كان من المقرر أن تنظر المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة أمس الخميس في القضية المستعجلة التي رفعها رئيس جمعية القضاة التونسيين أحمد الرجموني لإبطال الجلسة العامة الانتخابية التي دعت إلى عقدها الهيئة المؤقتة يوم 4 ديسمبر. وتتهم جمعية القضاة ومنظمات حقوقية تونسية وزارة العدل وحقوق الإنسان بمحاولة الانقلاب على المكتب الشرعي للجمعية وتنصيب هيئة مؤقتة مخالفة في ذلك القانون الداخلي للجمعية.حيث يتردد هذا الاتهام على الرغم من تصريح وزير العدل وحقوق الإنسان أكثر من مرة بأن ما يحدث في جمعية القضاة شأن داخلي ولا علاقة للوزارة به. وكانت المحكمة نظرت يوم 82 نوفمبر في دعوى رئيس الجمعية في جلسة حضرها جمع غفير من المحامين وسط حضور أمني مكثف داخل أروقة المحكمة وخارجها، وأرجأت الحسم في القضية إلى جلسة أمس بطلب من المحامين. وتقول مصادر مطلعة إنه على الرغم من أن المحكمة لم تحسم القضية بعد فإن المدعين العامين ورؤساء المحاكم بدؤوا منذ يوم الاثنين الماضي توزيع شارات اسمية على القضاة لحثهم على حضور الجلسة العامة المذكورة، مع إجبار بعضهم على إمضاء وثيقة استلام الأمر الذي اعتبرته المصادر المذكورة ضغطا مباشر على القضاة ومخالفة واضحة للوائح الجمعية. وشهدت الأشهر الماضية صراعا ضاريا بين وزارة العدل وجمعية القضاة، التي تتهم الوزارة بمنع المكتب التنفيذي الشرعي من دخول مقر الجمعية لعقد الاجتماعات وذلك حين أعطت الأوامر إلى النائب العام بالمحكمة الابتدائية في تونس العاصمة بتغيير أقفال المقر مما حرم المسؤولين بالجمعية من دخوله. ومنذ ذلك التاريخ توالت الإجراءات الرسمية ضد الجمعية. وحسب ما صرح به عدد من مسؤوليها فقد عمدت وزارة العدل إلى تنصيب هيئة مؤقتة صورية على رأسها رئيس سابق للجمعية تتولى الإعداد لمؤتمر انتخابي لتغيير الهيئة الحالية التي طالبت أكثر من مرة باستقلال القضاء وبكف تدخل الإدارة في شؤون القضاة. ويقول أعضاء من المكتب التنفيذي بالجمعية إن التفاف عدد كبير من القضاة حول مطالب الجمعية دفع السلطة إلى اتخاذ إجراءات زجرية ضد الأعضاء الناشطين في المكتب التنفيذي بنقلهم إلى وظائف جديدة بمحافظات بعيدة عن العاصمة لتشتيتهم وحرمانهم من النشاط داخل الجمعية. وكرد فعل من جانب الأحزاب والجمعيات حيال هذا الصراع تنظم حركة التجديد المعارضة اليوم اجتماعا تضامنيا مع القضاة، كما تنظم الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في الثاني من ديسمبر اليوم الوطني للتضامن مع جمعية القضاة التونسيين ودفاعا عن استقلالية القضاء. وفي السياق نفسه دعا مركز تونس لاستقلال القضاء والمحاماة الحكومة إلى إعادة الاعتبار لجمعية القضاة التونسيين حفاظا على هيبة القضاء. واعتبر المركز في بيان له أن تدخل وزارة العدل وحقوق الإنسان في شؤون جمعية القضاة يعد تعديا على حق القضاة في التنظيم وفي اختيار من يمثلهم بكل حرية وديمقراطية، منبها إلى خطورة ما تقوم به الوزارة ومعربا عن خشيته من حدوث شرخ وسط القضاة بين الموالين للسلطة والمتمسكين باستقلاليتهم مما سيؤدي إلى اهتزاز الثقة في القضاء وتقول مجموعة من الأحزاب المعارضة والجمعيات المستقلة إن ما يحدث للقضاة يعكس بالملموس سياسة التشدد التي اعتمدتها السلطة في الأشهر الأخيرة ضد الجمعيات المستقلة وفي مقدمتها جمعية القضاة والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، ونقابة الصحافيين التونسيين اللتان منعتهما السلطة من عقد مؤتمريهما في شهر سبتمبر الماضي وتضرب عليهما حصارا شديدا منذ ذلك التاريخ.