبابية في تعاملها مع ملف الصحراء بمجيء الإدارة الأمريكية الجديدة، كيف تقيمون هذه السياسة وما هي خلفيات هذا الغموض؟
في اعتقادي، مبدئيا، أنه ليس هناك غموض كبير لدى الدبلوماسية الخارجية الأمريكية بخصوص قضية الصحراء؛ على اعتبار أن تغير الإدارات الأمريكية لا يؤثر بشكل قوي على المواقف المعروفة للإدارات السابقة من القضايا الإقليمية بشكل عام، وعلى اعتبار أن صياغة مواقف الخارجية الأمريكية بالنسبة لهذا النوع من القضايا لا ترتبط بموقف إدارة معينة، بقدر ما ترتبط بالمصالح الحيوية للولايات المتحدة الأمريكية في المجموعة الدولية، وعملية اتخاذ القرار في الولايات المتحدة لا ترتبط بالجهاز التنفيذي بمفرده، بل هي عبارة عن صيغة لخلاصة المواقف التي تعبر عنها عدة مؤسسات معروفة مثل مجلس الأمن القومي، ووزارة الخارجية والبانتاكون، ومراكز الدراسات والأبحاث الاستراتيجية، والبيت الأبيض في نهاية المطاف، وكذلك الحكومة الأمريكية تبقى بمثابة القناة التي تبلور مجموعة تلك المواقف وتقوم بصياغتها في آلية اتخاذ القرار، وبالتالي ما كان من المنظر أن تعرف السياسة الخارجية الأمريكية تحولات كبرى بخصوص قضية الصحراء.
صحيح أن السيد باراك أوباما لم يسبق له طوال حملته الانتخابية وكذلك بعد مجيئه إلى السلطة، لم يسبق له أن أدلى بأي تصريحات فيما يتعلق بقضية الصحراء، وكان الكثيرون يعتبرون أن السيد أوباما، ربما نتيجة لتمسكه بمبدأ تقرير المصير، وتمسكه بمبدإ حماية الأقليات وغيرها، يمكن أن يغير موقفه، لكن مادام قد اختار شخصية مثل هيلاري كلينتون كاتبة للدولة في وزارة الخارجية وأعطاها تفويضا يكاد يكون كاملا بخصوص الملفات الدولية، أظن أن الزيارة الأخيرة لهيلاري كلينتون أثبتت أن الإدارة الأمريكية الجديدة سوف لن تغير موقفها فيما يتعلق بقضية الصحراء، وخاصة فيما يتعلق بالمشروع المغربي المتمثل في مشروع الحكم الذاتي، الذي اعتبرته الإدارة الأمريكية نفسها بأنه مشروع يرتكز على الجدية والمصداقية، وهو ورقة على الطاولة ينبغي أن تدخل المفاوضات من أجل التوصل إلى حل نهائي للنزاع.
إن الولايات المتحدة الأمريكية، كما هو معروف، تحاول أن توازن بين مصالحها الاستراتيجية في المغرب، بوصفه صديقا تقليديا لهذا البلد وبوصف المغرب شريكا للولايات المتحدة الأمريكية في إطار علاقات التبادل الحر، وبوصفه كذلك شريكا مفضلا غير عضو في تنظيم حلف الشمال الأطلسي (الناتو)، وهذا كان باقتراح من الولايات المتحدة الأمريكية، وبوصفه عنصرا مهما على الصعيد الجهوي للوقاية من الإرهاب، وللمساعدة في ردع تحركات ما يسمى بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، فالمغرب يعتبر على هذا المستوى طرفا استراتيجيا رئيسيا للولايات المتحدة الأمريكية، لكن علينا أن لا ننسى أن الجزائر دخلت على الخط في هذا المجال، وتقدم نفسها شريكا أساسيا في مجال محاربة الإرهاب، وتقوم بمناورات عسكرية مشتركة مع قوات شمال الحلف الأطلسي، بل أكثر من هذا، تقدم الجزائر نفسها حليفا مناصرا للولايات المتحدة في الميدان الاقتصادي، وخاصة في تصدير الغاز الطبيعي وكذلك البترول،
لهذه المعطيات تحاول كل إدارة أمريكية أن توازن في سياستها الخارجية بين الدولتين، على أساس حفظ التوازن الإقليمي، وعلى أساس عدم تمكين أي من هذين الطرفين من التفوق بشكل كبير، وهنا أظن أن دعم مشروع الحكم الذاتي ليس من شأنه أن يرهق الموقف الجزائري من أمره عسرا، بل من شأنه أن يوجد حلا وسطا تفاوضيا سياسيا، حلا يمكن من خلاله تفادي القطيعة بين المحورين المركزيين في تنظيم المغرب العربي، ويمكن لهذه المنظمة الجهوية في النهاية أن تنطلق في بناء وحدة المغرب العربي.
ü بعد هذه المدة من عمر الإدارة الجديدة لماذا اختارت كاتبة الدولة في الخارجية هيلاري كلينتون منتدى المستقبل للتأكيد على الثبات في موقفها من الحكم الذاتي في الصحراء؟
بالفعل، فمنتدى المستقبل عقد على التراب المغربي، وهذه فرصة أتيحت لهيلاري كلينتون للتواجد على التراب المغربي منذ أن جاءت كزوجة للرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، فوجودها في المغرب، وحديثها داخل منتدى المستقبل الذي يضم ممثلين عن المغرب وعن الجزائر وعن المنطقة كذلك، ربما كانت فرصة سانحة فعلا لتقديم مثل هذا التصريح، لتؤكد للعالم أجمع أن الموقف الأمريكي لم يتغير من قضية الصحراء، وأن هناك، بطبيعة الحال، بعض الثوابت المركزية في السياسة الخارجية الأمريكية.
هذه هي الأسباب التي تكون قد دفعت الولايات المتحدة الأمريكية في شخص كاتبة الدولة في الخارجية إلى اختيار منتدى المستقبل لتصريح إعلامي يعيد الأمور إلى نصابها، ويقوم بإعادة التوازن إلى القضية، واختيار منتدى المستقبل كان أمرا مقصودا بحضور المعنيين وحضور فعاليات أخرى دولية وجهوية.
ü معروف أن الولايات المتحدة الأمريكية تحاول دائما ربط مصالحها بأخرى أكثر أهمية، ألا يمكن اعتبار اختيار منتدى المستقبل للتصريح بدعم البيت الأبيض للحكم الذاتي يأتي في إطار الموازنة والمقايضة بملفات أخرى كالتطبيع مثلا؟
الولايات المتحدة الأمريكية، كما هو معروف دائما ومنذ القديم في سياستها الخارجية، تحاول دائما ربط مصالح بمصالح أخرى أكثر أهمية، وربما استمرار النزاع بين المغرب والجزائر يدخل في هذا الإطار، لأنه لو شكل الطرفان، الجزائر والمغرب، جبهة موحدة في إطار المغرب العربي لتمكنا من اتخاذ مواقف أكثر جرأة فيما يتعلق بما يجري في منطقة الشرق الأوسط، وبما تعرفه المقدسات الإسلامية في القدس من تهديد خطير من قبل الإسرائيليين، وما تعرفه القضية الفلسطينية من تراجع حتى على مستوى الموقف الأمركي. فالولايات المتحدة الأمركية كانت سابقا، في خطاب الرئيس باراك أوباما، تؤكد أنه بدون تجميد ووقف بناء المستوطنات لا إمكانية لبدء المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائليين، والآن لاحظنا كيف أن كاتبة الدولة في الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، وفي لقائها مع المسؤولين المصريين وقبل قدومها إلى المغرب أطلقت تصريحا ناريا أشارت فيه إلى أن تجميد المستوطنات ليس شرطا أساسيا لانطلاق المفاوضات، وأن المفاوضات يجب أن تتم بدون شروط مسبقة، معنى هذا أن بلدان المغرب العربي بما فيها المغرب، ستكون مدعوة إلى عملية التطبيع مع إسرائيل إرضاء للأمريكيين، فيما يتعلق بتقديمهم لتنازلات على مستوى ملفات إقليمية أخرى.
أعتقد أن هذه اللعبة معروفة في السياسة الأمريكية منذ القديم، باعتبار أن السياسة الأمريكية تعتمد النظرية الواقعية، وهي نظرية تقوم على المصالح وتبادل المصالح، وتهمش الجوانب الأخلاقية والإنسانية بمفهومها الاستراتيجي.
المطلوب من المغرب في المرحلة الراهنة أن يعمل على تقوية جبهته الداخلية بالأساس، باعتبار هذا محورا مركزيا، وأن يعم الاستقرار والأمن في داخل الأقاليم الجنوبية للمملكة، وأن يشرع، كما قال ذلك العاهل المغربي في خطابه الأخير، في تنفيذ مخطط مندمج لتنمية الأقاليم الصحراوية، ليس فقط اقتصاديا كما يحدث لحد الآن، ولكن بالخصوص تنميتها في إطار تنمية مستديمة، اجتماعية وإنسانية وبيئية، ويعتبر الجانب الإنساني هنا أمرا مهما في تتمة تحديد ووضع الخطوط الحمراء فيما يتعلق بالتمييز بين الوطنية والخيانة، وتشكيل جبهة موحدة بين كل المغاربة فيما يتعلق بالوحدة الترابية للمملكة، وآنذاك عندما يفهم الجميع أن المسألة ليست مسألة نظام أو اختيار حكومة، وأنها مسألة تهم الشعب المغربي من طنجة إلى الكويرة وأنه لا تراجع فيها قيد أنملة مهما كانت الظروف والتحديات، آنذاك الجزائر نفسها ستدرك أن مصلحتها هي في قبول الاقتراح المغربي المتمثل الحكم الذاتي وأن بناء مستقبل أفضل من الاستمرار في الصراع في الحاضر.
وأعتقد أن الأمريكيين هم كذلك أذكياء ولديهم مؤسسات استراتيجية نافذة، عندما تدرك أن المسألة وطنية بالأساس ولا محيد عنها، حينها ستكون الولايات المتحدة الأمريكية أكبر مدعم للاقتراحات التي يتقدم المغرب في هذا الملف.
ü دعم مقترح الحكم الذاتي من طرف الإدارة الأمريكية لا يعني بالنسبة للجزائر إمساكا للعصا من الوسط فما الموقف المتوقع منها ؟
موقف الجزائر سوف يبقى متشددا إلى أبعد الحدود، فهي تعتبر أن قضية الصحراء بالنسبة لها هي بمثابة وسيلة لتجاوز المشاكل الداخلية، ذلك أنه من المعروف في السياسات القديمة أن كل نظام يريد أن يتجاوز مشاكله الداخلية من حروب أهلية واضطرابات وطنية ومشاكل تهم الأمن والاستقرار إلا ويعمل على خلق جبهة خارجية لتوجيه أنظار مواطنيه نحوها، وهذا ما تفعله الجزائر بالضبط عندما ترفض فتح الحدود مع المغرب، وعندما ترفض التفاهم على حل مقبول لقضية الصحراء، وعندما تستمر في التسلح بقوة، وكأنها تشعر مواطنيها بوجود عدو أجنبي ينبغي التعرض له.
أعتقد أن هذه السياسة قد تم تجاوزها، باعتبارها تدخل في إطار سياسات الحرب الباردة التي سقطت مع سقوط جدار برلين، غير أن الجزائر لا تزال خ مع الأسف خ تعيش في نفس الرؤية، وتتبع نفس المنهج، وهو منهج لا يخدم أبناء الجزائر في شيء، ولا يخدم الشعب الجزائري، بل هو في مصلحة طغمة حاكمة عسكرية، تقضي مصالحها الشخصية على حساب مصالح كل أبناء المغرب العربي وليس على حساب الجزائريين فقط.
غير أن المطلوب من الدبلوماسية المغربية في ظل السياقات الدولية والإقليمية الحالية والتحديات التي تفرضها أن تكون أكثر فعالية مما كانت عليه في الماضي، وأن تصبح دبلوماسية هجومية تقوم ببعض المبادرات الفعالة، وأن تتجاوز موقع الكرسي الفارغ الذي أضر كثيرا بمصالح المغرب، وأن تبحث عن إقامة التحالفات بقوة، من خلال المصالح المشتركة، ومن خلال تطوير رؤية المغرب في الحقل الدبلوماسي، وأن لا يقتصر على الدبلوماسيين التقليديين، بل أن يتجاوزه إلى الدبلوماسية الموازية.
ü ألا تتطلب تقوية الجبهة الداخلية التي تحدثتم عنها دخول فاعلين آخرين على الخط كالأحزاب السياسية والمجتمع المدني حتى لا يبقى الملف حكرا على الدولة ؟
فعلا أنا شخصيا من بين أولئك الذين يتمسكون بكون الدبلوماسية المغربية لا ينبغي أن تبقى حكرا إطلاقا على أجهزة وزارة الخارجية بوصفها ممثلا للخطوات الدبلوماسية التقليدية، بل ينبغي أن نفكر جيدا فيما يسمى بالدبلوماسية الموازية، التي تمثلها بالأساس الأحزاب والجمعيات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني والتكتلات الاقتصادية إلى آخره..
علينا أن نفكر جديا في أن يكون المغرب فاعلا على مستوى الحقل الإقليمي والدولي من خلال الدبلوماسية البرلمانية، فممثلوا الأمة عندما يلتقون بنظرائهم على المستوى الدولي تكون إمكانيات التواصل والقرب أكثر عمقا مما هي من قبل الفاعلين التنفيذيين، والأمر يسري على الدبلوماسية الاقتصادية، ذلك أن هذا النوع من الدبلوماسية يعطي الأولوية للمصالح الاقتصادية للطرفين، وعندما تصبح المصالح المشتركة هي موضوع الحديث فإن كل التنازلات والالتزامات على المستوى السياسي تصبح ممكنة، والأمر كذلك بالنسبة للدبلوماسية الحزبية، التي من خلالها نلاحظ تجمعات دولية مثل الأممية الاشتراكية والأحزاب الليبرالية تستطيع التواصل مع نظرائها داخل التراب المغربي، من خلال التوافق داخل التجمعات الحزبية بشكل يؤدي إلى تحقيق المصالح المشتركة ويحقق التواصل بين الأطراف، أكثر مما يمكن أن يقوم به الممثلون الدبلوماسيون التقليديون.
كما يجب على المغرب أن يفكر في دبلوماسية مؤسسات وجمعيات المجتمع المدني، باعتبار أن هذه المؤسسات لها قدرة استثنائية على التواصل مع الطبقات الشعبية في مجتمعات خارج الوطن الأصلي، وهذا النوع من التواصل لا تستطيع الدبلوماسية التقليدية أن تحققه، كما أنها لا تتوفر على الوسائل التي تمكنها من ذلك، وعلينا أن ندرك أن الجزائر والبوليساريو مثلا استطاعت أن تخترق المجتمع المدني في بعض الدول كما هو الشأن في إيطاليا وإسبانيا، وهذه أشياء شاهدتها شخصيا، فهي تقتحمها من خلال مؤسسات المجتمع المدني في تلك البلدان، وأصبحت حاليا في إيطاليا وإسبانيا مئات الجمعيات التي تؤيد البوليساريو في مواقفها بشكل لا يكلف الدولة الجزائرية والبوليساريو أي شيء على الإطلاق، وعندما نأخذ بعين الاعتبار دور مؤسسات المجتمع المدني ودور الأحزاب السياسية ودور المؤسسات المنتخبة والأجهزة الاقتصادية وخاصة التكتلات الاقتصادي الكبرى داخل البلاد، يمكن لهذه المكونات أن تكون بمثابة رافعة قوية لدعم الدبلوماسية التقليدية على المستوى الدولي.
وعلى المستوى الداخلي فإن تقوية الجبهة الداخلية تشكل عنصرا أساسيا وحاسما في التصدي لأعداء الوحدة الترابية، وعلينا أن ندرك أن التفتت والتراجع الذي أصبح يتعرض له مفهوم الوطنية لم يكن إلا نتيجة حتمية لهذا النوع من اللا اهتمام، وغياب التربية الأخلاقية في المدارس، حيث إن مادة التربية الوطنية التي كانت مادة أساسية في المستويين الإعدادي والثانوي في الماضي تم تهميشها، ولم يعد هناك اهتمام بحب الوطن كما كان الأمر عليه في الماضي حين يتلقى الشباب أن حب الأوطان من الإيمان، وأسوق النموذج المصري الذي نرى فيه أن المواطن من أكبر الأشخاص سنا إلى الصبيان يتحدثون عن مصر وكأنها أم الدنيا، ويعتبرون أن حب بلدهم يتجاوز كل الحاجيات الشخصية، وهم مستعدون للتضحية بالغالي والثمين من أجل وطنهم، وعندما يغادرونها يتوقون للعودة إليها للتذوق من مياه النيل.
كل هذا يشكل نوعا من الإطار لمحبة الوطن الذي أصبحت، مع الأسف، الأجيال الحالية تفتقده في بلادنا، ونلاحظ هذا بالخصوص في جنوب المغرب، إذ بدأت تظهر نعرات ونزعات لا أقول فقط عرقية وإثنية، ولكنها نزعات انفصالية، فظهر بعضهم يحمل أعلام البوليساريو وبعضهم يتنكر للوطنية بشكل مكشوف، وقد ظهر هذا حتى في بعض المناطق التي تتجاوز الصحراء المسترجعة، كما هو الحال في مناطق مثل طانطان وإيفني، وهي ظاهرة خطيرة تتطلب بداية تطبيق القانون بشكل صارم في حق المخالفين، وتتطلب إعادة النظر في التكوين الثقافي لمواطنينا وفي التربية الأخلاقية التي هي أساس كل تقدم وتطور، وعلينا أن نفكر في أن يكون الشعار الأساسي للمرحلة، وحدة الوطن، وجعلها من بين المقدسات التي ينبغي أن ننزهها عن كل اختراق، وأن نعتبر أنه لم يعد ممكنا قبول منزلة بين المنزلتين، منزلة بين الوطنية والخيانة، فإما أن يكون المرء وطنيا مخلصا لبلاده وإما أن يعد في زمرة الخونة الذين اختاروا أن يكونوا في زمرة الخونة.
إن مقترح الحكم الذاتي الذي وضعه المغرب يقوم على أساس تطبيق مبدأ العفو الشامل بالنسبة لكل الانفصاليين، بل وتمكينهم من المشاركة في الحياة السياسية والاقتصادية للبلاد بكل فعالية وبكل الإمكانيات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.