كل من واكب الحملة الانتخابية الأخيرة وواكب الأجواء التي رافقت يوم الاقتراع ولحظة انتظار النتائج وما بعدها سيقف عند حجم الارتياح الذي شعر به المواطن بعد انتهاء "قيامة الانتخابات".. هذا الارتياح مرده إلى عاملين : نجاح المغرب في كسب رهان تنظيم انتخابات تشريعية ستسهم في ترسيخ المسار الديموقراطي وتحفظ لبلادنا نعمة الاستقرار وسط بيئة إقليمية مضطربة، والعامل الثاني هو احترام النتائج المعلن عنها للتوجه العام الذي عبر عنه الناخبون بدعمهم لخيار مواصلة الإصلاح ومنحهم لحزب العدالة والتنمية حوالي مليوني صوت. لقد كانت نسبة المشاركة المعبر عنها والمتمثلة في 43٪ نسبة معبرة لا تخلو من دلالات عميقة، فعلى عكس انتخابات 25نونبر التي جاءت في أعقاب احتجاجات 20 فبراير المتأثرة برياح الربيع العربي والتي شكلت عنصرا دافعا للتصويت تفاعلا مع شعار "الإصلاح في ظل الاستقرار"، فقد أجريت الانتخابات الأخيرة في ظروف عادية محفوفة بتلويح البعض بإغلاق قوس الربيع الديموقراطي والعودة لخيار الضبط والتحكم، وهكذا أجريت الانتخابات الأخيرة في ظل مناخ تنافسي بين شعارين: " شعار مواصلة الإصلاح" وشعار " مناهضة شعار مواصلة الإصلاح". الخيار الأول نزل إلى الساحة الانتخابية عبر ترشيح وزرائه ورموزه مستعرضا حصيلته الانتخابية ومستعدا للمحاسبة الشعبية، والخيار الثاني لم يمتلك الشجاعة لترشيح قياديّيه وأعضاء " مكتبه السياسي" ونزل للساحة عبر ترشيح جملة من الأعيان المحليين المستقطبين من أحزاب أخرى، مدعوما بحملة إعلامية رخيصة تستهدف الحياة الشخصية لخصومه ليحصد مقاعد بدون معنى سياسي، وليفرض واقعا انتخابيا فارغا من أي مشروع سياسي قابل للمحاسبة أمام المواطنين… الاستحقاقات التي شهدها المغرب يوم 7 أكتوبر أكدت ثقة الشعب المغربي في خيار مواصلة الإصلاح، وهي مناسبة للتنويه بمستوى النضج والذكاء الذي عبر عنه الناخبون والناخبات الذين منحوا ثقتهم ووضعوا آمالهم في هذه التجربة ووثقوا في صدق وأمانة أمينه العام الأستاذ عبد الاله بنكيران الذي خاض حملة انتخابية وتواصلية فعالة نظيفة وتعاقد مع المواطنين على الاستمرار في نهج الإصلاح في ظل الاستقرار. لابد من الإشادة في هذا السياق بالدور الفعّال والاستراتيجي لجلالة الملك في حماية الخيار الديمقراطي وتثبيت أسس المسلسل الانتخابي ليصبح ركيزة أساسية في تمثيل الأمة وتجسيد القيم الديمقراطية الفضلى في بلادنا في محيط مضطرب وأوقات صعبة تمر منها المنطقة فيما بلادنا تقدم أعظم الدروس في الممارسة الديمقراطية لجيرانها وتظهر للعالم فرادة الاستثناء المغربي . ويبقى المنتصر الأكبر هو المغرب الذي يظلل كل أبنائه مهما كانت مشاربهم واتجاهاتهم ومشاريعهم …