الفصل الرابع.. نقص الضمانات والمس بحقوق الدفاع. إن قانون المسطرة الجنائية الجديد الذي دخل حيز التنفيذ في 1 شتنبر 2004 يتضمن تعديلات عديدة على النص القديم المستوحى من التشريع الفرنسي. ويتعلق الامر بصفة خاصة بتكريس مبدأ قرينة البراءة في الفصل الاول وحق الشخص الموضوع تحت الحراسة في الاتصال بمحاميه وإقرار المراقبة القضائية وحق استئناف الاحكام الجنائية. والحالة ان العديد من مقتضيات المسطرة الجنائية تعد متناقضة مع مبدأ قرينة البراءة. كما يوجد خلل خطير بين سلطات النيابة العامة وحقوق الدفاع وفوق كل ذلك يوجد المحامي الذي تتم متابعته تأديبيا بطلب من النيابة العامة في وضعية هشة كما سوف نرى. كما تم تقييد حقوق الدفاع في الاطلاع على المحاضر في قضايا الارهاب بصفة خاصة. سنتحدث في هذا الفصل عن حدود مبدأ قرينة البراءة الذي افتتح به قانون المسطرة الجنائية الجديد (1) وعن اختلال التوازن بين سلطات النيابة العامة وحقوق الدفاع (2) وعن هشاشة الحصانات المقررة للمحامين والقيود المفروضة على تسهيلات الدفاع (3). 1 مقتضيات مخالفة لمبدأ قرينة البراءة أ) على مستوى الوضع تحت الحراسة يمكن لضابط الشرطة ان يمنع أي شخص من الاتعاد عن مسرح الجريمة حتى نهاية العمليات. وعلى الشخص ان يخضع للتدابير الضرورية للتحقق من هويته دون أن تكون له علاقة مع العمليات المعنية (الفصل 65). يمكن وضع الشخص تحت الحراسة »كلما اقتضت ذلك ضرورة البحث«. وهكذا فالوضع تحت الحراسة، في غياب أي تبرير يرجع للسلطة التقديرية للشرطة القضائية، وهو ما يفتح الباب للتحكم، كما ان تمديد مدة الحراسة النظرية لا يتطلب تقديم الشخص مسبقا للنيابة العامة (الفصل 66). يمكن لضابط الشرطة القضائية أن يحتفظ رهن إشارته بشخص أو عدة أشخاص لضرورة البحث التمهيدي. وتمدد الحراسة النظرية لضرورات هذا البحث. ويجب تقديم الشخص الى وكيل الملك قبل انتهاء المدة الاصلية، غير أنه، وبشكل استثنائي يمكن للوكيل أن يرخص بتمديد الحراسة النظرية بأمر معلل دون تقديم الشخص. إذا كان يجب على الشرطة القضائية أن تخبر عائلة الشخص المعتقل بمجرد اتخاذ قرار وضعه تحت الحراسة فإن شكليات هذا الإخبار ليست محددة، كما ان عدم الاخبار لا يترتب عنه جزاء (الفصل 67). ب على مستوى النيابة العامة: في حالة المتابعة من أجل جناية أو جنحة معاقب عليها بعقوبة تساوي أو تزيد عن سنتين، يمكن لوكيل الملك أن يأمر لهدف التحقيق الإعدادي بسحب جواز السفر والمننع من مغادرة التراب الوطني لمدة شهر قابل للتجديد الى حين نهاية التحقيق المذكور. وهذا القرار يتم رفعه بعد إحالة الملف على المحكمة أو على قاضي التحقيق أو في حالة حفظ القضية (الفصل 49 فقرة 14). يمكن في حالة الاستعجال للوكيل أن يأمر بصفة استثنائية بالتصنت وتسجيل المكالمات التلفونية أو غيرها من الاتصالات بدون أن يرجع لقاضي التحقيق أو الى أو الى الرئيس الاول لمحكمة الاستئناف (الفصل 108). ج) على مستوى التحقيق الإعدادي لا يمكن إطلاق سراح الشخص بأمر من قاضي التحقيق إذا استأنفت النيابة العامة الامر إلا إذا قبلت بإطلاق سراحه (الفصل 222). د) على مستوى الحكم بطلب من النيابة العامة، يمكن للمحكمة بحكم خاص معلل، ان تأمر باعتقال كل شخص يحكم عليه بحبس تساوي مدته أو تفوق سنة واحدة، وهذا يمكن المحكمة من تنفيذ عقوبة حبسية قبل أن يصير الحكم نهائيا (الفصل 392). إن الشخص المتابع بالمس بالقيم المقدسة للبلاد أو بتجارة المخدرات يجب ان يبقى رهن الاعتقال خلال مدة الاستئناف بعد أن يصدر الحكم من المحكمة الابتدائية (الفصل 181). ه على مستوى الوقاية من المس بقرينة البراءة يمكن لقاضي التحقيق ان يأمر بنشر الامر بعدم المتابعة بطلب من الشخص المعني. غير ان هذا القرار يتوقف على تقديره (الفصل 216 فقرة 6). يمكن لرئيس محكمة ان يرخص باستعمال آلات تصوير أو تسجيل أو أي آلة اتصال في قاعة الجلسات او مكان التحقيق، وذلك بعد أخذ رأي النيابة العامة، غير ان رأي المعني الاول بالامر أي المتهم ليس مطلوبا (الفصل 303). إن انتهاك قرينة البراءة من طرف النيابة العامة أو من طرف سلطة سياسية أو إدارية ليس معاقبا عليه. 2 اختلال التوازن بين سل طات النيابة العامة وحقوق الدفاع إضافة الى سلطات النيابة العامة المشار إليها، والتي تمس بالحرية الفردية وتنتهك قرينة البراءة، فإن هناك مقتضيات أخرى للمسطرة الجنائية تمس بحقوق الدفاع وبالتوازن بين أطراف الدعوى. وهكذا: أ يمكن في عدد من الجرائم الخطيرة، وفي حالة إذا تطلبت ذلك ضرورات البحث، أن تؤخر النيابة العامة زيارة المحامي لموكله خلال فترة الوضع تحت الحراسة بطلب من الشرطة القضائية. وهذا التأجيل، بحكم عدم تدقيقه، يمكن ان يحرم الشخص من مؤازرة دفاعه (الفصل 66 من فقرة 8). ب يعد التحقيق الاعدادي إلزاميا بالنسبة للجرائم المعاقبة بالإعدام أو بالسجن مدى الحياة أو بالسجن لمدة 30 عاما. وبالنسبة للجرائم الأخرى يمكن للنيابة العامة أن ترسل الشخص مباشرة أمام الغرفة الجنائية بناء فقط على محضر الشرطة القضائية (الفصل 83) وبالتالي فإن التحقيق الإعدادي الذي تتطلبه خطورة العقوبات أو تعقد القضية يبقى رهن السلطة التقديرية للنيابة العامة. فإذا علمنا ان قاضي التحقيق يبحث فيما يدين الشخص كما يبحث فيما يبرؤه، فإن إرسال الاشخاص مباشرة الى المحكمة يجعلهم لا يستفيدون من التحقيق الإعدادي لتطوير وسائل دفاعهم. فتقييد مجال هذا التحقيق يعمق انعدام التوازن بين النيابة العامة وحقوق الدفاع. ج يعين قاضي التحقيق من طرف وزير العدل بناء على اقتراح من الوكيل العام للملك مما يمس باستقلالية إزاء السلطة التنفيذية. د هذه التبعية تعمق بسبب سلطة الوكيل العام في تعيين قاضي التحقيق المكلف بكل ملف في حالة تعدد قضاة التحقيق داخل محكمة واحدة (الفصل 90). 3 المحامون: هشاشة الحصانات وقيود على تسهيلات الدفاع لا يمكن أن تكون هناك عدالة مستقلة ونزيهة ببدون مساهمة محامين يتميزون بالاستقلال والنزاهة. ويتمتعون تبعا لذلك بعدد من الضمانات والحصانات والتسهيلات ليتمكنوا من ممارسة مهنتهم وأداء رسالتهم لخدمة العدالة والمتقاضين. ومن منظور المعايير الدولية ولاسيما مبادئ الأممالمتحدة لسنة 1990 المتعلقة بدور المحامين (26) فقد تحسنت بشكل ملموس حصانة المحامين بالقانون الجديد للمهنة رقم 28.08 (المنشور في الجريدة الرسمية المؤرخة ب 6 نونبر 2008) والذي حد من هشاشة الحصانات التي كانت تتمثل في إمكانية القضاة توقيف المحامين دون ضمانات الدفاع من جهة وفي تحكم القضاء في المسطرة التأديبية للمحامين في آخر المطاف من جهة أخرى. غير أن بعض الامور تبقى مدعاة للانشغال وعلى رأسها التضييق على حقوق المحامين خاصة في مجال تسهيلات الدفاع. أ تحسين في حصانات الدفاع: طبقا للقانون السابق للمحاماة 10 (شتنبر 1993). وقانون الصحافة ولقانون المسطرة المدنية فقد كانت توجد مقتضيات تمكن القضاة من إصدار عقوبات في حق محام تتمثل في التوقيف لمدة تتراوح بين شهر وثلاثة إذا تكررت المخالفة (المادة 57 من قانون الصحافة) أو لمدة تتراوح من شهرين الى ستة أمام محاكم الاستئناف (المادة 341 من ق.م.م) وذلك دون المرور عن طريق مجلس هيئة المحامين ودون توفر المحامي على ضمانات الدفاع. كما ان النظام التأديبي للمحامين كان مؤطرا من طرف القضاء الذي يقرر في نهاية الامر في مصيرهم . (27) وفي القانون الجديد خصص الباب الخامس لحصانة الدفاع (المواد 58 60) وخصص الباب السادس للتأديب والمسطرة التأديبية (المواد 72/61) وقد تحسنت الوضعية نتيجة لذلك. وهكذا فقد نصت المادة 58 على ان المحامي لا يسأل عما يرد في مرافعاته الشفوية أو في مذكراته مما يستلزم حق الدفاع، وانه لا يمكن اعتقاله بسبب ما ينسب إليه من قذف أو سب أو إهانة من خلال أقوال أو كتابات صدرت عنه أثناء ممارسته المهنة أو بسببها. وأن المحكمة تحرر محضرا بما قد يحدث من إخلال وتحيله على النقيب وعلى الوكيل العام للملك لاتخاذ ما يكون لازما. وهكذا زالت إمكانية إصدار عقوبة أو توقيف المحامي مباشرة من طرف القاضي. وتعزز المسطرة التأديبية هذا التوجه: فمن جهة صار النقيب هو الذي يقرر في الشكايات ضد المحامين لمخالفتهم النصوص القانونية أو قواعد المهنة وأعرافها بما في ذلك تلك الواردة من الوكيل العام للملك. فإذن طعن هذا الاخير في مقرر الحفظ الصريح أو الضمني بثت محكمة الاستئناف في قرار الحفظ، فإذا ألغته فإنها لا تتصدى وتحكم في الملف كما كان الامر سابقا وإنما تحيله وجوبا على مجلس الهيئة لمواصلة إجراءات المتابعة (المادة 67) وبيت مجلس الهيئة في أجل ستة أشهر في القضايا التأديبية سواء التي أحيلت من محكمة الاستئناف أو التي تصدى لها تلقائيا. ويعد عدم بثه داخل هذا الأجل بمثابة مقرر بعدم مؤاخذة المحامي المتابع (المادة 70). أما المتابعات ضد النقيب الممارس فتقدم من لدن الوكيل العام للملك بالمجلس الاعلى إما تلقائيا أو بناء على شكاية توصل بها وذلك أمام محكمة استئناف غير تلك التي توجد الهيئة بدائرتها. غير ان القانون لم يحدد من سيبث في القضية: هل نقيب الهيئة المعنية أو مجلسها وما هي المسطرة...؟ وتتعزز مكانة المحامي الاعتبارية بالمادة 60 التي تنص على ان كل من سب أو قذف أو هدد محامين أثناء ممارسته لمهنته أو بسببها يعاقب بالعقوبات المقررة في الفصل 263 من القانون الجنائي« (أي المقررة لإهانة رجال القضاء أو الموظفين العموميين... وعقوبتها الحبس من شهر الى سنة وغرامة 250 الى 5000 درهم). وهكذا فإذا كانت حصانة المحامي ووضعيته الاعتبارية قد تعززت بالقانون الجديد فإن الممارسة لازالت تكشف عن وجود بعض القيود الجدية عليه في ممارسة واجبه المهني. 3 التضييق على تسهيلات الدفاع وتهديد محامين إذا كانت حقوق الدفاع أي التسهيلات التي يتمتع بها المحامون للدفاع عن زبنائهم محترمة عموما فإنه تجدر الاشارة ان قيودا قد فرضت في قضايا حديثة، وتتعلق بحق المحامين في تصوير نسخ من المحاضر والملفات في القضايا الجنائية خاصة تلك المرتبة بالإرهاب. وقد بدأت هذه القيود مع قضية أنصار المهدي سنة 2007. فقاضي التحقيق المكلف بقضايا الارهاب بمحكمة الاستئناف بالرباط صار يرفض منذ هذه القضية تمكين المحامين من نسخ مصورة للملفات. فلا يسمح لهم إلا بالاطلاع عليها في عين المكان وأخذ نقط إذا رغبوا. وعلى إثر احتجاجات المحامين التقت جمعيات هيآت المحامين بالمغرب بوزير العدل، وبدا أنه تم إيجاد حل للقضية بعدها. غير ان القيود عادت مرة أخرى أخرى مع الاسف كما يتضح في قضية ما يعرف بخلية بلعيرج. وفي بعض القضايا، خاصة المتعلقة بالارهاب نظرا الى بعض المحامين الذين ينتمون الى التيار الاسلامي كما لو كانوا مرتبطين بموكليهم المتهمين (28). كما ان اثنين من محامي السيدة رقية أبو علي التي كانت لها مشاكل مع بعض القضاة، وكانت معتقلة في مكناس، صرحوا بأنهم تلقوا تهديدات (29). الفصل الخامس.. أوضاع السجون. 1 أزمة البعد القانوني والتشريعي بين التطبيق والتأويل والخرق: ليس هناك شك أن قانون 23/98، الصادر بظهير 25 غشت 1999، (30) قد حقق تفوقا على مستوى المرجعيات والمضامين والبنية التنظيمية، على نصوص قديمة ومنها قانوني 1930 و1942، التي شكلت سنوات سوداء في حياة قطاع السجون في عهد الاستعمار، وسنوات الاستقلال الى آخر القرن الماضي. لكن هل يتم تفعيل هذه القواعد وهل هي كافية؟؟ أولا: الملاحظ ان القانون المنظم لم يجتهد بعملية الملاءمة العميقة مع القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء واتفاقية مناهضة التعذيب على الخصوص الصادرة عن الأممالمتحدة حيث ظلت كثير من العناصر الاساسية غائبة في القانون التعذيب على الخصوص الصادرة عن الأممالمتحدة حيث ظلت كثير من العناصر الاساسية غائبة في القانون أو مختزلة بشدة مثل عناصر الخدمات الطبية، وظروف وأماكن الاعتقال، والتأديب والعقاب وناستعمال الأغلال، وكيفية التعامل مع الشكايات والتعامل مع الزيارات وخصوصا زيارات الجمعيات. -ثانيا: ليست هناك بالقانون ضوابط مقيدة لممارسة الموظفين لمهامهم بما يحقق الغايات التي حددتها القواعد النموذجية للأمم المتحدة، مما جعل الوسط السجني منكمشا بعيدا عن المراقبة العامة يسمح بكل التجاوزات. -ثالثا: ليست هناك منهجية للمراقبة محايدة تضفي المصداقية على مساطر البحث والتأديب والعقاب داخل السجن وعلى التطبيق السليم لمقتضياته دون تحريف أو انحراف، وعلى إعمال القاعدة القانونية داخل المحيط السجني المغلق لتتأتى مراقبة وضبط تطبيقها الحقيقي والجيد. -رابعا: اختزال القانون بشكل كبير قيمة ودور المنظمات غير الحكومية العاملة في مجال حقوق السجناء وحقوق الانسان، وقيد بمنظور بيروقراطي تواجدهم في تدبير إشكاليات من داخل المؤسسات ومع السجناء أنفسهم بشكل مباشر ومع عائلاتهم. -خامسا: غياب مقاربة سوسيوثقافية لمعالجة تظلمات وشكايات المعتقلين من قبل إدارة المؤسسات السجنية ومن قبل القضاء ومن قبل المندوبية العامة، مما يعطي الانطباع ان السجناء لا يستحقون عناية أو انتاها، وذلك في اعتقادنا مبعث الانفجارات التي نسمع عنها أو نراها يوميا في السجون. 2 سياسة قضائية وجنائية وعقابية وآثارها الوخيمة على السجون: أوضاع السجون ليست مستقلة عن حالة القضاء الجنائي بالمغرب وليست معزولة عن السياسة العقابية بالمغرب ولذلك فإن معالجة ملف السجون وأزماته المعقدة والمتعددة الوجوه مرتبط بإعادة النظر في السياسات المشار إليها أعلاه والتي تقود الى خطر الاكتظاظ القاتل داخل السجون التي ع مقها استفحال مظاهر الانحراف الاخلاقي والاداري. وشراء الامتيازات من طرف كبار السجناء وهو وضع شائع إن لم نقل عام، يفضي بالسجن الى أن يصبح فضاء للانحراف، يقلل من أهمية العقوبة ويقلب دلالاتها ووقعها الاجتماعي فانقلبت أدوار السجن لتصبح وكرا لإنتاج الجريمة والتربية على ان العدالة بكل مكوناتها تلعب دورا خطيرا وحقيقيا يؤثر على أوضاع السجون وذلك من خلال بعض المؤشرات ومنها قلة الاعتبار للحرية قيمة ومفهوما من قبل جهاز النيابة العامة وقضاء التحقيق وقضاة الحكم، بتوسيع مساطر الاعتقال الاحتياطي، وتمديداته، وسوء تفعيل وإعمال المساطر البديلة له كما قررتها المسطرة الجنائية، كما أن اللجوء الى العقوبات السالبة للحرية مع سوء تقدير ظروف القضايا والاطراف خصوصا في قضايا قليلة الواقع وقليلة الخطورة، يمكن الوقوف لمعاقبتها على بعض الجزاءات البديلة. يضاف الى ذلك عجز اللجن الاقليمية لمتابعة حقيقية فاعلة ودورية منتظمة لأوضاع المعتقلات والمعتقلين وهيمنة الفكر البيروقراطي على عملها والتستر على نتائج عملها. كما تجدر الاشارة الى فشل مؤسسة قاضي تنفيذ العقوبة من حيث معالجة إشكالات التنفيذ واتخاذ المبادرات التي يمكنها له القانون لتحسين الايواء والاسراع بمعالجة مساطر العفو. وهناك أيضاه انعدام جهاز مراقبة حقيقي مستقل وجريء لقرارات الاعتقال التي تتخذها النيابة العامة، إذ يبقى الحبس رخصة واسعة بين يدي الوكلاء حتى أصبحوا أمراء السجون والسجناء لا سلطة على سلطتهم. ويضاف لما سبق ضعف قدرة الغرف الجنحية لدى محاكم الاستئناف وفشل المراقبة ومحيطها التي تملكها على قرارات قضاة التحقيق في مجال الاعتقال الاحتياطي. ويتميز الوضع عموما بفشل سياسة الادماج في الوسط السجني سواء للأحداث أو لغيرهم، حيث لازالت حالات العود واتساع دائرة الجريمة يستقطبان النزلاء القدامى والجدد. كما ان السلامة البشرية للعديد من السجناء لازالت تتعرض لشتى المخاطر والمعاملات المهينة والحاطة من الكرامة بإيقاع عقوبات قاسية من عزل ووضع في أماكن مظلمة، ومن حرمان من العلاج، ومن حرمان من الزيارة. إن التعامل بانعدام الضمانات أو بالقليل منها، تبرز لما يتعلق الامر بالتأديب ولما يخضع السجناء الى البحث والاستنطاق والمعاقبة، عندها يوجدون بين يدي الخصم والحكم، فالادارة هي نفسها التي تبحث في الوقائع والمخالفات، وهي التي تحقق وتتابع وتحكم وتنفذ العقوبة، فالتأديب كلمة لا تعني داخل السجن إلا شيء وحيد وهو مواجهة السجين بقانون القوة الادارية التي تمتلكها الادارة من المدير الى آخر موظف... 3 سياسة تتطلب الحوار والمشاركة: لقد تم تسجيل عدة إيجابيات في مناسبات متعددة من خلال استعداد إدارة السجون في إطار نظامها السابق مد اليد والجلوس حول مائدة الحوار، بل كانت الادارة سابقا تبادر الى طلب لقاء قصد الحوار والعمل على حل بعض المشاكل. إن القانون المنظم للسجون أكد على دور الجمعيات المهتمة بالسجون في زيارة السجون والسجناء. وهذه سياسة لها مدلول ومضمون وهدف ولم تأت كترف قانوني أو رغبة دعائية. وإن اللقاء الذي عقد يوم 17 دجنبر 2008 بين المندوب العام صحبة المديرين المساعدين له وبعض أطرن الادارة المركزية وبين لجنة التنسيق الحقوقية حول السجون (31) تم فيه التأكيد على حرص الجمعيات الحقوقية جعل آلية الحوار وسيلة تعاون موضوعي قصد النهوض بأوضاع السجون، بما فيها الاهتمام بانشغالات الحراس والمربين، وذلك انطلاقا من مواقفها المبدئية من إشكالية حقوق الانسان وحقوق السجين بالمغرب. كما تم التأكيد على ضرورة مأسسة العلاقة بين الطرفين من أجل تدارس المشاكل المرتبطة بالسجون مع المندوب العام لإدارة السجون ومع مساعديه الأقربين. 4 معتقلات خارج السجن، أماكن الحراسة النظرية بمخافر الشرطة.. إن وضعية الاشخاص الذين يوضعون تحت الحراسة في مخافر الشرطة تعد مزرية بسبب حالة تلك الاماكن من حيث انعدام النظافة والتهوية (خاصة في الصيف) أو التدفئة (في الفصول الباردة) وغياب أي ميزانية للتغذية. كما ان اختلاط مختلف فئات السجناء باختلاف أسباب اعتقالهم قد يؤدي الى جرائم أخرى. وهذه الوضعية تتطلب معالجة استعجالية. هوامش: 26 تبناها المؤتمر الثامن للأمم المتحدة للوقاية من الجريمة ومعاملة الجانحين، هافانا 27 شتنبر 1990. 27 طبقا للقانون القديم فالنقيب يعرض على مجلس الهيئة كل شكوى تقدم من طرف الوكيل العام للملك أو أي متظلم في مواجهة أي محام وذلك أجل 15 يوما من تسلمها. ويعين المجلس مقررا من أعضائه لدراسة الشكوى تم يقرر المجلس داخل أجل شهرين من تاريخ من تاريخ الشكوى إما حفظها أو متابعة المحامي. ويبلغ هذا القرار الى المحامي المشتكى به والى الوكيل العام و الطرف المشتكي. ويمكن للوكيل العام ان يطعن في قرار الحفظ أمام محكمة الاستئناف داخل 15 يوما من تاريخ التبليغ (المادة 65). وهكذا فحتي لو قدم الحامي أمام مجلس الهيذة واتخذت في العقوبة. وفي هذه الحالة تحال القضية على غرفة المشورة بمحكمة الاستئناف التي تبث بعد استدعاء النقيب وباقي الاطراف وتلقي ملتمسات الوكيل العام إن نموذج قضية محامي تطوان (أصحاب رسالة الى التاريخ) بينت الهشاشة الشديدة للضمانات الممنوحة للمحامين فالشكايات جاءت من المحاكم التي اعتبرت ان المحامين قد هاجموها، وهي التي حاكمتهم سنة 2007، وقد استغلت ذلك فطبقت عليهم العقوبات التأديبية الاشد قسوة (التشطيب على ثلاث محامين وتوقيف اثنين) القضاة ؟ وأضاف »راسك سخون... إنك تعرف بلاشك مصير محاميي تطوان، أولئك الذين كتبوا رسالة الى التاريخ...«. 28-أخبرأحد المحامين وهو الاستاذ توفيق مساعف في إطار المحاكمات التي أعقبت تفجيرات الدارالبيضاءبأن قاضي التحقيق بالرباط كان يسأل المتهمين..لماذا إخترتم مثل هذا المحامي . 29-الاستاذة فاطمة توفيف تم الاستاذ عبد المجيد الدويريالذي صرح في استجواب مع جريدة الوطن الانمؤرخفي29-07-2007.بأن ناءب وكيل الملك بمحكمة مكناس سأله معاتبا..كيف تدافع عن عاهرة وتتخلى عن زملاءك القضاة..وأضاف راسك سخون ...إنك تعرف بلا شك مصير محاميي تطوان. اولءك الذين كتبوا رسالة الى التاريخ.. 30 استوحى هذا الفصل مادته من مشروع مذكرة الجمعيات والمنظمات الحقوقية المقدمة الى السيد الوزير الاول حول أوضاع السجناء والمؤسسات السجنية وعلاقة المندوبية بالمجتمع المدني والمنظمات الحقوقية مارس 2009. 31 المشكلة من العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الانسان، الجمعية المغربية لحقوق الانسان، المنظمة المغربية لحقوق الانسان، المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والانصاف منظمة العفو الدولية فرع المغرب، المرصد المغربي للسجون، مركز حقوق الانسان، جمعية عدالة، المركز المغربي لحقوق الانسان، منتدى الكرامة لحقوق الانسان.