هل كانت الجزيرة تقبل أن يوصف نظام أي دولة عربية أخرى أو حكامها بالطغاة ؟ وهل تبني شعارالرأي والرأي الآخر يعني القدح والتجريح في حق السيادة الوطنية لأي بلد ووصف حكامها بأشنع الأوصاف وأبشعها. وبهذه الكلمات فتح برنامج الاتجاه المعاكس في حلقة هذا الأسبوع الباب مرة أخرى للكاتب الجزائري يحيى أبو زكرياء الذي لم يجد أنسب من الافتتاح بآية كريمة كانت إذاعة جبهة البوليساريو تفتتح بها حملاتها الانفصالية (إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها ..) سورة النمل ، وبترالضيف الجزائري هذه الآية من سياقها، وعمم الحكم القرآني وانزاح عن مناقشة جوهر موضوع الحلقة وظل يحوم حول بعض الأفكار القديمة في غفلة عن المستجدات السياسية والحقوقية ودون أن يرصد مسارالتحولات الديمقراطية التي عرفها المغرب منذ نهاية التسعينيات، وهذا ماحمل الأستاذ شوقي بنيوب عضو هيئة الإنصاف والمصالحةعلى التذكير بالمسار الحقوقي الذي عرفه المغرب كانخراطه في المرجعية الدولية لحقوق الإنسان في سنة 1992 والإفراج عن المعتقلين السياسيين في 94 وانطلاق مسلسل التعويضات ، معتبرا ذلك ثمرة نضال شاق ونتاج إرادة سياسية قوية للجهات العليا بالبلاد، وأشاد بالمؤسسة الملكية باعتبارها مركزإصلاح، حافظت على وحدة المغرب الترابية وناضلت في صف الحركة الوطنية ضد الاستعمار،ووقت المغرب من هيمنة الحزب الوحيد، كما حافظت على التوازنات الكبرى للبلاد وأطلقت بناء الدولة الحديثة. ونوه ممثل المغرب في برنامج الاتجاه المعاكس بتجربة المغرب في القطع مع ماضي الانتهاكات الجسيمة باعتبار أن المغرب لم يشهد حربا داخلية شعبية طويلة ولم يعرف انقلابات عسكرية ضد الحكم ومع ذلك يتحدث عن ماضي لهذه الانتهاكات ويقرر الحقيقة ويجبر الأضرار ويصدر توصيات في هذا الشأن. وفي ما يتعلق بمسألة العقاب والمساءلة ومحاكمة الجلادين أشار بنيوب إلى أن المنتظم العالمي الذي بدأ الشرعية الدولية في العاشر من دجنبر 1948 وأصدر عدة وثائق دولية ولم يتمكن لغاية الوقت الراهن من أن يصدر اتفاقية خاصة بالاختفاء القسري ومحاكمة الجلادين . واعتبر الحقوقي المغربي أن الملك محمد السادس قام بشيء أكبر من الاعتذار للشعب المغربي وهو الإقرار السياسي بمسؤولية الدولة على ذلك . وفي الوقت الذي كان فيه بنيوب متزنا وقارب الإشكال العام للموضوع بدا االضيف الجزائري أكثر اندفاعا وتحاملا على المغرب وأبان من خلال تدخلاته بأنه غير منصف وظل متمسكاببعض الجمل الإنشائية التي يرددها كلما حل ضيفا على هذه القنوات الفضائية ، كاشفا عن عدم اطلاعه على التحولات الديمقراطية التي شهدها المغرب والهامش الحقوقي والأوراش الكبرى التي عرفها مغرب القرن الواحد والعشرين. وفي هذا السياق نذكر الكاتب الجزائري ، بأن الملك الراحل الحسن الثاني صرح في آخر أيام حياته في حوارمع مجلة نوفيل أوبسرفاتور الفرنسية بأنه أخطأ في نسبة معينة من قراراته السياسية ، فهل يوجد حاكم عربي يمكن أن يشك لحظة في أنه أخطأ أو يسمح لمعارض بذلك ؟ وسيأتي اليوم الذي يشيد فيه المؤرخون بهذا الاعتراف وهذه الجرأة كما قال شوقي بنيوب . وبكلمة أخرى، فإن المغرب هو البلد الوحيد الذي تستضيف فيه قناة الجزيرة معارضين مغاربة يستقرون ببلدهم ، حيث يقولون ما يشاؤون ويعودون إلى بلدهم الأم ، وللإشارة فإن استفتاء الرأي الذي كان على هامش البرنامج في موضوع السؤال المطروح : هل تعتقد أن مسيرة المصالحة في المغرب سيكتب لها النجاح؟ عرف مشاركة 3650مشاركا ، صوتت نسبة 6‚58% ب لا و4‚41% قالت بأن هذه التجربة سيكتب لها النجاح.