قالت مليكة نايت لشقر رئيسة جمعية مركز النور للتأهيل الأسري: نحمد الله إذ ألهمنا أن نجعل إحدى معادلات شعارنا التنمية الذاتية. هذه التنمية الذاتية التي أصبح العالم كله يدور في فلكها ويعتبرها هي مدار نمو المجتمعات وتطورها. وأوضحت المتحدثة في افتتاح الملتقى الأسري الأول الذي نظمته جمعية مركز النور للإرشاد الأسري بفضاء المسبح البلدي بالقنيطرة يوم الأحد 11 دجنبر الجاري تحت شعار: من أجل أسرة مستقرة، أن من الواجهات الأساسية التي تحتاج إلى تنمية ذاتية هو مجال الإرشاد الأسري. والذي تسعى الجمعية إلى مقاربته مقاربة بنائية تأسيسية تقوم على بناء الإنسان داخل الأسرة من خلال عدة جوانب منها إعادة النظر في كثير من المفاهيم والأبجديات التي يسوس بها الأزواج حياتهم الأسرية والزواجية، وتجاوز ثقافة الصراع بين الزوجين ونبذ نفسية الصدام، والتأسيس لثقافة أسرية وزوجية نوعية وجديدة توازن بين ثقافة الواجب وثقافة الحق، وبناء أجيال سوية في ظل أحضان سليمة ومتوازنة. وأضافت مليكة نايت لشقر أنه ينبغي تدريب الأسر على القيم الإيجابية التي تحقق تنمية المجتمع كالتشارك والبذل والتعاون والتضحية، والحوار وقبول الاختلاف، إذ لا تنمية بدون تربية، وليس المقصود بالتربية التعليم والتحصيل فقط بل وكذلك تنمية سلوكات أفراد الأسرة ترتكز أساسا على القيم الرفيعة والإيجابية... واستطردت نايت لشقر أن اعتماد سياسة التشارك والانفتاح نابعة من إيمان جمعيتها بأن عملية بناء الإنسان تحتاج إلى تضافر الجهود والتنسيق والتشارك بين المجتمع المدني ومؤسسات الدولة، من أجل تحقيق وتقريب الخدمة النوعية من المواطن حيثما وجد. وصرحت رئيسة الجمعية المذكورة ل التجديد بأن اختيار المسبح البلدي يرجع إلى كونه فضاء متكاملا يمكن من تحقيق الأهداف المرجوة من الملتقى، فطريقة جلوس الأزواج كانت توحي بكونهم في جو عائلي وليس في قاعة محاضرة، كما أن توفير التنشيط لأبناء الأزواج المستفيدين كان مساعدا على التركيز في أشغال الملتقى، فقد أشرف أعضاء من جمعية سنابل سبو على تأطير الأطفال أبناء الضيوف. كما أن قاعة عرض الكتب والأشرطة المرئية والمضغوطة الخاصة بالتنمية الذاتية والأسرية كانت حلقة نوعية في تزويد الضيوف بما يساعد على تدبير أمورهم الأسرية والتقدم بها إلى الأمام. واستفاد ضيوف الملتقى من دورة تدريبية حول تدبير الخلافات الزوجية أطرها الخبير من معهد كرسي النور إبراهيم تليوى (الرئيس الوطني لجمعية السلام للأعمال الاجتماعية ورئيس جمعية الآل والأصحاب للأطفال المتخلى عنهم). وأكد إبراهيم تليوى أن للخلافات الزوجية أشكالاً متعددة، منها: الظاهرة والخفية والعابرة والدائمة. وقصد بالخلافات الظاهرة تلك التي للزوجين أن يتعرفا عليها ولا يحتاج الوصول إليها إلى مختص أو استشاري، وهذه الخلافات يحرص كل من الزوجين على علاجها في الطرف الآخر. أما الخلافات الخفية فيعني بها الخلافات التي تكون في أحد الزوجين ولا يعرف الطرف الآخر بها مثل الغضب المدفون في النفس أو الحوارات النفسية، والعلاج في هذه الحالة يصعب على أحد الزوجين ما لم يكن مختصاً أو متدرباً على كيفية التعامل مع هذا النوع من الخلافات. خلافات عابرة وأخرى دائمة قال إبراهيم تليوى إن الخلافات العابرة هي الخلافات التي يفتعلها أحد الزوجين بشكل استثنائي عابر، وهي ليست من صفاته الدائمة، وإنما كما يقال: لكل عالم هفوة، ولكل حصان كبوة. وقال المدرب بخصوص الخلافات الدائمة إنها الخلافات التي يداوم أحد الطرفين على فعلها، وقد تكون سلوكية أو تلقاها أحد الزوجين في تربيته منذ الصغر، مثل العناد والكذب والمبالغة في الحديث. وعلاج ذلك، حسب إبراهيم تليوى يحتاج إلى استشاري مختص أو توظيف هذه الصفات في جلب المنفعة. وذكر المدرب أن هذه الأنواع السابق ذكرها قد تكون متداخلة فمثلاً قد تكون المشكلة الظاهرة عابرة أو قد تكون دائمة، إلا أن المشكلة الخفية لا تكون إلا دائمة، أما المشكلة العابرة فقد تكون خفية وقد تكون ظاهرة، أما الدائمة فقد تكون ظاهر أو خفية. أسباب الخلافات الزوجية وتناول تليوى بعض أسباب الخلافات الزوجية بما جاء في كتاب سيكولوجية الأسرة للمؤلفين: د. بشير الرشيدي ود.ابراهيم الخليفي في فصل أسباب الخلافات الزوجية وهي: الفروق الفردية والتقلبات المزاجية وتناقض المصالح والصراع بين حريتين وفتور الحب بين الزوجين. وتطرق تليوى إلى موضوع يقض مضجع الكثير من الأزواج وهو فتور الحب وقال: إن إحساس أحد الطرفين أو كليهما بفتور الحب يشكل نقطة ارتكاز في الخلاف بينهما. ونبه إبراهيم تليوى أيضا إلى بعض الخلافات المؤدية إلى الطلاق، والتي أكدت الدراسات أن من أهم أسبابها تدخل الأسرة ووجود نساء أخريات في حياة الزوج ووجود مشكلات جنسية عدم الإنجاب عقم الزوج ووجود مشكلات اقتصادية الصراعات المتعلقة بتوزيع الأدوار وسوء المعاملة وسلطوية الزوج أو الزوجة. الملفات المفتوحة أكبر مشكلة وأشار المدرب إلى أن أكبر مشكلة زوجية هي مشكلة الملفات المفتوحة: فبعد مرور عشر سنوات من الزواج يفاجأ الزوجان أن لدى كل واحد منهما ألف ملف مفتوح مثلاً وعندما تتوتر العلاقة بينهما ويبدأ الزوجان عند حصول أي خلاف بينهما ولو كان بسيطاً تافهاً، باستخراج الملفات المفتوحة فتزداد العلاقة سوءا وتنتهي حياتهما إلى جحيم الشقاق. وقال تليوى إن علاج هذه المشكلة هو إغلاق الملفات أولا بأول، ولا مانع من تأخير ملف أو ملفين دون إغلاقهما وتركهما للزمن، فالزمن جزء من العلاج، ولكن من الخطأ أن تكون جميع الملفات مفتوحة، وقد يرفض أحد الطرفين اتخاذ قرار سريع في مشكلة فلا مانع من فتح الملف لمدة أسبوع أو أسبوعين أو شهر، ولكن بعد ذلك تتم المصارحة بين الزوجين ويعالجان القضية. سمك قرش وسلحفاة ودب وديع وثعلب وحمامة تطرق المدرب إلى أنواع الشخصيات أمام المشاكل الزوجية وقال: هناك خمسة أنواع للأزواج والزوجات عند حدوث مشكلة زوجية:النوع الأول: سمك القرش وهذا النوع هو النوع الهجومي فقد يكون الزوج أو الزوجة من النوع الهجومي عند حدوث أي خلاف زوجي سواء أكان على حق معه أم ضده.. فدائماً يهاجم ويحرص على اتهام الآخر بألفاظ قوية وتصرفات شديدة. والنوع الثاني: السلحفاة وهذا النوع عكس الأول، فالسلحفاة إذا تعرضت لأي خطر تدخل رأسها وأطرافها داخل صندوقها وتنسحب من الواقع الذي فيه، إلى حين هدوء العاصفة وزوال المشكلة تم تخرج بعدها، وهناك بعض الأزواج يفضلون الانسحاب عند حدوث أي مشكلة زوجية. والنوع الثالث: الدب الوديع وهذا النوع يفضل دائما السلامة والهدوء وتخفيف الأمور فعند تعرض أحد الزوجين لأي مشكلة يكون هاجسه الأول والأخير هو المحافظة على العلاقة الزوجية والخروج من الأزمة بسلامة وهدوء مهما كانت النتائج إيجابية أم سلبية، فإن ذلك لايهم المهم هو الهدوء. والنوع الرابع: الثعلب وهذا النوع رمز للمراوغة والمكر والخديعة فهو عند حدوث أي مشكلة زوجية يراوغ ويحرص على أن يخرج بنتيجة معينة وأنه ليس مخطئاً ودائماً عنده الطرف الآخر هو المخطئ وإذا حصل نقاش فلا يمكن الوصول معه إلى نتيجة. والنوع الخامس: الحمامة وهي رمز للذكاء والحكمة فهي تعرف ماذا تفعل وكيف تتصرف وإذا كان أحد الزوجين هذا النوع فهو يعرف ماذا يقول وكيف يتكلم وكيف يتعامل مع المشكلة. وذكر المدرب أربعة مواقف يقفها الزوجان إزاء أي مشكلة وهي العلاج والاحتواء والتوظيف والإهمال. وخلص إبراهيم تليوى إلى أن التفاهم هو السبيل الوحيد لحل المشاكل داخل البيت. وينبغي عدم إشراك أطراف الأسرة من خارج المنزل لحل المشكلة. كما ينبغي ترك المنزل والابتعاد عنه لفترة حتى تهدأ الأوضاع. وحبذا مواجهة المشكلة بهدوء والتعامل معها بتعقل، مع الحرص على البدء بالمصالحة حتى وإن كان الطرف الآخر هو السبب في حدوث المشكلة. وينبغي الإقناع بمحاولة تنظيم المتطلبات وبتحديد الأيام لتلبيتها. كما أن النظام والتخطيط أهم العوامل التي تساعد على حل المشاكل. ورشات مفتوحة لمشاكل معقدة وتضمن برنامج الملتقى الأسري في الفترة المسائية أربعة ورشات، إذ توزع الحضور على أربع مجموعات، لمناقشة أهم المشاكل التي يعانيها الأزواج، أولها التدبير المالي للزوجين وخاصة حينما تكون الزوجة موظفة، وثانيها الغربة بين الأزواج وخصوصا الصمت الزواجي، وثالثها ضرب الزوجات وإفشاء أسرار الزوجية للأصدقاء ورابعها حينما يطرق الطلاق باب الزوجين، هل يستقبلانه بالأحضان أم يصدانه بالوسائل المتاحة؟ المعرض تطعيم للملتقى وإذا كان من الصعب التطرق إلى موضوع الخلافات الزوجية وتشعباتها من جميع جوانبه، فإن تطعيم أشغال الملتقى الأسري الأول لجمعية مركز النور لم تهمل دور القراءة والمشاهدة إذ شارك في الملتقى عارض لكتب وأشرطة في الموضوع من قبيل: كتاب أسعد امرأة في العالم للدكتور عائض القرني ودعوة للإيجابية مع النفس والآخرين لمحمد فتحي. وكتاب من أجل حياة جنسية إنسانية ناضجة للدكتور التونسي أحمد الأبيض وكتيب مائة فكرة للحصول على السعادة الحقيقية للدكتور صلاح الراشد مدير مركز الراشد للتنمية البشرية، وكتاب التربية الذاتية للدكتور لاري جيه كوينج... وغيرها من الكتب المتخصصة في التنمية الذاتية والأسرية. يشار إلى أن جمعية النور للإرشاد الاسري جمعية مستقلة تهتم بالتنمية الذاتية للأسرة في المجالات النفسية والتربوية والاجتماعية والحقوقية اتخذت لها شعار: التغيير + التنمية = النجاح وهي حديثة التأسيس إذ لم يمر على تأسيسها حول كامل.