الصحافي الإسباني دافيد مانويل ألفاردو يعمل من الرباط مراسلا ليوميةأفوي الكاطالانية التي يوجد مقرها ببرشلونة ، كما يكتب في أسبوعيتيإيل سيغلو وإيل تييمبو بمدريد. يقيم منذ عامين بالمغرب في إطار عمله الصحافي حيث يعد كتابا عن المسألة الأمازيغية بالمغرب، ويعتبر أحد المتابعين لملف العلاقات المغربية الإسبانية والعلاقات المغاربية المتوسطية. "التجديد" التقته وحاورته حول راهن ومستقبل مشروع برشلونة الأورمتوسطي الذي يحتفل يومي 28-27 من الشهر الحالي بمرور عشر سنوات على انطلاقته، وظاهرة الهجرة السرية، والعلاقات الإسبانية المغربية. ينعقد في نهاية هذا الشهر مؤتمر برشلونة الأورو متوسطي الذي يدخل عامه العاشر، ما هو تقييمك للعلاقة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب العربي خلال عقد من الزمن؟ بشكل عام يمكن اعتبار أن مشروع الشراكة المتوسطية خلال السنوات العشر الفائتة كان ناجحا نسبيا في عدد من النقاط، غير أنني لا أعتقد بصراحة أن هناك هوية يمكن أن نطلق عليها الهوية المغاربية، بل أعتقد أن هناك دولا لها مصالح محددة وعلاقات خاصة مع أوروبا، إذ لا أظن أن العلاقة التي للمغرب مع أوروبا هي نفس العلاقة التي للجزائر أو ليبيا معها، وأظن أن ذلك يرتبط بوزن الدولة والمعطيات المختلفة لكل دولة مع دولة أخرى، فالعلاقة التي توجد بين المغرب وإسبانيا مثلا هي اليوم علاقة جيدة، من هنا لا أومن بوجود هوية متوسطية واحدة أو هوية مغاربية، وأعتقد أن أوروبا ما تزال مرتطبة بسياسة كل دولة على حدة. إن مرور عشر سنوات على انطلاق هذه الشراكة يجعلني أعتقد بأن الأمور بدأت تتقدم وأخذ يتشكل فضاء مغاربي وفضاء متوسطي، ولكن أن هناك الكثير مما ينبغي القيام به. مشروع برشلونة محطة تاريخية مهمة، لم تكن ممكنة قبل عشر سنوات، ولقد كانت مباردة جيدة جدا بأفكار إيجابية ومشروعات وأهداف جيدة، وأعتقد أن هناك الكثير مما لم يتم القيام به خلال هذه الفترة، لكن ما حصل يمكن القول إنه كان عبارة عن النبتة الأولى التي تم زرعها ويجب الآن تحقيق الأهداف التي رسمت للمشروع، والتي تهم تنمية بلدان جنوب المتوسط وتقوية العلاقة فيما بيننا، فقد تم وضع القواعد والآن يجب الانطلاق في العمل. لكن ضعف النتائج خلال عشر سنوات من بداية مشروع برشلونة، ألا يمكن أن يعني أن هذا الأخير فشل في تحقيق ما خطط له؟ لا أعتقد أن هناك فشلا، يمكن القول بأن التوقعات لم تكن بالفعل في مستوى قدرة مسلسل برشلونة على تحقيقه، لكنه لم يكن مشروعا بإمكانه تغيير المنطقة بين يوم وآخر، وما لاحظناه يقود إلى خلاصة وهي أنه ينبغي العمل يوما بيوم من أجل هذا الغرض، وأن تحقيق جميع الأهداف يتطلب وقت وجهودا وتعاونا بين الضفتين. لقد رأينا أنه كان هناك أحيانا تعاون قوي وأحيانا تراجع هذا التعاون، وكانت هناك لحظات قوة ولحظات ضعف، لكن ينبغي المحافظة على تلك الديناميكية التي اتسمت بها فترات التعاون المكثف. ما هو دور إسبانيا في إطار هذه الشراكة، باعتبارها البلد الذي يقع على الحدود مع المغرب؟ دور إسبانيا هو دور أساسي، خاصة وأنه كما تقع على الحدود الجنوبية لأوروبا مع منطقة المغرب العربي، كما أنها أيضا بحكم تاريخها وماضيها وحاضرها كذلك مرشحة لأداء دور أساسي، زد على هذا أن الحضور المغاربي في إسبانيا حضور كثيف، وخصوصا الحضورالمغربي. هل يمكن النظر إلى مشروع حوار الحضارات الذي طرحته إسبانيا قبل عام كمحاولة لأداء هذا الدور داخل الاتحاد الأوروبي مع بلدان الجنوب؟ أولا أنا أتعامل بشكل نقدي مع مصطلح الحضارة، لأنني لا أعرف بالتحديد ماذا يقصد بذلك، وقد أصبحت هذه الكلمة تلعب دورا كبيرا في العلاقات الدولية في الأعوام الأخيرة بعد ظهور نظرية صدام الحضارات لها نغتنغتون. وبالنسبة لي لا أرى أن ذلك صحيح، ولا أعتقد أن مسألة الحضارات تلعب دورا كبيرا على المستوى الدولي، لأننا نلاحظ أن مؤسسات ما فوق الدولة كالمنظمات الدولية التي تضم دولا عدة أصبحت حقيقة لا يمكن تجاوزها، وما نراه هو وجود هذه المنظمات ثم الدول ثم الأشخاص، فأنا أومن بالإنسان وبالعدالة للجميع، صحيح أن هناك اختلافات ثقافية وحقائق مختلفة، ولكن ليس هناك حضارات مختلفة عن بعضها البعض بشكل صارم، فلا أعتقد بأنك تختلف عني مثلا، أو أن مواطنا تركيا يختلف كثيرا عن المواطن الأمريكي، لذلك لست مقتنعا كثيرا بمشروع زباثيرو فيما يتعلق بالأسس الفلسفية التي يتم الاستناد إليها لدى الحديث عن موضوع الحضارات، ومع ذلك فأنا مع أي مشروع يمكن أن يدعم الحوار بين الأشخاص بالدرجة الأولى وبين المناطق والبلدان بالدرجة الثانية. بعدما أثاره موضوع هجرة الأفارقة في المنطقة مؤخرا، هل تعتقد أن مشروع برشلونة يمكن أن يتسع ليشمل البلدان الأفريقية؟ هذا سؤال يمكن أن يوجه إلى المسؤولين السياسيين، ولكن ما يمكن قوله هو أن المشكلة ليست مشكلة تتعلق بالجانب الأمني فقط، ولا تخص إسبانيا والمغرب فقط الذين لهما حدود قريبة، بل هي ظاهرة متعددة الجوانب ويجب التعامل معها انطلاقا من عدد من النقاط، إذ يجب أولا دعم التنمية في هذه البلدان التي تشكل مصدرا للمهاجرين السريين، ومساعدة البلدان التي تشكل مناطق عبور للمهاجرين للوصول إلى أوروبا، وعلى الممسؤولين أن يفكروا في هذه الأمور، لكن ليس من الضروري أن يتم ذلك من داخل مشروع برشلونة، إذ يمكن أن تكون هناك مشروعات أخرى مشابهة فيما يخص العلاقة مع بلدان الساحل الإفريقي. طرح المغرب خلال ملتقى وزراء بلدان المتوسط قبل شهر اقتراحا بوضع مشروع مارشال جديد من أجل القارة الإفريقية، ما رأيكم في هذا المشروع وهل تعتقد أنه ممكن؟ أعتقد أنها فكرة جيدة، لكن ما يحصل هو أن هناك مسافة بين النظرية والممارسة الواقعية، لقد وضع مشروع مارشال من طرف الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد مرحلة الحرب العالمية الثانية لإخراج أوروبا من مخلفات الحرب وإدخالها في مسلسل من التنمية وتحقيق الإقلاع الإقتصادي، ومن تم فقد كان مشروعا مفيدا وإيجابيا بالنسبة لأوروبا ولإسبانيا، لأن الولاياتالمتحدة أدركت أن مصلحتها واستقرارها وأمنها مرتبط بتنمية وأمن أوروبا، وبأن تكون هناك أوروبا قوية، وهذا ما يحصل حاليا في العلاقة بين أوروبا وبلدان المتوسط، حيث أدركت الأولى أن أمنها مرتبط بمغرب عربي قوي، مغرب عربي متطور، مغرب عربي مستقر، لذلك فإن فكرة مشروع مارشال جديد هي فكرة جيدة لتجاوز الأوضاع الحالية، لكن يجب انتظار كيف سيتعامل السياسيون في بلداننا معها.