أول زيارة من نوعها يقوم بها زعيم دولة إسلامية، وصل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى باكستان الجمعة 21-10-2005 لتفقد المناطق المنكوبة جراء الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد في الثامن من أكتوبر الحالي وراح ضحيته ما يزيد على 50 ألف قتيل. وتوجه أردوغان بصحبة نظيره الباكستاني شوكت عزيز إلى مظفر آباد عاصمة الشطر الباكستاني من إقليم كشمير المتضرر، وتفقد آثار الدمار في أنحاء المدينة قبل أن يزور المستشفى الميداني التركي في المنطقة والذي يضم 50 سريرا، حيث قدم له المرضى الورود. وتوجه الميجور جنرال خالد نواز القائد العسكري لمظفر آباد بالشكر لأردوغان قائلا: "نحن ممتنون للحكومة التركية... إننا فخورون بك يا سيدي". من جانبه دعا أردوغان دول العالم إلى الاستعداد للكوارث الطبيعية كما تستعد للحروب. وأوضح أنه يتمنى أن يتم إعداد عمال إغاثة للاستعانة بهم في وقت الكوارث. وقال أردوغان: "يجب ألا نتوقف عند المعونات المبدئية.. يجب أن تتحول مهامنا الإنسانية من قصيرة الأجل إلى أخرى طويلة الأجل". وأعلن رئيس الوزراء التركي أن بلاده سترسل 50 طنا من المواد الغذائية، وذكَّر بموقف الشعب الباكستاني -وقت أن كان تحت السيادة الهندية- المساند لتركيا في أعقاب الحرب العالمية الأولى، واصفا إياه بالموقف "التاريخي الذي لا ينسى". وجاءت زيارة أردوغان إلى باكستان في الوقت الذي تعرضت بلاده اليوم الجمعة لزلزال ضرب مدينة أزمير الغربية؛ وهو ما أسفر عن مصرع شخص واحد وإصابة آخرين. حملة تبرعات وقاد رئيس الوزراء التركي الأسبوع الماضي حملة واسعة في بلاده لجمع تبرعات لصالح ضحايا الزلزال؛ حيث دعا إلى تقديم أقصى التبرعات الممكنة لإغاثة المنكوبين، وتعهد بإرسال المزيد من المساعدات. وفي إطار حملة الإغاثة التي يتصدرها أردوغان، شارك طلاب المدارس التركية بمساهمة من 600 ألف مدرس ومدرسة و400 ألف إداري بوزارة التعليم في جمع تبرعات مالية وعينية لمنكوبي الزلزال تلبية لدعوة حسين شليك وزير التعليم. وفي وقت سابق، دعا عثمان ببه وزير الغابات والثروة الطبيعية الشعب التركي إلى جمع أموال زكاة الفطر وإرسالها لإخوانهم في باكستان. وأكد في حديث للصحفيين أن تركيا تعرف جيدا معنى الألم الذي لحق بالشعب الباكستاني جراء الزلزال، وأنها صاحبة تجربة أليمة في هذا الصدد. وكان الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان قد حذر يوم 20-10-2005 من تعرض 3 ملايين شخص من منكوبي زلزال باكستان لخطر الموت مع قدوم فصل الشتاء في حال عدم توفير المساعدة المطلوبة لهم. ووجه نداء عاجلا إلى المجتمع الدولي كي يوفر على وجه السرعة مزيدا من المأوى والخدمات الصحية، وإلا فسوف تقع "كارثة ثانية تفوق كارثة الزلزال نفسه". وأكد عنان أن باكستان بحاجة إلى 450 ألف خيمة للشتاء وملاجئ مؤقتة، وحوالي مليوني غطاء وكيس للنوم وبساط عازل للحرارة ومدفئة، إضافة إلى المياه والمواد الغذائية. كما أكد صندوق الأممالمتحدة لرعاية الطفولة (يونيسف) يوم 19-10-2005 أن 10 آلاف طفل على الأقل مهددون بالموت في الأسابيع المقبلة بسبب الجوع والبرد والمرض إذا لم يصل رجال الإنقاذ بسرعة إلى مناطق شمال باكستان التي ضربها الزلزال. كشمير الهندية ويهدد خطر البرد أيضا منكوبي الزلزال في الشطر الهندي من كشمير، ويؤكد برفيز مسعودي وهو أحد الأطباء المعالجين للناجين على الحاجة العاجلة لوسائل التدفئة التقليدية، موضحا أن معظم الخيام مصنوعة من "النايلون" بحيث لا تتمكن من الصمود تحت وطأة المطر الغزير أو انهمار الثلج الذي قد يصل ارتفاعه إلى 3 أمتار. ويطالب الناجون بالحصول على المزيد من "الكنجرس" و"البوخارى"، وهما من وسائل التدفئة التقليدية التي اعتاد السكان استخدامها عند قلة الوقود. وأضاف مسعودي أنه "لمنع المزيد من الوفيات فإن تزويدهم بالكنجرس في نفس أهمية تزويدهم بالمآوي الأساسية". وأفاد مسعودي أن مشاكل صحية ناجمة عن البرد بدأت في الظهور على الناجين وخاصة بين الأطفال مثل متاعب في الرئة والحلق. يشار إلى أن معظم منكوبي زلزال شبه القارة الهندية في الشطر الهندي من كشمير من المسلمين. ولجأ الناجون إلى المطالبة بتلك الوسائل للحصول على الدفء حيث لم توفر الحكومة الهندية نصف عدد خيام الإيواء المطلوبة والبالغ عددها 35 ألفا بعد أن دمر الزلزال أكثر من 40 ألف منزل وانقطاع الكهرباء وقلة كمية الكيروسين المتاحة. وقال حاتم دين وهو أحد الناجين لعمال الإغاثة: "إن أفضل السبل لحمايتنا هي إمدادنا بالكنجرس والفحم النباتي". كما طالب الناجون بوسيلة تقليدية أخرى للتدفئة وهي "البوخارى". والبوخارى عبارة عن قطعة صغيرة مستديرة من الفحم النباتي المغمورة بالوقود.