هل فقد الشيك قيمته الاعتبارية والمالية لدى المتعاملين به؟ من المؤكد لدى المختصين في هذا المجال أن ظاهرة أو آفة إصدار شيكات بدون رصيد أصبحت تشكل خطورة قصوى على استقرار المعاملات المالية بالمغرب، بل ويذهبون إلى القول إن الأمر قد يخلق رواجا وهميا أو مزيفا للأموال سينال في الصميم من اقتصادنا الوطني. وحسب التقارير البنكية، فإن المبلغ الإجمالي لهذا الرواج الوهمي يفوق 27 مليار درهم، أما إذا تم احتساب الديون التي يتعثر المدينون بالوفاء بها، فإن الحالة ستكون مقلقة لا محالة. وحسب التقارير ذاتها، فإن عدد الشيكات الصادرة بدون رصيد يبلغ حاليا مليوني شيك، بمعدل يناهز 300 ألف شيك في السنة. ويفيد تقرير لبنك المغرب، أن نسبة الممنوعين من استعمال دفاتر الشيكات تصل إلى 19 في المائة، حيث يبلغ عددهم حاليا ما يفوق 400 ألف شخص من مجموع حوالي خمسة مليون زبون لمختلف بنوك المغرب، منذ دخول مدونة التجارة حيز التنفيذ في سنة 1997. ويبقى أهم اثر سلبي لإصدار الشيكات بدون رصيد هو المس بمصداقية هذه الورقة التجارية، التي أصبحت ضرورية لترويج الأموال وفي المعاملات التجارية والخدماتية. ويدخل الشيك ضمن الأوراق التجارية الأخرى، كالكمبيالة والسند لأمر وغيرها، وهي أوراق تعمل على تسهيل المعاملات بين الأشخاص، التي تحتاج إلى السرعة والثقة بالأساس. والتملص من الأداء والتحايل في استعمال هذه الأوراق، يضر بالاقتصاد العام، ويحول المعاملة التجارية إلى ميدان يتبارى فيه المحتالون والنصابون، ويصبح الشعار القائم هو الله يجعل الغفلة بين البايع والشاري. ولا عجب إن وجدنا أن المقاولات المغربية تنفق ثلث مصاريف اتصالها لحث زبنائها على الوفاء بالتزاماتهم المالية، وأن قضايا إصدار شيكات بدون رصيد تفوق25 في المائة من مجموع القضايا المعروضة على محاكم المملكة، وتحتل المرتبة الثانية بعد قضايا جرائم السرقة. وهذه الأخيرة بدورها تعتبر من الجرائم الماسة بالأموال، والنتيجة أن الحاجة أصبحت ضرورية لإعادة تأسيس معاملات الناس، خاصة المالية منها على أسس تربوية كالصدق والأمانة والثقة، الرأسمال الحقيقي لازدهار التجارة، خاصة إذا علمنا أن الصرامة القانونية وتشديد العقوبة على مصدر الشيك بدون رصيد لم تحد من هذه الآفة إلى حدود الساعة.