تعيش مدينة الدارالبيضاء كباقي المدن الكبيرة في المغرب، طيلة شهر يناير و فبراير على إيقاع أجواء الحساب الإداري، التي تختلف حدتها حسب تركيبة مجالس المقاطعات الستة عشرة المكونة لها، فقد تخضع للمدارسة أو تمر مرور الكرام على مستندات الصرف و التبذير دون استنكار و احتجاج.. وواقع الحال في العاصمة الاقتصادية، أن اللجن المالية تتأخر في الانعقاد أو لا تنعقد، و قد يتلكؤ بعض الرؤساء في تقديم الوثائق و البيانات إلا أثناء الدورة تحت ضغط تهديد أعضاء المجالس برفض الحساب الإداري. و ما يميز غالبية ردود المعنيين اللعب بالكلمات وإنتاج الوهم و ترويض التبريرات لإضفاء القانونية على التسيير، فلا مخططات مدروسة ولا مشاريع استثمارية مستقبلية كفيلة بتوفير حياة أفضل لساكنة تعيش على عتبة الفقر وتغرق في الأمية والجهل. وقد ينخرط الكثير في مسلسل المدح و الإطراء للحفاظ على ماء الوجه وتصريف مواقف سياسية خجولة تبعا لتوجيهات حزبية بسبب أن الانتخابات الجماعية على الأبواب، حيث يحاولون كسب ود اللاعبين الرئيسيين بمختلف مقاماتهم لأغراض غير بريئة و معروفة. و يعزى هذا الوضع غير المقبول إلى عدم الاهتمام أحيانا و ضعف التكوين أحايين أخرى، إذ لا يحضر جلسات اللجن المالية إلا العدد القليل من المنتخبين الذين لا يكلفون أنفسهم عناء تفحص البيانات و المستندات، و إن وفرت إليهم، بل محاكمتها و تقويمها تقويما موضوعيا و عادلا. و من أبجديات عمل الجماعي، أن يضبط المنتخب وثيرة صرف المنحة أو الميزانية للوقوف على دقة التقديرات من عدمها و خضوعها للعقلانية من نقيضها، و توفر التدابير الكفيلة بترشيد مصاريف الفصول بما يتماشى مع حاجيات الساكنة، و أن يضع أصبعه على النقط السوداء التي استنزفت المنحة و الميزانية، و يسلط الضوء على الخروقات التي شابت العمليات و البيانات المالية بالاطلاع على الوثائق و التبريرات الخاصة، و لوائح المستفدين من الخدمات المقدمة و حالة مخزون المشتريات و الأذونات ، و ملاحظة مدى تناغم الحصيلة مع مخطط التنمية المصادق عليه في بداية الولاية الجماعية. و في الشق القانوني، ينبغي مطابقة العمليات المالية من صفقات و طلبات السند لما هو منصوص عليه في القوانين المالية المنظمة. و ينبغي أن لا يراعى في مناقشة الحساب الإداري التوجهات الشخصية السياسية التي تموت من أجل نعم أو التي لا تفهم إلا لغة لا، و التي يجدها البعض فرصة للابتزاز و لي الأدرع و الانتقام أحيانا من موظف أو موظفين تواطؤوا أو تلكؤوا في تقديم خدمة مهما كان نوعها أو حجمها. المواطن البيضاوي قد لا تفيده الصراعات السياسوية داخل المجالس كما حدث على مدار الحسابات الإدارية الثلاث السابقة في مقاطعات عين الشق و ابن امسيك و عين السبع و سيدي مومن و المعاريف و الحي الحسني.. أو في المجاس الجماعية الأخرى. و لا تعنيه صراع المصالح و الامتيازات بين أقطاب التسيير و المعارضة، لكن ما يشغل تفكيره هو ماهي القيمة المضافة التي تقدمها هذه المجالس من أجل التنمية المحلية.