مِنْكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُم مَّن يُرِيدُ الآَخِرَةَ في غزوة أحد، التي تلت غزوة بدر الكبرى، امتحن الصحابة في إيمانهم القلبي، وابتلوا في نظرتهم للحياة وحقيقة ابتغائهم لأجر الآخرة، فجاءت آيات من سورة آل عمران تجلي خطأ الانتصار الأولي للكفار على الجماعة المسلمة، وتكشف موطن الخلل، يقول الله تعالى: (ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم فى الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الأخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين). فالآيات نزلت تبين أطوار المعركة، التي عرفت في أولها الدائرة على الجماعة المجاهدة والانتصار الأولي للكفار وبدأت الغنائم تحاز، فطمع الصحابة، خاصة الذين لم يشاركوا في بدر الكبرى، وسعوا لجمع الغنائم قبل أن يحسم النصر في النهاية للمسلمين بعد تمحيص قلبي، قال ابن مسعود: ما كنت أظن أن أحدا من أصحاب محمد يريد الدنيا حتى نزلت هذه الآية، إذ كان كثير من الصحابة يظنون أنه لا يوجد فيهم من يريد الدنيا، وهم أنقى وأطهر مجتمع شهدته البشرية أو النموذج القرآني الفريد، فكان فيه من يريد الدنيا.. فما بالنا بغيرهم؟ فلمَ الاستغراب في عصرنا هذا من بعض الممارسات التي قد تصدر ممن نثق بهم ونحترمهم؟ إذ نرى كثيرا من الدعاة يتحدث في الرخاء عن الابتلاء، حتى إذا صار واقعاً ملموساً نسينا ما كنا نحدث به الناس. وقد أرشد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى التعامل مع الدنيا وبهرجتها فقال: فابشروا وأملوا ما يسركم فوالله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى أن تفتح عليكم الدنيا كما فتحت على الذين من قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم رواه البخاري. هكذا كان الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام يحذر الناس والأخيار في عهده من انفتاح الدنيا عليهم، والاغترار ببهرجها ومتاعها الزائل الحقير، ومن غلب عليه حب الدنيا فإن النتيجة الطبيعية ( الهلاك ) هلاك المجتمع وهلاك الأشخاص. ويظهر أن الدنيا قد فتحت على الناس عامة، وعلى الدعاة خاصة مما يلزم أخذ نصيحة الواردة في الآيات نصب العين في كل حركة أو تصرف. إعداد: ع.لخلافة