عباس عشاق وردت آيات كثيرة وكذلك أحاديث نبوية شريفة في فضل الصحابة رضي الله عنهم مثل قوله تعالى : » والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم « .الآية من سورة التوبة. في تفسيره لهذه الآية قال ابن كثير رحمه الله » فقد أخبر الله العظيم أنه رضي عن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان فياويل من أبغضهم أو سبهم أو أبغض بعضهم أو سب بعضهم «. و قال تعالى » محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا « الآية من سورة الفتح. قال ابن كثير في تفسيره » وهذه صفة المؤمنين أن يكون احدهم شديدا عنيفا على الكفار رحيما برا بالأخيار غضوبا عبوسا في وجه الكافر ضحوكا بشوشا في وجه أخيه كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر}. وقال صلى الله عليه وسلم «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه «. انطلاقا من هاتين الآيتين وتفسير ابن كثير لهما وانطلاقا من هذ ين الحديثين أقول وبالله التوفيق أنه كنا إذا سمعنا ذكر أي من الصحابة نترضى عليهم جميعا بكل عفوية وتلقائية وبراءة وكان الناس كلهم كذلك وكانت فرائصنا ترتعد عند ذكرهم إجلالا و إكبارا من شدة محبتنا لهم و على نهج هذا السلوك وجدنا آباءنا وأجدادنا، ولم نكن نتصور أنه يمكن أن يكون في الدنيا من الناس من تكون له جرأة التطاول على الصحابة للنيل منهم بالسب والشتم والقذف والتكفير والردة أو التشكيك في إيمانهم وفضلهم وهم من هم في التقوى والزهد والورع والتواضع والجود والكرم والسخاء والشهامة والشجاعة والبذل والعطاء والمروءة والعفة والحياء وباختصار فكل الخصال الحميدة قد اجتمعت في الصحابة رضي الله عنهم من المهاجرين والأنصار ونحن نعلم انه لا يسب الصحابة إلا زنديق أو مارق ولا زلنا نعتقد هذا الاعتقاد . وفي الماضي كنا نسمع عن ذاك السب وكانت تصلنا أصداؤه من بعيد وكنا نعلم أن فريقا من المارقين قد انشأوا مذاهب سياسية بنوا بها مجدهم الدنيوي متاجرة فيما شجر بين الصحابة إذ بهذه المتاجرة وصلوا إلى مراكز القرار في دنيا الناس مما صعد من حملة التهجم على الصحابة ولا سيما في هذا الزمن زمن العولمة والحداثة والتغني بموضات حقوق الإنسان والتطبيل والتزمير لتوسيع هامش حريات التعبير وفي خضم إنشاء القنوات الفضائية التي انتشرت كالفطر حيث بدأنا نرى ونسمع بعض السياسيين أو بعض المغفلين اوبعض المغرر بهم قطع الله ألسنتهم يسبون بعض الصحابة أثناء مشاركتهم في بعض البرامج الحوارية التي تخصص لمناقشة بعض القضايا الدينية المختلف في جزئياتها وفروعها وفي بعض المرات تأبى بعض القنوات إلا التعمد لإدراج مواضع ذات جزئيات مذهبية سياسوية للنيل من الصحابة وخاصة تلك القنوات المغمورة التي أنشئت لأجل هذا الغرض بدعم من جهات لها مذاهب مختلفة تعادي مذهب أهل السنة والجماعة وهي بمذهبها المعادي تقيم أمرها وتدبر سياستها التي بها تقتات وعلى حساب الصحابة الأبرار تتعيش وتأكل وتشرب وعلى حسابهم تلتحق بركب التدبير والتسيير في مجتمعات تنخر أجسامها الطائفية وتأكلها صراعات مذهبية ونزاعات فكرية متنطعة تغذيها خطابات حماسية ملتوية سياسية ماكرة في محاولة لإثبات الذات بالباطل والبحث عن زعامة حتى انطلت حيلهم على بعض الناس في بعض الجهات ولكن مهلا فنحن في هذا البلد لاخشية علينا لأننا قد اخترنا منذ قرون عقيدتنا ومذهبنا وطريقتنا التي بها وعليها سنبقى سلفيين سنيين مالكيين أشعريين متصوفين بطريقة الجنيد السالك وكلنا في هذا الباب حفظنا عن ظهر قلب مطلع مقدمة المنظومة الفقهية لابن عاشر رحمه الله الذي قال : وبعد فالعون من الله المجيد > في نظم أبيات للأمي تفيد في عقد الأشعري وفقه مالك > وفي طريقة الجنيد السالك ولكن لابد من التحذير لاتخاذ التدابير الاستباقية لاحتواء التشويش والتضليل درءا للمفاسد وعلى هذا وبفضل تماسكنا ووحدة عقيدتنا ومذهبنا وتصوفنا فلن يستطيع احد أن يخترقنا بأفكاره المادية الطائفية العمياء التي لن تنال من إيماننا ووحدتنا ومذهبنا وسنبقى إن شاء الله موحدين متحدين مستمسكين بالعروة الوثقى التي لاانفصام لها ومعتصمين بحبل الله المتين متشبثين بمذهب أهل السنة والجماعة على طريقة مذهبنا المالكي منفتحين على المذاهب السنية الأخرى المشهود لها بالاجتهاد والجديرة بالاقتداء والتأسي في باب العبادات والمعاملات متبعين لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومقتدين به وبأبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وأم المومنين الفقيهة العالمة عائشة رضي الله عنها التي شهد لها الرسول بالفقه فقال «خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء »، ولذلك يجب علينا أن نذب عنهم وأن لا نقبل أي إساءة تسيء إليهم وأن نذكرهم كلهم بخير. هذا وما أجمل ماقاله في هذا السياق ابن أبي زيد القيرواني في رسالته الفقهية حيث قال رحمه الله » وأن خير القرون القرن الذين رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وآمنوا به «. ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم، وأفضل الصحابة الخلفاء الراشدون المهديون أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم أجمعين وأن لا يذكر أحد من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم إلا بأحسن ذكر والإمساك عما شجر بينهم وأنهم أحق الناس أن يلتمس لهم أحسن المخارج ويظن بهم أحسن المذاهب«. أقول فكيف لا وهم الذين جمعوا القرءان وكتبوا المصحف وأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بإتباع سنته وسنة خلفائه الراشدين إذ في هذا المعنى روى ابوداود والترمذي عن أبي نجيح العرباض بن سارية رضي الله عنه قال » وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا يارسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا « قال » أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد حبشي ، وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فان كل بدعة ضلالة ». وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله وسلم قال » لاتسبوا أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أن أحدكم انفق مثل احد ذهبا ما أدرك مد احدهم ولا نصيفه «[ رواه البخاري ومسلم ]. وقال الله عز وجل «لايستوي منكم من انفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير». [ الآية من سورة الحديد ].و بهذا القدر نكتفي ولا شك في أن الرسالة قد وصلت وأن المراد قد حصل وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت واليه أنيب.