كشف تقرير لجنة التقصي المكونة من خبراء ماليين وقانونيين من وزارة الداخلية وأطر ومستشارين بمجلس مدينة الدارالبيضاء، عبر إجراء مراجعة ل عقدة التدبيرالمفوض لمرافق الماء والكهرباء وتطهير السائل، أن شركة ليديك أخلت بواجب التدبير خلافا لما تنص عليه العقدة، وعمدت إلى إحراق الوثائق والمستندات القانونية والمالية المؤسسة له، إلى درجة دفعت بالبعض إلى حد المطالبة بإقامة جلسة محاكمة مباشرة ل ليديك. وإذا كانت المفاوضات متعثرة بين المجلس الجماعي وشركة ليديك بسبب خلافات كبيرة تهم على السواء الفترة المنقضية (2006 1997)، والتوقعات المستقبلية (20272007)، هل بات الطلاق وشيكاً من عقدة ليديك؟. ونظرا للارتفاع الذي شهدته مؤخرا أسعار توزيع الماء والكهرباء والتطهير بمدينة الدارالبيضاء، وطنجة والرباط..، والحركات الاحتجاجية التي تلته، يجعلنا أمام تساؤل حول مدى الاستفادة من عملية إسناد التدبير المفوض في هذا القطاع للشركات الخاصة الأجنبية، كحل بديل للوضعية الصعبة التي كان يعيشها المرفق العمومي بشكل عام. من لاراد إلى ليديك شركة ليديك ( ليونيزدي زو دوكازابلانكا )، هي فرع من الشركة العالمية إليو المتعددة الجنسية ولها فروع عدة عبر دول العالم، قيمة رأسمالها الأصلي 800 مليون درهم، وقد استفادت الشركة من عقد التدبير المفوض في قطاعي الماء والكهرباء والتطهير، وهكذا انتقل تدبير المرفق من لاراد إلى ليديك عام1997 ولمدة 30 سنة تنتهي بحلول سنة ,2027 وكانت ملزمة حسب بنود هذه العقدة بتحسين الخدمات المقدمة للساكنة البيضاوية، الذين يشكلون نسبة 70 % من دافعي الضرائب بالمملكة، في حين أن أزيد من 900 ألف منهم لا يتوفرون على الماء الصالح للشرب. تنص عقدة التدبير المفوض لشركة ليديك، على مبدأ المراجعة للاتفاق على رأس كل خمس سنوات، لكن مر الآن ما يزيد عن تسع سنوات على استغلال هذه الشركة لهذا المرفق الحيوي دون أن تتم مراجعة العقدة. لماذا تعامت المصالح المكلفة بمتابعة عقود التدبير المفوض على مراقبة تلاعبات ليديك بداية من المهدي برادي الذي اختارته الداخلية لمراقبة ليديك، بوصفه أحسن مهندس وكمدير سابق للوكالة، وهو الإطار المكلف بالملف منذ,1997 تم محمد موسى (الذي عوضه في المنصب)، وهل مصطفى الباكوري رئيس مدير عام صندوق الإيداع والتدبير، الذي يحظى بثقة الملك حيث أسند له كل الصفقات الضخمة مع قطر والإمارات والبحرين وإسبانيا وغيرها من الشركات الكبيرة أخل بالقسم الذي أداه أمام محمد السادس والقاضي بأن يكون العين الأمينة على أموال الدولة؟ فضلا عن ذلك ف ليديك المملوكة للدولة متمثلة في صندوق الإيداع والتدبير بنسبة 20 في المائة، ومن طرف الوطنية بنسبة 15 %، ومن طرف مكتتبي البورصة بنسبة 14 في المائة. وإذا كانت وثائق الافتحاص وتدقيق الحسابات تؤكد أن ليديك أحرقت الوثائق والمستندات القانونية والمالية، فهل الدولة وشركاؤها الآخرين لا يتوفرون على نسخة منها؟ ثم أين كان خبراء الصندوق الذي يتولى الإشراف على أموال المتقاعدين واليتامى؟ وأين هم مسؤولو مكتب الصرف الأوصياء على حقوق المغاربة؟ ليديك في قفص الإتهام بعد عشر سنوات من حصولها على حق الامتياز في قطاع الماء والكهرباء بالدارالبيضاء، وجدت ليديك نفسها في قفص الاتهام، بعد أن طالب منتخبو البيضاء بمحاكمتها، وكان تقرير لجنة التتبع لمراجعة عقدة التدبير المفوض مع شركة ليديك بمجلس المدينة، والذي هم عملية تقييم شامل حول أداء هذه الشركة، قد سلط الضوء على خروقات وصفت بالخطيرة على مستوى التدبير المالي والقانوني منها: أن شركة ليديك أقدمت على توزيع عائدات الأسهم ابتداء من سنة 2003 أي خمس سنوات قبل الأجل المحدد بالعقد، الشيء الذي ترتب عنه تقليص في قدرة الاستثمار الداخلي للشركة بمبلغ 560 مليون درهم لم يوظف لما خصص له (الاستثمار)، وبتطبيق الأجر المخول للشركة (6,14 %)، حددت اللجنة التقنية الفارق المترتب عن توزيع العائدات في 82 مليون درهم، هذا في الوقت الذي ينص الملحق 4 من عقدة التدبير المفوض مع شركة ليديك على أنه لا يحق للمساهمين توزيع الأرباح إلا بعد مرور عشر سنوات، وفي السنة الحادية عشرة يجب ألا تتجاوز مبالغ الأرباح الموزعة 28 مليون درهم، هذا في الوقت الذي يؤكد جدول التمويل وتتوفر التجديد على نسخة منه، على أن الشركة وزعت بمجرد مرور خمس سنوات ما مجموعه 560 مليون درهم، موزعة على الشكل التالي سنة 2003 (100 مليون)، وفي سنة 2004 (100 مليون)، وسنة 2005 (180مليون)، ثم سنة 2006 (180 مليون)، وأكد مصدر مقرب أنه إذا كانت أرباح كل سنة تعني في الحساب أرباح السنة التي قبلها، فذلك يعني أن ليديك بدأت توزيع الأرباح بشكل دقيق سنة ,2002 وهذا يعني مبدئيا أن أرباح سنة 2005 وزعت سنة ,2006 وتساءل في هذا السياق عن مبلغ أرباح 2006 التي من المفترض أنها ستوزع بحلول سنة ,2007 سيما مع الارتفاع الكبير لنسبة الربحية الداخلية للشركة ( 6,14 في المائة). الأرباح التي وزعت بين المساهمين الأجانب المؤسسين لشركة ليديك ( شركة ليونيزدي زو - شركة إليو - شركة كهرباء فرنسا الدولية - شركة أنديسا ديسارويو - شركة إندسار - شركة اكواس دوبرشلونا - شركة أكبار )، كان ينبغي أن تكون حسب العقدة عبارة عن استثمارات، لكن التقرير يقول إن الشركة أخلت بالتزاماتها الاستثمارية، وتأخرت في الإنجاز بمبلغ مليارين و75 مليون درهم. بعد توزيع هذه الأرباح فيما بينهم لجأوا إلى الاقتراض من الأبناك بفوائد عالية، وذلك من أجل إنجاز الاستثمار، فإلى حدود 2006 اقترضوا ما قدره 767 مليون درهم. ثم إن شركة ليديك عمدت إلى تحرير رأسمالها بطريقة غير قانونية وبسند غير قانوني عندما دخلت البورصة، بخلاف ما تنص عليه العقدة التي تؤكد على أن الشركة تقوم بعملية تدبير مفوض لقطاع عمومي، وليست متصرفة تصرفا مطلقا في المرافق المفوضة لها حتى تدخل البورصة كأية شركة عادية، تبعا لذلك يرى العديد من منتخبي الدارالبيضاء، أن تحرير الرأسمال أثر مباشر على عدم إنجاز ليديك برنامج الاستثمار المتفق عليه مع مجلس مدينة الدارالبيضاء. ويؤكدون ضرورة منع ليديك من اللجوء لما يسمى ب مقاولة الباطن، حفاظا على استقلاليتها المادية واحتراما لنصوص القانون التجاري المتعلق بمبدأ الشفافية. استخلصت ليديك مبالغ غير قانونية عما يسمى ب المساعدة التقنية 5,2 % من رقم المعاملات سنويا، وقد رفعتها إلى 6,2 % اعتمادا على اتفاقية ليديك مع فروعها في العالم، وقدمت وثيقة داخلية لمكتب الصرف دون علم المجلس الجماعي، وتبعا لذلك وصل المبلغ الذي استخلصته الشركة إلى مليار و244 مليون درهم حسب الوثائق المحاسباتية ل ليديك نفسها، ولم تصرح لمكتب الصرف إلا بمبلغ 833 مليون درهم، إذن أين مبلغ 411 مليون درهم؟ وكيف هربت هذه الأموال من دون أن تمر على مكتب الصرف؟ بل إن الوثائق المبررة التي صرحت بها ليديك لا تهم إلا مبلغ 154 مليون درهم فقط، فكيف إذا خضعت وثائق هذا المبلغ للافتحاص؟ لماذا أعدمت الوثائق؟ أكد معدو تقرير المراجعة الخمسية لعقدة التدبير المفوض لتوزيع الماء والكهرباء وخدمات التطهير السائل لولاية الدارالبيضاء الكبرى، أن شركة ليديك أخذت أموالا كثيرة بشكل غير قانوني، وعمدت إلى إتلاف الوثائق القانونية والمالية لسنوات ,1999-1998-1997 في الوقت الذي ينص فيه القانون الضريبي على عدم إتلاف الوثائق إلا بعد مرور عشر سنوات محاسباتية.واستند مجلس المدينة في ذلك على تقارير مكتبي الافتحاص أوديطاس وفيديسيا الذين أسندت لهما مهمة تدقيق الحسابات مقابل مبلغ 4 ملايين درهم، إذن بناء على ما سبق، فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا، هو على أي أساس قدمت ليديك حساب المبلغ ما دامت السنوات الثلاث للمؤسسة مفقودة؟ وأين هي الوثائق التي على أساسها تم حسب الباقي ربحه؟ما يتم تداوله بهذا الشأن هو أن الوثائق محفوظة إلكترونيا، إذ يكفي استعمال مفتاح سص أو قرص مدمج، حتى يحصل المرء على آلاف الوثائق الخاصة بكل زبون منذ أن انتقل تدبير القطاع إلى شركة ليديك رسميا سنة ,1997 لكن عمدة الدارالبيضاء، ربما يعرف أكثر من غيره، أن كل شركة مدرجة في البورصة يصعب عليها أن تدمر وثيقة لوجود درك البورصة من جهة، ولوجود مراقبي الحسابات الخاصين. كما شدد أحد المنتخبين بالبيضاء أن تخزين الوثائق لا قيمة له من الناحية القانونية، لأن الوثائق الأصلية لا يستغنى عنها ولا يجوز تدميرها بدعوى أنها ستتخزن، مستنكرا ذلك بقوله من قال إن تلك الوثائق المخزنة غير مزورة؟. مطالبة برحيل ليديك شعار تردد أكثر من مرة للمطالبة برحيل شركة ليديك من خلال مجموعة من الوقفات الاحتجاجية من طرف البيضاويين الذين اكتووا بنار الزيادات الصاروخية في فاتورات الماء والكهرباء، تجاوزت في بعض الأحيان قيمتها 2000 درهم، دون مراعاة الدخل البسيط لفئات عريضة من المواطنين، ويشرح خبراء القطاع الحيلة المفبركة لتلك الزيادات، بأن شركة ليديك حددت حجم استهلاك الشطر الأول المؤدى عنه بالمبلغ العادي، في ستة أمتار مكعبة، حيث يمكن تجاوزه بمجرد أخذ حمام، و بذلك تنتقل إلى تسعيرة الشطر الثاني والثالث، وهذا هوالسر وراء قيمة الفوترة المرتفعة جدا، وهي طريقة يصعب كشفها من طرف غالبية المواطنين البسطاء، للمعلومة فالمعتاد في حساب الفاتورة القديمة أي قبل مجيء الشركة الحالية أن استهلاك الشطر الأول كان يصل إلى 20 أو 24 متر مكعب وعند تجاوزه، ينتقل إلى الشطرالثاني والثالث، ومن هنا يمكنك حساب قيمة الاستهلاك. وعلق منتخب بالبيضاء أن الأثمنة ارتفعت لأن ليديك باعتبارها شركة متعددة الجنسيات، اعتبرت القطاع استثمارا ينبغي أن تحصل منه على أرباح بنسبة 15 بالمائة من رأسمالها، والأثمنة ينبغي أن تحقق هذا الربح لإرجاع رأسمال الشركة في غضون سنوات قليلة، مستفيدة في ذلك من وضعية احتكارها للقطاع. لقد لجأت السلطات المحلية لمدينة البيضاء إلى سلك سياسة التدبير المفوض، كحل بديل للوضعية الصعبة التي يعيشها المرفق العمومي عامة، إلا أن معاناة المواطنين مع ضعف الخدمات المقدمة على مستوى قطاعات أساسية وحيوية ظلت على حالها، ف ليديك كانت ملزمة حسب بنود عقدة التدبير المفوض، بتأمين اشتغال مرفق الماء والكهرباء لضمان تزويد حوالي أربعة مليون نسمة بهذه المادة، وربط حوالي خمسة عشرة ألف أسرة بشبكات الماء و الكهرباء والتطهير السائل، لكنها لم تستكمل سوى عشرة آلاف وأربع مائة وخمسون أسرة فقط. عمال مشردون عرف شهر نونبر 2007 ، اعتصام المتضررين رفقة أطفالهم وأسرهم أمام مقر الولاية لمدة 42 ساعة، وكانت الوقفة قد صادفت عقد المجلس الجماعي للدار البيضاء لدورة استثنائية حول ملف لديك، تم تلتها وقفات تنديدية بالحيف الذي وقع على هؤلاء العمال وتشريد لأطفالهم، حيث هددوا باحتلال مقرات لديك والاعتصام فيها لغاية تراجع الشركة الفرنسية عن قرارها الذي وصفوه ب التعسفي و الجائر. وبعد مرور شهور عديدة، نجح العمال العرضيون لشركة لا لييونيز دي زو الفرنسية المنضوين تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب في إرغام شركة ليديك عن التراجع عن تنفيذ قرارها القاضي بفسخ العقود التي تربطها بعدد من مقاولات المناولة ابتداء من فاتح شهر يناير المقبل. وينتظر، أن تستأنف الشركة المذكورة حوارها مع العمال الشهر المقبل، حول ملفهم المطلبي وتفعيل مضمون الرسالة التي وجهها الوزير الأول الأسبق عبد الرحمان اليوسفي بتاريخ 4 أبريل 2002 إلى وزير الداخلية يطلب فيها الإسراع بإدماج العمال العرضيين في شركة ليديك، حيث كان هؤلاء العمال يشتغلون مع لاراد، ثم بعدها ليديك قبل توجيههم إلى مقاولات المناولة المتعاقد معها بالقيام بدور الوساطة. ماذا بعد الخروقات؟ قضية ليدك ستظل مفتوحة على كل الاحتمالات، وحكاية شد الحبل قد تستمر طويلا إذا لم تتدخل السلطات المعنية، فالقرار في النهاية لوزارة الداخليبة، وإن كانت مؤشرات التفاؤل تتحدث على أن ليديك تراجعت نصف خطوة إلى الوراء بسبب محاصرتها في مداخل قانونية كثيرة، لكن ما تزال كل السيناريوهات محتملة، ويبقى السؤال هل سيتم فسخ العقد ومتابعة المسؤولين عن الاختلالات المالية أمام القضاء، وبالتالي اللجوء إلى شركات اقتصاد مختلط (الجماعة الحضرية للدار البيضاء كقطاع عام مع شركة صندوق الايداع والتدبير) ؟ وبما أن المجلس له صفة قانونية فما يخشاه المنتخبون هو أن يدبر الملف خارجه، فدوراللجنة التي أحدثتها وزارة الداخلية (تضم أمريكيين وفرنسي، ومغاربة)، حسب أحد أعضاء المجلس رفض ذكر اسمه، يبقى استشاريا للاستئناس، وينبغي ألا يتحول إلى دور تقريري لأن المجلس سيد قراره، وماذا لو تم التغاضي عن كل الخروقات السابقى الذكر، وتمكين شركة ليديك من الاستمرار في عملها رغم كل شيء، أليس هذا تحديا حقيقيا لملايين المواطنين الذين يطالبون بترحيل ليديك والاستغناء عن خدماتها؟