شدد مصطفى الساهل وزير الداخلية على أن قضية الصحراء تبقى نزاعا مغربيا جزائريا، وأن الدول الوازنة على الساحة الدبلوماسية التي يمكن أن تقوم بدور في حل النزاع مقتنعة بهذه الحقيقة. واعتبر الساهل خلال استضافته في برنامج حوار مساء الثلاثاء 30 غشت2005 أن الإفراج عن404 أسير مغربي لن يقفل الملف وأن المغرب سيطالب بجبر الضرر ومساءلة المسؤولين عن مأساة الأسرى المغاربة والبحث في مصير المختفين المغاربة والمحتجزين بتندوف. وبدا وزير الداخلية متفائلا بإمكانية تحسين العلاقات المغربية الجزائرية قائلا إن تعيين السفير الجزائري الجديد بالرباط السيد العربي بلخير قد يكون علامة خير، لكونه ملما بملف الصحراء، ولقربه من الرئيس الجزائري، وكذا لصداقاته بالمغرب، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن المغرب يطمح إلى تطوير العلاقات مع الجزائر لخلق المناخ الذي يسمح بالتفاوض والقيام بوقفة تأمل في أفق تحقيق مصلحة المغرب العربي والسلم والاستقرار بالمنطقة. وبخصوص حل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية قال مصطفى الساهل إن جلالة الملك قدم من جديد، في خطاب العرش الأخير، مشروع الحل السياسي المتفاوض عليه، والمتمثل في الجهوية الموسعة، كإطار ينسجم مع المعايير الدولية للحكامة السياسية، ويتماشى مع رؤية المغرب المستقبلية للجهة كمحور للتنمية، غير أن عضو حكومة إدريس جطو ربط إجراء تعديل دستوري يعتمد الجهوية الموسعة بالتوصل أولا إلى حل نهائي لقضية الصحراء. وفي المحور المتعلق بالمبادرة الوطنية التي أخذت القسط الأكبر من الحيز الزمني المخصص لبرنامج حوار الذي يديره الزميل مصطفى العلوي أكد وزير الداخلية أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ليست عملا إحسانيا وخيريا، ولا قطاعا اجتماعيا، بل مقاربة جديدة وفلسفة اقتصادية واجتماعية وتربوية جديدة تهدف لحفظ كرامة الإنسان المغربي. وبرر مصطفى الساهل تصدر وزارة الداخلية في متابعة عملية تنزيل المبادرة، التي سيشارك في تفعيلها كل من الحكومة والجماعات المحلية وجمعيات المجتمع المدني والقطاع الخاص، بكون وزارته وصية على الجماعات المحلية العمود الفقري في عملية التنزيل. وأشار الساهل إلى أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي رصد لها مبلغ ألف مليار سنتيم (250 مليار سنتيم موجهة ل 360 قرية ، حيث مؤشرات الفقر أكثر وضوحا ، و250 مليار سنتيم تستهدف250 حيا فقيرا في الوسط الحضري، بينما تبقى 500 مليار سنتيم مفتوحة في وجه جميع القرى والمدن، مع التركيز على الفئات الأكثر احتياجا) لن توجه للافراد بل للجمعيات والجماعات، ملفتا الانتباه إلى تشكل خلية محلية للمبادرة في كل الجماعات المحلية لهذا الغرض، فضلا عن تشكل لجان على المستويات الاقليمية والجهوية، و اللجنة الاستراتيجية الوطنية التي تضم الحكومة وشركاءها. وفي ما يتعلق بالمعايير التي ستعتمد لتحديد الجهات والجماعات الأكثر فقرا، قال مصطفى الساهل الذي يعتبر وزارته أخت الوزارات وليس أمها إن المعايير ستحدد بعد تحيين خريطة الفقر على ضوء نتائج الإحصاء الأخير للسكان، الذي من المنتظر أن يتم في آخر الشهر الجاري. ونفى المسؤول الحكومي أن تكون للمبادرة خلفية لمواجهة حزب سياسي معين أو جهة من الجهات، مجددا التأكيد على أن المبادرة منهجية وأخلاق هدفها نبيل، لا تتوخى عملا سياسيا بل تهتم بالمواطن، مبرزا ان الأحزاب السياسية بمختلف مواقعها مدعوة إلى الانخراط بقوة في المبادرة المذكورة. و من جانب آخر فند وزير الداخلية ما يروج عن إمكانية إجراء تعديل حكومي، معتبرا ذلك مجرد إشاعة تدور في بعض الأوساط السياسية وفي الصحف الوطنية، وأنه لا داعي لحكومة ائتلافية على اعتبار أن الحكومة الحالية منسجمة جعلت المغرب عبارة عن أوراش للإصلاح، معربا عن ارتياحه في الأغلبية. واستطرد مصطفى الساهل قائلا إن الحكومة تؤدي مهمتها بكل صدق وأمانة وأنها ناجحة. ولم يستبعد مصطفى الساهل عقد دورة استثنائية لمناقشة قانون الأحزاب السياسية، مبررا تأخير إحالته على البرلمان بالتشاور والحوار الذي كان مع الهيئات السياسية حول القانون المذكور، الذي لم يترك لوزارته أي دور في هذا المجال حسب الوزير، وأسند للقضاء حق المراقبة في تأسيس وحل الأحزاب، مطالبا هذه الاخيرة بالقيام بدورها وأن تكون قوية وركيزة للحياة الديمقراطية، معترفا في الوقت نفسه بقلة إمكانيات الأحزاب وضرورة دعمها وتوفير شروط استقلاليتها. وفي السياق نفسه، أوضح الوزير أنه سيتم فتح النقاش حول نمط الاقتراع، الذي تعددت بصدده الآراء بعد الحسم في قانون الاحزاب، منبها إلى وجوب التوافق على نمط اقتراع معين يسمح بظهور تكتلات سياسية قوية وتداول الأحزاب على تدبير الشأن العام، وذلك قبل سنة من موعد الانتخابات. من جهة أخرى أكد وزير الداخلية أن المغرب سيقاوم الإرهاب، من خلال تدعيم وتحصين الديموقراطية وتعميقها، وتوسيع مجال الحريات، وكذا بمقاربة أمنية صارمة، مشيرا إلى أن الإرهاب إديولوجية للعنف لا جنسية ولا دين له.