أكد الدكتور حميد قهوي، باحث في الوظيفة العمومية، أن البرنامج الجديد الخاص بالمغادرة الطوعية للتقاعد في ميدان الوظيفة العمومية ستصادفه العديد من الإكراهات التي قد تحد من فاعليته، برغم أنه برنامج أكثر تحفيزا من سابقه، وطالب في سياق ذلك بضرورة تجاوز هذه الإكراهات لضمان نجاحه. وأوضح قهوي أن برنامج المغادرة الطوعية بنسخته الجديدة يشمل إجراءات أكثر تحفيزا من البرنامج الأول، لكن تعترضه بعض المشاكل يضيف قهوي مثل قصر آجال وضع طلبات المغادرة، وأسلوب تعامل الدولة مع الموظفين المقترضين من مؤسسات القروض كالقرض العقاري والسياحي، والانعكاسات الاجتماعية للتقاعد المبكر على الموظف كمعطى الفراغ . وقال قهوي في تصريح ل التجديد: «إن آجال وضع طلبات المغادرة، كما حددها البرنامج في ستة أشهر، يبدأ من يناير المقبل وحتى يونيو، مع إمكانية تمديد الوزيرالأول هذه الآجال ستة أشهر إضافية، تظل غير كافية للوصول إلى هدف مغادرة 70 ألف موظف»، وتساءل المتحدث ذاته عن كيف ستتعامل الحكومة مع الموظفين الملزمين بأداء ما بذمتهم من ديون لفائدة القرض العقاري والسياحي على سبيل المثال، وقال في هذا الصدد: «هل سيؤدي الموظف ما بذمته دفعة واحدة، أم ستقتطع له الأقساط المتبقية من مبلغ قيمة التقاعد، مع الإشارة إلى أن هذه الأقساط قد تفوق قيمة التقاعد نفسه». وطالب قهوي الحكومة بإصدار منشور وزيري لاستعياب هذا المشكل. وتتجلى التحفيزات الجديدة، التي ستشمل كل سلاليم التوظيف، في احتساب التعويضات عن المغادرة على أساس شهر ونصف عن كل سنة قضاها الموظف، دون أن يتجاوز ذلك 36 شهرا (أي 24 سنة من العمل)، ونسبة تقاعد في حدود 2 بالمائة عن كل سنة عمل، و5,2 بالمائة بعد أن يكون الموظف قد تجاوز 60 سنة. وتأمل الحكومة بهذا البرنامج أن تشمل العملية أكثر من 70 ألف موظف، عوض 600 موظف في إطار البرنامج السابق. وأشار الدكتور قهوي إلى أن برنامج التقاعد المبكر يبقى غير كاف وحده لتقليص كتلة الأجور، التي تمثل 13 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، إذ يحتاج الأمر بحسب قهوي إلى صياغة رؤية واضحة لإعادة انتشار الموظفين وتقليص التوظيف والعمل على الرفع من حجم الناتج الوطني. ونبه المتحدث نفسه على أن المشكل لا ينحصر في معطى ارتفاع كتلة الأجور، بل يتجاوزه إلى ضعف الناتج الداخلي الخام، وقال في هذا الإطار «إنه كلما كان الناتج الداخلي ضعيفا كلما ظهر أن كتلة الأجور ضخمة»، ولذلك يزيد قهوي بالقول يكون من الخطأ القول إن كتلة الأجور عندنا مرتفعة في اللحظة التي تحقق فيه الدولة ناتجا ضعيفا. ودعا قهوي إلى ضرورة تبني مقاربة اجتماعية إلى جانب المقاربة المالية في تدبير ملف المغادرة الطوعية حتى لا يقع المتقاعد الجديد سجين وقت الفراغ، وما يستتبع ذلك من انعكاسات اجتماعية سلبية، مطالبا باستغلال هؤلاء في الرفع من الناتج الداخلي، من خلال سن قوانين جديدة تسمح لهم بإقامة أعمال حرة، علاوة على تفعيل دور الأحزاب السياسية والجمعيات لاستقطابهم. محمد أفزاز