مرة أخرى تفجعنا الأخبار بكارثة سببها انهبار عمارة لا زالت في طور البناء. فلم تكد تمر أيام على انهيار منزلين بمراكش ، وقبلها بأسبوعين سقط منزل في حي عشوائي بفاس، وأشهر قليلة على انهيار المنتزه الحديث البناء جدا بساحة بييتري بالرباط حتى قبل تدشينه. لتحمل لنا الأخبار تهدم عمارة لا زالت في طور البناء بمدينة القنيطرة. وهكذا لم نعد نخاف فقط على المواطنين الذين يقطنون دورا قديمة آيلة للسقوط في المدن العتيقة بفاس ومراكش وغيرها؛ بل إن التخوف أصبح حتى على سكان العمارات الحديثة، بل وعلى بنائيها أنفسهم. الذي حدث في القنيطرة يدعو إلى وقفة حقيقية قبل أن يستفحل الأمر وتتصاعد وثيرة تساقط البنايات الحديثة ويتحول الأمر إلى ظاهرة. فالعمارة التي سقطت في عاصمة جهة الغرب، - وعلى الرغم من ضبابية التصريحات وتعدد الأقوال فيما يخص الأسباب الحقيقية-؛ فإن المعطيات المتوفرة تؤكد أن الأمر يتعلق بروح الجشع التي وصلت إلى حد التساهل في تقدير قيمة البشر. فقد أكدت دراسة قبلية أن الأرض التي بنيت عليها العمارة غير صالحة، لأنها مكان لتراكم مياه الواد الحار؛ ومع ذلك تواصل البناء؛ فمن رخص بالبناء رغم تحذيرات المختصين؟ الجشع وصل بأصحابه إلى درجة التسريع في التشييد فوق سقف الطبقة التي انهارت دون إعطائه المهلة اللازمة ليجف تماما والتي حددها المختصون في ثمانٍ وعشرين يوما؛ فانهار البناء. ولو انتظروا عليه لصمد إلى أن ينهار بسبب المياه العادمة التي تحته بعد أن تكون البناية مليئة بالسكان، ولكانت الخسائر في الأرواح أكثر كارثية. إننا أمام حالات متتالية أصبحت تأخذ صبغة الظاهرة. والأمر لا يستدعي فقط تشريعات تخص مراقبة القطاع. بل إنه يستدعي من المسؤولين الجرأة على فتح ملفات كامنة قد تنفجر في أي وقت؛ لتحديد المسؤوليات في: من سكت على البنايات العشوائية في مدن توجد بها عمارات من طوابق متعددة بنيت على أرض لن تتحمل أكثر من طابق أو طابقين، ولا يتجاوز أساسها الذي بنيت عليه أكثر من ثمانين سنتمترا؛ وهذا النوع من البنايات يمثل قنابل كامنة يجب الإسراع في تفكيكها قبل أن تتسبب في كوارث يعلم الله مداها. لقد آن الأوان لكشف المسكوت عنه في تكرار هذه الأنواع من الجرائم الكبرى التي لا يعاقب فيها إلا أكباش الفداء من الصغار؛ لتستمر الحيتان الكبرى تعيث في الأرض فسادا.