أعلن محامون أمس أن محكمة تونس الابتدائية أصدرت في قضيتين منفصلتين أحكاما بالسجن، تراوحت بين سنتين وست سنوات نافذة، ضد ثمانية شبان، بموجب قانون مكافحة الإرهاب الذي تطبقه تونس منذ سنة 2003. وقال سمير بن عمر، المحامي المتخصص في قضايا الإرهاب في اتصال هاتفي مع وكالة الأنباء الألمانية، إن المحكمة أصدرت في قضية أولى حكما بسجن أربعة شبان لمدة ست سنوات نافذة وإخضاعهم للمراقبة «الإدارية» مدة خمس سنوات، بتهمة «الدعوة لارتكاب جرائم إرهابية»، و«الدعوة للانضمام لتنظيم إرهابي». وأضاف أن المحكمة أصدرت في قضية ثانية حكما بالسجن مدة سنتين نافذتين ضد أربعة شبان آخرين بتهمة «عدم إشعار السلطات بما بلغ إلى علمهم من جرائم إرهابية»، وأنها أسعفت واحدا منهم بتأجيل التنفيذ. وأوضح بن عمر أن الشبان الذين تترواح أعمارهم بين 23 و35 عاما من أبناء «حي التضامن» الشعبي (وسط العاصمة تونس)، وأنهم أنكروا التهم الموجهة إليهم، مشيرا إلى أن الدافع الرئيسي لملاحقتهم قضائيا هو اعتناقهم «الفكر السلفي الجهادي»، و«تكفيرهم لنظام الحكم القائم». ويقدر محامون عدد التونسيين المعتقلين بموجب قانون مكافحة الإرهاب بنحو 2000، أغلبهم من الشبان المتأثرين بالفكر السلفي الجهادي، بينما تقول الحكومة إن عددهم لا يتعدى 300. من جهة أخرى، رحبت «حركة النهضة» الإسلامية التونسية المحظورة، أمس، بإطلاق سراح رئيسها السابق، الصادق شورو، الذي قضى نحو 20 عاما في السجن، ودعت السلطات إلى رفع المراقبة الأمنية «اللصيقة» عنه، واحترام حريته في التعبير والتنقل. وأفرجت تونس السبت عن شورو (63 عاما) بعد إتمامه عقوبة أولى بالسجن مدة 18 سنة نافذة (قضى منها 13 سنة في زنزانة انفرادية)، تلتها بعد شهر من إطلاق سراحه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2008 عقوبة ثانية بالسجن مدة سنتين نافذتين. وقال راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، المقيم بالعاصمة البريطانية، في بيان نشرته الحركة على موقعها الإلكتروني: إن شورو «رمز للصمود وأبرز سجين سياسي في تاريخ تونس المعاصرة، بعد أن قضى قرابة عشرين سنة في السجن». ودعت الحركة في البيان السلطات إلى «رفع المراقبة اللصيقة عن شورو، وتمكينه من حريته في التعبير والتنقل»، وطالبتها «بضرورة الإصلاح السياسي الشامل والعاجل، وفتح الطريق أمام الحريات، والانتقال الديمقراطي، واحترام إرادة الشعب وأسس الجمهورية، وإنهاء حالة الانغلاق». من ناحيتها، أعربت «الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين» (حقوقية غير معترف بها) عن «ارتياحها لانتهاء محنة السجين الأسير وعميد المساجين السياسيين في تونس» وطالبت «بتمكينه من جميع حقوقه التي يضمنها له الدستور والمواثيق الدولية وقوانين البلاد». وانتقدت الجمعية في بيان نشرته أمس على شبكة الإنترنت «الحصار المضروب على منزل شورو بعد تسريحه وقبله بأيام»، وقالت إنها «ترى فيه مؤشرا على تواصل عقلية التشفي والانتقام والتمييز بين المواطنين على أساس قناعتهم وانتماءاتهم». وفي السياق ذاته، دعت منظمة «حرية وإنصاف» الحقوقية المحظورة السلطات إلى «احترام حق صادق شورو في حرية التعبير والتنقل والتنظيم والمشاركة في الحياة العامة، واسترداد حقوقه المدنية والسياسية». وكان الرئيس التونسي زين العابدين بن علي عفا مطلع نوفمبر 2008 عن 21 إسلاميا (من بينهم صادق شورو)،هم آخر دفعة من مساجين حركة النهضة في تونس. وأعادت السلطات اعتقال شورو في ديسمبر (كانون الأول) 2008، وقضت بسجنه سنة نافذة بتهمة «الاحتفاظ بجمعية غير مرخص بها» (حركة النهضة). كما سجنته سنة إضافية، وهي الفترة المتبقية من حكم صدر ضده قبل أن يعفو عنه الرئيس التونسي بعد أن تم إبطال قرار العفو. وقالت السلطات في بيان رسمي فسرت فيه أسباب إعادة اعتقال شورو إن «المتهم عمل، منذ تاريخ الإفراج عنه في نوفمبر 2008، بصفته المسؤول سابقا عن الجناح العسكري لما يسمى ب(حركة النهضة) إلى تجديد نشاطه ضمن هذا التنظيم غير المعترف به، من خلال التحدث باسمه، وتكثيف الاتصالات بعناصره وعقد اجتماعات معهم». وعزت منظمات حقوقية تونسية إعادة حبس شورو إلى تصريحات صحافية أدلى بها بعد إطلاق سراحه في 2008 لوسائل إعلام أجنبية، وتحدث فيها عن تعرضه للتعذيب في السجن، وعن اعتزامه مواصلة النشاط السياسي بحركة النهضة التي طالب بمنحها تأشيرة العمل السياسي في تونس. وانتخب صادق شورو سنة 1988 رئيسا لحركة النهضة، وبقي إلى سنة 1991، قبل أن يتم اعتقاله وتصدر ضده محكمة تونس العسكرية سنة 1992 عقوبة السجن مدى الحياة، بتهمة (محاولة قلب نظام الحكم بالقوة)». وخففت السلطات من هذه العقوبة في عدة مناسبات، إلى أن نزلت بها إلى السجن مدة 18 سنة نافذة. ويحمل شورو شهادة الدكتوراه في الكيمياء، حصل عليها من كلية العلوم بتونس العاصمة، وعمل حتى عام 1991 أستاذا محاضرا بجامعتي الطب والعلوم بتونس، ومدرسا بأكاديمية «فندق الجديد» العسكرية.