الأحداث الأخيرة التي وقعت في مدن مختلفة في المملكة وكان أبطالها بعض القياد، أخرجت إلى العلن طابوهات سرية حول العلاقة بين بعض رجال السلطة وباقي المواطنين. وقد ارتبط مفهوم القياد والباشوات في ذاكرتي ببعض الأشخاص الذين تواطؤوا مع المستعمر الفرنسي، الكلاوي نموذجا. وبعد الاستقلال، وعبر مراحل، كون المغرب جيلا جديدا من القياد، فأصبحنا نجد قيادا شبابا أكثر ارتباطا وقربا من الواقع، إلا أنه مع الأسف بعض الأخبار التي تصلنا من تصرفات البعض أصبحت تسيء لرجال السلطة. القياد الذين يمثلون السلطة التنفيذية، تتمثل مهامهم الأساسية في المحافظة على النظام والأمن، و إرشاد ومساعدة المجالس الجماعية في مهامها الإدارية، وفي تنفيذ أشغال التهيئة والتجهيز الجماعي، زيادة على تنفيذ النصوص التشريعية والتنظيمية التي تدخل في مجال اختصاصاتهم. التجاوزات التي خرجت اليوم الى الوجود وأصبحت قضية رأي عام، يعود الفضل فيها إلى أكبر وأقوى حزب في المغرب. فحزب الفايسبوك الذي أسقط وزراء في الحكومة الحالية، وأخرج الى العلن "حماقات" بعض رجال السلطة، لم يقم إلا بدور إنكار المنكر ووضع أصحاب القرار في هذا البلد أمام مسؤوليتهم. ربط المسؤولية بالمحاسبة، يقتضي من رجال السلطة التعامل مع المواطنين كزبناء للخدمة العمومية، لا كعبيد يستجدون الرخص والشواهد الإدارية. بالمقابل لا يمكن للمواطنين خرق القانون، فقضية قايد الدروة بدأت بخرق مواطن للقانون ببناء عشوائي، ودخول مقدم على الخط بتسلمه لرشوة لإغماض عينيه، بعدها ظهر "الولد ديال الفيلم" الذي ابتز المواطن الذي خرق القانون، وانتهت القصة بالفيديو الشهير الذي أسقط ورقة التوت عن هيبة رجل السلطة. الانتقال الديمقراطي في بلدنا والذي قطع أشواطا كبيرة، لا يمكن أن يتعثر بهذه الأحداث، وأصحاب القرار من واجبهم الضرب على أيدي المتلاعبين والمقامرين بسمعة الوطن. رجال السلطة هم أول من يجب عليهم تَمَثُّلَ المفهوم الجديد للسلطة، فالمواطن المغربي قد يصبر على الفقر، ولكن لن يرض بالحكرة. "التصرفيقة" التي أخذها قايد الدروة أسقطت "الهيبة" عن رجال السلطة، وحرق مي فتيحة لنفسها أظهر "الحكرة" الكبيرة التي تُمارس على المواطنين من بعض رجال السلطة، وبين هذين المثالين علينا أن نبحث على الحل لتجاوز غابة المشاكل التي تكبح من تقدم البلد. أن تسهر الدولة على الحفاظ على هيبة رجال السلطة أمر مطلوب ولن يكون إلا في صالح البلد، لكن هذه "الهيبة" لن تساوي شيئا إن لم تستثمر في ضمان كرامة المواطنين.