كما توقع مراقبون سياسيون مصريون كانت خطوة مصر بإطلاق سراح الجاسوس الإسرائيلي الدرزي عزام عزام الأحد الأخير، مقابل إطلاق إسرائيل الطلاب المصريين الستة، مقدمة لتحسن كبير في علاقات البلدين في عهد حكومة أرييل شارون، خصوصا في ضوء إشادة الرئيس المصري مبارك لأول مرة بشارون وتأكيده على أن شارون قادر على أن يسير في السلام، وقادر على الحل إذا أراد. إلا أن هناك توقعات مضادة تؤكد بأن خبر الإفراج المفاجئ عن الجاسوس عزام قبل انتهاء فترة سجنه في عام ,2012 سيثيرغضب قوى سياسية معارضة، التي اعتبرت الصفقة بين مصر وإسرائيل بمثابة تعويض إسرائيلي عن قتل الجنود المصريين الثلاثة في رفح، وأن مصر لم تحصل على مقابل لجنودها القتلى. وفي جملة هذه التنازلات، التي قدمتها مصر أخيرا للجانب الصهيوني، أكدت مصر عزمها إعادة سفيرها إلى إسرائيل قريبا إذا ما استمرت الروح الجديدة الإيجابية في العلاقات بينها وبين الكيان الصهيوني، وكشفت عن تفاهم مع إسرائيل والفلسطينيين والولاياتالمتحدة وأطراف أوروبية على خطة للتحرك نحو تسوية سياسية للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي. ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية عن مصادر مصرية رفيعة المستوى أول أمس الثلاثاء أن الروح الجديدة في العلاقات المصرية الإسرائيلية ستفتح الطريق أمام عودة السفير المصري إلى تل أبيب. وتعد هذه أول مرة تتحدث فيها مصر عن احتمال عودة سفيرها إلى إسرائيل منذ سحبه في نونبر ,2000 بعد حوالي شهرين من اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، احتجاجا على الاستخدام المفرط للقوة من قبل الجيش الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين. وكانت مصر تربط حتى الآن عودة سفيرها إلى تل أبيب بإحراز تقدم في عملية السلام. وأكدت وكالة أنباء الشرق الأوسط إن جميع الملفات المصرية الإسرائيلية مفتوحة الآن، ويتم التعامل معها بعيدا عن منطق القوة والتشدد، ومن بينها عودة السفير المصري إلى تل أبيب ومد خط الغاز المصري إلى إسرائيل، فضلا عن التوقيع في 14 دجنبر الجاري على اتفاقية لإقامة مناطق صناعية للتبادل الحر تتيح دخول المنسوجات المصرية إلى الولاياتالمتحدة بدون فرض رسوم جمركية عليها، وأضافت الوكالة أن استمرار هذه الروح الجديدة يمكن أن يزيل كل الأسباب التي تمنع عودة السفير المصري إلى تل أبيب والتي أوقفت المضي في استكمال مشروع الغاز. يأتي الإعلان عن احتمال عودة السفير المصري إلى تل أبيب قريبا بعد أن أكد وزير الدفاع الإسرائيلي شاؤول موفاز أنه تم الاتفاق مع مصر على القيام بتعاون أمني، في ما يسمى بمكافحة الإرهاب، في إشارة إلى عمليات المقاومة الفلسطينية ضد أهداف إسرائيلية، وما يقع على عاتق الجانب المصري من منع تهريب أسلحة إلى المقاومة في غزة. وقال موفاز، خلال جلسة لجنة الخارجية والأمن البرلمانية، إنه ستتخذ قريباً خطوات استراتيجية، تنطوي على أهمية بالغة، مثل انتشار قوات مصرية في المحور الفاصل بين مصر وقطاع غزة، بهدف منع تهريب الوسائل القتالية من سيناء، إلى المقاومة الفلسطينية في غزة، وقيام مصر بتدريب ضباط فلسطينيين في الضفة، والتفتيش عن جنود مفقودين من الجيش الإسرائيلي منذ حرب أكتوبر عام .1973 وكان وزير الدفاع الإسرائيلي قد أكد الأحد الأخير أنه تم الإتفاق، خلال الزيارة التي أجراها أخيرا وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، ورئيس جهاز المخابرات عمر سليمان، على خمسة أمور، وهي نشر قوات مصرية على الجانب الغربي من رفح، وتدريب ضباط فلسطينيين في مصر، والحفاظ على القانون والنظام في السلطة الفلسطينية، وبلورة منظومة تنسيق وثيق على طول الحدود بين الجيشين من أجل محاربة ما يسمى ب الإرهاب، والسماح للجيش الإسرائيلي بالبحث عن مفقودين في سيناء ومنحه حرية التصرف في هذا الصدد.