يعكف المجلس الحكومي الذي يعقد لقاءه الأسبوعي اليوم الخميس على دراسة مشروع مرسوم يتعلق بإحداث هيئة مركزية لمحاربة الرشوة.ويأتى الحديث عن إحداث جهاز مستقل للوقاية من الرشوة في ظل تقارير دولية ترصد ظواهر انتشار الفساد والرشوة في مختلف القطاعات كان آخرها التقرير الذي أصدرته الأسبوع الماضي منظمة الشفافية الدولية بخصوص الفساد المتفشي داخل المنظومة الصحية المغربية. كما يأتي الحديث الحكومي وسط ضغط الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني تجاه المصادقة على اتفاقية الأممالمتحدة لمحاربة الرشوة التي وقع عليها المغرب في ديسمبر,2003 والتصدي لمختلف مظاهر الفساد الأخرى من نهب المال العام، واستغلال النفوذ والمحسوبية. في هذا السياق، أبرز كمال المصباحي الكاتب العام لترانسبارنسي المغرب أن الخطوة الحالية كفيلة بالكشف عن مدى قدرة الحكومة على الذهاب بعيدا في محاربة آفة الرشوة وفتح كل ملفات الفساد. وأكد المصباحي في تصريح ل>التجديد< أن مناقشة مشروع لإحداث وكالة وطنية لمحاربة الرشوة يأتي بعد صمت حكومي طويل. من جانب آخر أعرب المصباحي أن الوكالة يجب أن تمتلك ثلاثة عناصر أساسية لكي تؤدي دورها بفعالية، منها تمتيع الوكالة بالامكانات والوسائل القانونية والمادية والبشرية لتتبع وتقصي ووضع الملفات بين يدي القضاء، ثم تمتيع الوكالة باستقلالية في اتخاذ القرار، وتوسيع صلاحيات الوكالة لتنسجم مع مقتضيات اتفاقية الأممالمتحدة لمحاربة الرشوة. وقال المصباحي: أزمة الرشوة والفساد وصل إلى مستويات مقلقة والحكومة ليس أمامها مجال للمناورة أو اللعب بعامل الوقت. المرسوم الذي أعدته وزارة تحديث القطاعات العمومية يؤكد على أن إحداث الوكالة الوطنية لمحاربة الرشوة يأتي في إطار خطة وطنية للتصدي لمظاهر الفساد، تلك التي ترتكز على ستة محاور، وهي: ترسيخ القيم الأخلاقية بالإدارة، وتعزيز الإطار المؤسساتي للوقاية من الرشوة وذلك عبر إحداث هيأة مستقلة للوقاية من الرشوة، ثم تكريس مبادئ الشفافية في تدبير وتنفيذ الصفقات العمومية وذلك عبر مراجعة النصوص المتعلقة بالصفقات العمومية، وهناك أيضا تطوير خطة للتتبع والمراقبة والتدقيق، وتبسيط المساطر، ومراجعة القانون المتعلق بالتصريح بالممتلكات، وتقديم مشروع قانون حول تبييض الأموال. إن تفعيل أية استراتيجية وطنية لمحاربة الرشوة تتطلب إرادة سياسية واضحة، كما أنها لابد أن ترتكز على تفعيل القانون على قدم المساواة وعلى إصلاح القضاء، ثم إن الأمر يستلزم إصلاح الإدارة وتحديد أنظمة المسؤولية فيها وتطبيق مبدأ عدم الإفلات من العقاب. فالرشوة ظاهرة معممة وتشمل جل القطاعات العمومية والخاصة. وهذا الواقع يتطلب صياغة استراتيجية شاملة لمحاربة الظاهرة، تلك التي تضر بمصالح المغرب، لاسيما في ميادين التنمية وجلب الاستثمارات الخارجية.