أثار المقال الذي نشرناه في العدد 1206 في صفحة إعلام واتصال والمتعلق بعزل صحافي بدار البريهي عن العمل بناء على محضر المجلس التأديبي المنعقد في 12 يوليوز المنصرم، مجموعة من ردود الأفعال، خاصة في النقطة التي ترتبط بحق إدارة القناة الأولى في تنصيب محام للدفاع عنها. ولتوضيح ذلك اتصلت التجديد بالأستاذ خالد السفياني، محامي السيد مصطفى الحراق، والأستاذة وفاء كسوبة باعتبارها المستشارة القانونية للقناة الأولى وممثلة دفاعها في المجالس التأديبية. خالد السفياني: أرفض تزكية هذا الخرق القانوني الفاضح لم يتابع السيد (م.ح) من طرف المجلس التأديبي بتلقي رشاوى كما ادعت إدارة القناة الأولى، ولكن مانسب إليه هو تلقي علاوة لاحقا على التغطية التي كلف بها، وبالتالي لا توجد عناصر كلمة الرشوة على الإطلاق، لأنه لا يوجد اتفاق مسبق على ذلك من أجل القيام بعمله، كما هو معروف قانونيا، و ليس هناك أي تجريم أوعقوبة على العلاوة، ويبقى الإشكال الذي طرح في المجلس التأديبي يفوق هذا بكثير. إنه تحامل غير مبرر على هذا الصحفي، الذي أكد كل زملائه في وثيقة رسمية أنه نموذج للنزاهة والأخلاق طيلة30سنة. وعندما تقرر الإدارة إعدام موظفها (الطرد = الحكم بالإعدام على الموظف) من أجل تلقيه علاوة، فبماذا يمكن أن نعاقب به من ثبت عليه بيع أسرار الدولة للعدو أو اختلاس الملايير ... والإصرار على عقوبة العزل من أجل هذه المتابعة الوهمية قانونا، يؤكد هذا التحامل. ومن جهة أخرى يتجلى خرق القانون في تنصيب الإدارة لمحام عنها في سابقة أولى في تاريخ المجلس التأديبي في تاريخ المغرب، وبصفتي محام للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، فقد حضرت في جميع المجالس التي عقدت في القناة الأولى وفي قضايا تكتسي نوعا من التعقيد القانوني، ولم يسبق للإدارة أن نصبت محاميا عنها، لأن في ذلك تغييرا في طبيعة هذا المجلس وفي دوره باعتباره هيئة قضائية استشارية وليست خصما للموظف المتابع من طرفها، بالإضافة إلى أن قانون الوظيفة العمومية، وخاصة الفصل 67 منه يحدد على سبيل المثال لا الحصر تشكيل المجلس التأديبي في ممثلين عن الإدارة وممثلين عن المستخدمين مع إعطاء الحق للمتابع في طلب استدعاء الشهود ومدافع عنه باختياره وبالتالي حصر حق الإدارة في استدعاء الشهود فقط،.وكما هو معروف في أي تركيبة قضائية، فإنه لا يمكن التوسع فيها أو الزيادة أو النقصان الأمر الذي يعرض قرارها للبطلان.. وقد أصر ممثلو الإدارة على هذه الخروق بدعوى أن الوزارة المكلفة بتحديث القطاعات العامة أشعرتهم بإمكانية انتداب محام للقناة في المجلس التأديبي علما أنه لا يوجد حق لأي جهة إدارية أو غيرها في إعطاء حق مماثل ،لأنه أمر ينظمه القانون وليست آراء لهذه الإدارة . وكان من الطبيعي أن أرفض تزكية هذا الخرق القانوني الفاضح والسكوت عنه، ومع كامل الأسف، فإن الجهل بالقانون الذي يمكن أن يصل إلى درجة الأمية، ذهب إلى حد الادعاء بأن محامي الحراق لا حق له في الدفاع عنه، لأنه اختار ممثلا للموظفين للدفاع عنه أو لأن المحامي لا يتوفر على توكيل مكتوب من طرف موكله وكأن من يطرح هذا الادعاء يجهل قانون المحاماة المغربي، وربما سمع في بعض المجالس عن قوانين تلزم المحامي بتوفره على إذن مكتوب ومصادق عليه لممارسة حقه في الدفاع عن موكله، كما هو الشأن بالنسبة إلى إسبانيا الأمر الذي لا وجود له مطلقا في القانون المغربي إلا في حالات محصورة منصوص عليها قانونا، كما في بعض دعاوى التزوير وأعتقد أنه لم يسبق لأي جهة أن طالبت محاميا بتوكيل مكتوب من طرف موكله . ويبقى القول بأن الإدارة إذا كانت تشعر بأنها عاجزة عن تسيير ملف تأديبي وبحاجتها إلى مستشار قانوني، فإن ذلك يبقى من حقها، لكن يظل دور المستشار خارج إطار المجلس التأديبي وليس داخله رغم أن ذلك يؤشر إلى عدم قناعة الإدارة بملفها التأديبي ومحاولة توريط المتابع أمامها بأي ثمن. وهذا مناف لأخلاقيات العمل القضائي والإداري، إذ يتطلب ذلك القناعة الحقيقية لدى الإدارة حتى لا تظلم مستخدميها أو تتحامل عليهم، ولا يسعني إلا أن أندد بخطورة هذا الخرق وأنبه المسؤولين إلى عدم التمادي فيه . وفاء كسوبة: أطالب بالنص القانوني الذي يمنع القناة من تنصيب محام لها أعتبر في البداية أن انسحاب دفاع السيد الحراق لا يجعل النقاش متوازنا شيئا ما، لأن الأستاذ بانسحابه من الجلسة يكون قد خرق المادة 46 من قانون المحاماة الجديد، ظهير 9/10/93 الذي ينص على أن يتتبع المحامي القضية المكلف بها إلى نهايتها، ولا يحق له سحب نيابته إلا بعد إشعار موكله بوقت كاف، يتأتى له معه ضمان إعداد دفاعه وذلك بواسطة موصي بها مع الإشعار بالاستلام، كما يوجه المحامي إشعارا مماثلا إلى الطرف الآخر في القضية بنفس الطريقة أو إلى محاميه . ومن جهة أخرى، أن المشرع المغربي في الفصل 67 من قانون الوظيفة العمومية سكت، لأنه لا يوجد ما يفيد المنع، وليس هناك ما يجبر الإدارة على تنصيب محام للدفاع عنها، وبذلك تبقى الصلاحية للإدارة في تعيين محام او لعدم تعيينه، ولو أراد المشرع أن يمنع ذلك لأورده بصريح العبارة، كما هو الشأن في الفصل 66 الذي يحدد العقوبات حصرا في حالات إخلال الموظف بالتزاماته المهنية . . والأستاذ السفياني صرح بأن المجلس التأديبي هيئة قضائية، وهذا اعتراف ضمني بأن الإدارة من حقها انتداب محام كما لم يقدم الأستاذ نصا صريحا يقضي بمنع الإدارة من تنصيب محام للدفاع عنها، وخير دليل على حق تنصيب القناة الأولى لمحام عنها هو أن المجلس التأديبي انعقد لدراسة ملف رئيس النشرة (ع.ه) بأعضاء غير مؤهلين قانونيا وليس لهم الحق في إبداء رأيهم، لأنهم أقل درجة من المتابع . أما ما أشار إليه من كون أصدقاء المتهم يشهدون له بالنزاهة فهذه وثيقة تلزم المعني بالأمر وحده، ولا تلزم المجلس التأديبي أن يأخذ بها، لأنها حجة من صنع نفسه، ولأن الإدارة لها حجج دامغة على ذلك، وفي قانون الوظيفة العمومية يعاقب الموظف بمجرد ارتكاب هفوة ولو صغيرة، وأما تسمية الرشوة بمسميات أخرى، فإنه لا يعفينا من تطبيق القانون . وأختم بأن الأصل في المحاماة هو وكالة في الخصومة والنظام الداخلي لهذا القانون ليس فيه ما يمنع من النيابة عن الإدارة والدفاع عن حقوقها . وعموما فالاختلاف من أجله وجد القضاء، وبذلك أظل أطالب الأستاذ االسفياني بالسند والنص القانوني الذي يمنع إدارة التلفزة أو أي إدارة بتنصيب محام للدفاع عنها.