أضحت ظاهرة التسليف بالفائدة تشكل أعباء مالية على كاهل شريحة من المواطنين الذين تحتم عليهم ظروفهم الإجتماعية اللجوء الى الأشخاص المتعاطين لمنح القروض بالفائدة، وبالتالي الربح السريع دون اكتراث لما ينتج عنها من أضرار، متطاولين على المؤسسات المختصة والمرخص لها بذلك، وقد تسببت الظاهرة المذكورة في تشريد العديد من الأسر التي أصبحت عاجزة عن تأمين العيش، وفقدان الوظائف في غياب ما يمكنها من تسديد الديون، وكانت مصالح الأمن بالجديدة قد فتحت تحقيقا في شكاية أحد المتضررين من هذه العملية، حيث كان المرابي قد قدم له عرضا غريبا وذلك بمنحه زوجته قصد التمتع بها جنسيا من أجل أن يُرجع له بعض الشيكات، وهو ما اعتبره المشتكي مسا بكرامته، إلا أنه ما باليد من حيلة، فقد كان المرابي يقعد فوق جثته مصالح الأمن وبعد أن استمعت إلى المشتكي، وضعت المرابي تحت المراقبة والتتبع إلى أن تم إلقاء القبض عليه بالقرب من إحدى الوكالات البنكية، وبعد إخضاعه لبحث معمق، أكد أنه فعلا يتعاطى لهذه العمليات، وأن لديه عددا لايستهان به من الشيكات البنكية، و بإجراء تفتيش بمنزله تم العثور على عشرات الشيكات بأسماء مختلفة، وعقود اعتراف بدين مصحح الإمضاء، ووعود بالبيع والتزامات ووثائق تخص العديد من العقارات والأراضي، وبعد عرضها عليه أقر أنها جميعها متحصلة من القروض التي يمنحها مقابل فوائد، عند جردها تم الاهتداء إلى مجموعة من الأسماء، تم إستدعاؤها، وأفادت أن شيكاتها ووثائقها تم الاحتفاظ بها لدى الحسين رغم أدائها عدة مرات، حيث كان يستعملها للتهديد، وعلى ضوء هذه التصريحات تم إخضاع الحسين للتحقيق حيث أفاد أنه عاطل عن العمل، وفي غياب مورد قار للعيش، وبعد حصوله على قدر مالي من طرف عائلته قصد استثماره في مشروع يذر عليه دخلا محترما، ويمكنه من الإتيان على متطلبات الحياة، لم يقع اختياره على أي مشروع يذكر، وخوفا من أن يبدد المبلغ المذكور فكر في التعاطي للتسليف بالفائدة، حيث تعاطى لذلك سنة 2003 وأضحى معروفا لدى العديد من مستخدمي شركات الجرف الأصفر بهذه الممارسات، وأصبح ملاذا للراغبين في هذه القروض، وهو مادفعه إلى توسيع نشاطه خصوصا أن شروطه التي يضعها أمام كل راغب في هذه القروض لا تلقى منه سوى الترحيب، إذ يشترط على المقترض مبلغ الفائدة وشيكات ضمانة لهذا القرض مسحوبة في اسم المقترض، علاوة على الاتفاق على طريقة التسديد، وفي بعض الأحيان لا يكتفي بذلك، بل يحرر عقودا عرفية تتلخص في اعتراف بدين تتم المصادقة عليه بالمقاطعة. عندما تتجاوزالمطالب حدود الأخلاق سنكتفي في هذا الملف بحالة شخص واحد كان نموذجا وضيعا لما تقترفه هذه الآلة المتسخة في حق المحتاجين، فقد تسلم محمد قرضا بالفائدة من المدعو الحسين وهو القرض الذي تحول إلى قروض متعددة، حتى أنه سلمه دفتر شيكات بأكمله موقعا على بياض! رغم أن الاتفاق الذي تم بينهما كان يقضي بأن يحول محمد مبلغ 1000 درهم نهاية كل شهر إلى المرابي حسب الثابت من الشهادة البنكية، لكن ما لبث أن طلب منه الكف عن تحويل قيمة الفائدة إلى حسابه حتى لاتكون دليل إثبات ضده، في المقابل أصبح على رأس كل شهر يرافق المعني بالأمر إلى البنك حيث حسابه البنكي ويتسلم منه مباشرة مبلغ 2000 درهم قيمة الفائدة عن الديون التي تخلفت بذمته، وكلما رفض تسليمه قيمة الفائدة يقوم بابتزازه عن طريق التهديد برفع دعوى قضائية ضده من أجل إصدار شيك بدون رصيد، وهو الأمر الذي جعله يرضخ لطلباته خصوصا أنه أثناء تسليمه القرض سلمه شيكات موقعة على بياض، عمد المشتكى به إلى تدوين مبالغ مالية مهمة عليها، وذلك عن طريق بعض التلاميذ الذين يدعي أميته أمامهم حتى لا خط تحرير الشيكات دليلا ملموسا من شأنه أن يورطه في قضية تزوير الشيكات البنكية المسلمة على بياض، وأضاف أن المشتكي أصبح يعاني في الأونة الأخيرة من أزمة مالية لم يستطيع معها مواصلة تسديد قيمة الفائدة، وحينها رهن له عقارا في ملكيته، عبارة عن شقة، ورغم ذلك ظل يحتفظ بالشيكات التي تسلمها منه موقعة على بياض، ليستعملها في ابتزازه، وفي الأونة الأخيرة أصبح يطالبه بالمزيد من الفوائد، غير أن المعني بالأمر رفض ذلك، مقابل هذا لقي تهديدا يتمثل في إشعاره إشعار النيابة العامة بجنحة لحظتها طالبه باسترجاع شيكاته، إلا أنه رفض، وبدأ يساومه، حتى أنه طلب منه أن يسلمه زوجته قصد إشباع رغبته الجنسية منها إن هو أراد فعلا استرجاع شيكاته!! وأضاف أن الشيكات التي ضبطت بحوزته أثناء عملية التفتيش، والتي تخص محمد هي نفسها التي كان يستعملها في ابتزازه، كلما رفض تسديد قيمة القروض، وقد كان حريصا على أن لا يدون المبالغ بنفسه حتى لا تكون حجة ضده، و كان ينتدب بعض التلاميذ للقيام بهذا الإجراء، بعد إدعائه بأنه أمي، أما عقود الوعود بالبيع فهي الأخرى تدخل ضمن نفس الخانة، من أجل ضمان قيمة القرض أكثر، وقد كان يستعمل في حقه الإكراه ويهدده إن هو رفض تصحيح إمضائها باستعمال شيكاته بدون رصيد في مواجهته. قروض حولت المرابي إلى متصرف في مال الغير أما العقود الأخرى والشيكات وصور من الشكايات الموجهة إلى النيابة العامة فقد أقر بأنه هو من وجهها إلى النيابة العامة، خاصة وأن مصطفى سبق وأن اقترض منه مبلغا دون أن يؤدي ما بذمته من ديون وفوائد، والتي كان يتسلمها بانتظام عبر مراحل، وبسبب امتناعه قرر أن يضع الشكاية المذكورة لدى النيابة العامة أما زهير فقد كان هو الآخر يتعامل معه بالفائدة إلى أن امتنع عن تزويده بمبالغ الفائدة، فرفع ضده شكاية من أجل إصدار شيك بدون رصيد، ثم تم تحرير تنازل بعد أن أدى قيمة الشيك ومبلغ 5000 كتأخير، أما الوثائق المتعلقة بالعقار المسمى الأميرة، فهي تخص محمد الذي يبقى ملكا خاصا به، وقد تسلمه إلى جانب وثائق أخرى تحت التهديد والضغط، مستغلا الشيكات، وقد مكنته هذه الطريقة من الحصول على وعد بالبيع من أجل تفويت العقار، كما كان قد تحوز على وثيقة تجيز له حق التصرف في العقار كيفما يشاء، وبعد إحالته على المحكمة، تمت مناقشة هذا الملف من كافة الجوانب القانونية والإنسانية وغيرها، وتقرر في الأخير إذانة المتهم الحسين إبتدائيا من أجل المنسوب إليه والحكم عليه بسنة حبسا نافذا. ما يجنيه المرابي من القروض الوهمية كان مركز اليوسفية قد عرف هو الآخر واقعة خطيرة فيما يخص القروض الرباوية عندما أمرت النيابة العامة بفتح تحقيق في القروض الرباوية أو ما تمت تسميته آنذاك من طرف القوى الديمقراطية والمجتمع المدني بشبكة بنوك النصب والاحتيال المتنقلة باليوسفية. وكان القضاء حينها قد استمع إلى العديد من ضحايا هذه القروض التي حولت العديد من العائلات إلى ما يشبه الحطام، ورهنت منهم العديد فيما يشبه العبودية المستمرة، فيما لازال العديد من ضحايا القروض ينتظرون أن يأتي اليوم الذي ترفع فيه الحجوزات عن عقاراتهم ومعاشاتهم التي ظلت لسنوات تذهب مباشرة إلى جيب المرابي، خاصة وأن بعض هؤلاء كانوا يتحوزون البطائق الإئتمانية وأرقامها السرية، مما أغرق المنطقة في بحر من الكوارث الحقيقية كالطلاق والتفكك الأسري والتشرد، وأحيانا الأمراض العقلية والنفسية التي لاعلاج لها. إلا أن ما عرفه ملف القروض الرباوية لحظة فتحه من طرف المصالح الأمنية هو استثناء بعض العناصر الخطيرة التي كانت معروفة بانتمائها لهذه الشبكات من التحقيق والإعتقال! وهو الاستثناء الذي منحهم فرصة ووقتا كافيا لإتلاف كل الآثار، من وثائق ووعود بالدين وشيكات ورهون وغيرها. وهي الأدلة التي ستجعلها في منأى عن المتابعة بالحجة الذامغة. كما أن العديد من أصحاب البنوك المتنقلة سحبت لحظتها مبالغ ضخمة من الحسابات الجارية بوكالات الأبناك بمدينة اليوسفية، حيث تحول أصحابها من مواطنين عاديين إلى أصحاب بطون منتفخة تظهر عليهم آثار «النعمة» بامتلاكهم العديد من العقارات والأراضي الفلاحية وغيرها، وهي الأرصدة التي تم الحصول عليها بواسطة النصب والإحتال على المواطنين الراغبين في قرض واحد، حيث تتم مطالبته بتوقيع وعد بالدين يحمل مبلغ القرض، إضافة إلى شيك موقع على بياض، فكمبيالات تحمل قيمة القرض فبطاقة الإئتمان، ليجد الضحية نفسه أمام العديد من القروض وليس قرضا واحدا، وبالتالي كلما ظن أنه انتهى من القرض إلا ويتم تهديده بوثيقة أخرى، فالشيكات بدون رصيد جنحة، والكمبيالات محكمة تجارية، والوعد بالدين قضية مدنية ... ألخ كما أن بعض تجار المواد الإلكترونية يعمدون هم الآخرون إلى استغلال ضحاياهم الذين يوجدون في أزمة مالية، وذلك بمنحهم مبالغ هزيلة مقابل إنجاز ملفات تخص ملفا وهميا لشراء أثاث منزلي أو أشياء أخرى. رغم كل المجهودات التي يقوم بها الأمن أو فعاليات المجتمع المدني أو ضحايا القروض الرباوية، فإن شبكة التخريب الإجتماعي تظل تنشط بشكل كبير في المراكز العمالية والمدن المنجمية، وحتى المدن الكبرى، لتقمصهم العديد من الأدوار، وما الملفات المعروضة أمام القضاء إلا خير دليل على ذلك,