في القضايا الاجتماعية التي يتباحث فيها الناس، والتي يستعصي بعضها على الفهم، كثيرا ما يتم إغفال أحد أبعادها الأساسية والمتعلقة بالجوانب النفسية للفاعلين فيها. ذلك أن كثيرا من الفتن إنما يكون مرجعها إلى الأحقاد والضغائن التي أشربتها نفوس أصحابها، فعميت أبصارهم وبصائرهم، وانطلقت ألسنتهم وأقلامهم ودسائسهم تنسج من دفين بغضهم مشاريع تنمية الحقد والكراهية بين الناس حتى يكون لهم مبرر وجود! و الحساسية المفرطة تجاه ابتسامة الأمين العام لحزب العدالة والتنمية اكبر مثال على حجم الحقد، الذي يحرك ثلة ممن يفترض فيهم التمتع بقدر كبير من الصحة النفسية والعقلية اعتبارا للأدوار التي يلعبونها في المجتمع. كما تؤشر تلك الحساسية على الخلل الفكري الكبير، الذي تخفيه كثير من دعاوي الانفتاح والحوار والتواصل والتعايش والاعتدال إلى غير ذلك مما يجمل به القوم كلامهم، ليتضح مع الأسف أن لتلك الابتسامة في قلوب البعض وقعا كوقع البارود !وبدت البغضاء من أفواههم والله أعلم بما تخفيه صدورهم. لقد لاحظ كثيرون الابتسامة والهدوء اللذين يميزان شخصية الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، غير أنه كلما أتيحت الفرصة لهذه الابتسامة وهذا الهدوء أن ينقلا إلى عموم المواطنين عبر وسائل الإعلام العمومية إلا وأثار ذلك الحفيظة السياسوية للبعض فتتحرك الأقلام، وتنطلق التعاليق ويحصل نوع من الرواج المغرض بسبب تلك الابتسامة وذلكم الهدوء، استباقا لما يمكن أن يكون لهما من تأثير عند الناس! سوف اكتفي بثلاثة أمثلة معبرة عن الوضعية السيكولوجية المتدهورة التي يعيش عليها مرضى رهاب العدالة والتنمية ، والذين لم تسمح لهم حساسيتهم الزائدة تجاه ابتسامة العدالة والتنمية من إظهار ضغائنهم وأحقادهم، نسال الله لهم الشفاء العاجل . فبعد المشاركة الناجحة للدكتور سعد الدين العثماني في برنامج لكل الناس في القناة الثانية، ظهر مقال غير موقع بجريدة الأحداث المغربية يوم الاثنين 10 يناير 2005 في باب: حدث إعلامي وتحت عنوان: سعد الدين العثماني عند عبد الصمد بنشريف، ثرثرة فوق العادة . استنكر فيه صاحبه، أو أصحابه، استضافة القناة الثانية للأمين العام لحزب العدالة والتنمية! فكان المقال مناسبة للتنفيس عن عميق الحقد والحسد والكراهية تجاه هذا الحزب. ومن بين ما جاء في كلام صاحبه مما له علاقة بموضوعنا :..أو مثلما قال سعد بكل بشاشة خادعة.. إلى أن قال:...أخيرا انجلت غمة غموض كان يسود علاقة هذا التنظيم الضاحك والبشوش (أسوة بزعيمه الطبيب النفساني) بالقناة الضاحكة من نفسها.. لتكون ابتسامة سعد هي المدخل إلى جلد حزب العدالة والتنمية والقناة الثانية معا ! وفي نفس السياق وفي نفس الجريدة يوم الجمعة 11 فبراير 2005 كتب أحمد عصيد رسالة مفتوحة مطولة إلى الأمين العام لحزب العدالة والتنمية تحت عنوان: ما وراء البسمة الودودة! في هذه الرسالة تكشفت شخصية عصيد الحقيقية التي لم تستطع حبس أحقادها السوداء، فجاءت كلها عارية من الفكر والمعرفة والحوار ناهيك عن الديمقراطية والموضوعية والعلمية، التي حشا بشعاراتها عصيد صنيعته تلك مفتريا على الدين والدنيا معا !ولست بصدد مناقشة ما خطته يد عصيد في تلك الرسالة من أحكام جائرة فهي لم تصغ للمناقشة، ولكن للاحتراب الكلامي! ولكني أريد أن أبين أن الرغبة في جلد العدالة والتنمية كثيرا ما تثيرها ابتسامة أمينه العام ، وهاهو احمد عصيد يخشى على الناس من ابتسامة سعد الدين حيث يقول في رسالته وهو يخاطبه:..وهكذا لم تعد ابتسامتكم تكفي لطمأنة الناس وإرجاع الثقة إليهم في تنظيمكم وأتباعكم وانتمائكم الإيديولوجي.. وفي نفس السياق وفي نفس الجريدة وبمناسبة حضور أمين عام حزب العدالة والتنمية للحوار الأخير الذي نظمته القناة الأولى مع وزير الداخلية، كتب عبد اللطيف جبرو يوم الاثنين 5 شتنبر 2005 عموده المعروف ب كلام الصباح، الذي اعتاد فيه التنفيس عن نفسه من كوابيس ليله، كتب تحت عنوان:العدالة والتنمية من المعارضة إلى الحكومة؟ والموضوع ليست له أية قيمة علمية، اللهم إلا تقديم مثال آخر على ظاهرة فوبيا ابتسامة العدالة والتنمية وما تثيره من رشح بما في الصدور من غل لدى عينة من الناس. لقد بدأ صاحب كلام الصباح حكيه بقوله:وأنا أتابع حوار القناة الأولى مع وزير الداخلية مصطفى الساهل، أثارت انتباهي اللقطات التي كانت خلالها الكاميرا تنقل للنظارة ابتسامات سعد الدين العثماني... وكل القضية عند صاحبنا هو في أن تنقل للنظارة تلك الابتسامة الصادقة! شخصيا أتفهم تخوفات جبرو التي عبر عنها في صنيعته التي كتبها ذلك الصباح، خاصة وأن مثل تلك الابتسامة الصادقة لا يمكن أن تتصنعها جماعته!فالأمر إذن خطير للغاية ويتطلب فرض رقابة صارمة على ابتسامات العدالة والتنمية من أن تصل إلى عموم المواطنين عبر وسائل الإعلام!فكيف بان يسمح بها من خلال برنامج يستضيف وزير الداخلية، وقد ذكرنا جبرو بإدريس البصري، وذكرنا بذلك برقابة الداخلية على الإعلام والأعمال، وربما كان ذلك تعبيرا عن الحنين إلى ذلك الزمان! إني لا أتخيل صاحبنا جبرو وجماعته إلا وابتسامة سعد الدين العثماني تؤزهم أزا وهم يتدورون من شدة ما يجدون من وقعها في نفوسهم والعدالة والتنمية ليس بعد إلا في المعارضة فكيف بالقوم إذا صار في الحكومة؟ فاللهم أدم على الشعب المغربي حبه للبشاشة وعلى العدالة والتنمية ابتسامته.