الدكتور * الريسوني غير محتاج إلى لأدافع عنه ولكن خشيتي من أن يعمل بقول الشاعر: ولو أن كل كلب عوى ألقمته حجرا لخلت الدنيا من الأحجار هو الذي دفعني إلى كتابة هذا المقال، رغم زحمة الأشغال. فقد نشر المدعو الأمراني في جريدته الأحداث الكبرى والصغرى مقالا بعنوان: مرة أخرى ليس في القنافذ أملس، وهو المقال الذي حاول فيه غير موفق الرد على مقالين للدكتور الريسوني انتقد في الأول عملية إغلاق دور القرآن، وانتقد في الثاني بعض مظاهر الانحراف التي يحاول الحداثيون أن يجعلوها سمة لما يسمونه مغرب ما بعد الحداثة. استهل الأمراني مقاله بتعريف خاص به للانتماء التنظيمي للدكتور الريسوني باعتباره أحد زعماء حركة تقول عن نفسها إنها حركة دعوية واستنتج بفطنته الزائدة أن هذا يعني المغاربة ليسوا مسلمين لأن والقول للأمراني الإسلام لا يعرف شيئا اسمه دعاة! وإذا سايرنا المنطق الأمراني فإن الدعوة لا ينبغي أن توجه إلا للكفار، أما المسلمون فليسوا في حاجة إلى دعوة، وكل من يدعو إلى العكس فهو يتهم المسلمين في إسلامهم، وبالتالي فهو يكفرهم. إن هذا المنطق الأخرق يعني أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان عليه أن يوقف دعوته بمجرد أن انتقل إلى المدينةالمنورة وكون مجتمعا مسلما، وإلا فإنه يكفر أصحابه. هذا المنطق يعني أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، التي تشغل مئات بل آلاف الدعاة من خطباء ووعاظ قارين ومتجولين، وأساتذة الكراسي العلمية و.. هي وزارة تكفر المغاربة وتعتبر مجتمعهم مجتمعا جاهليا، وكان عليها حسب رأي سيد قمني الذي استشهد به الأمراني أن ترسل هؤلاء الدعاة إلى مجاهل إفريقيا يعيشون بين النمور والأسود والبدائيين، يقدمون لهم العون والعلاج والغذاء الديني والهداية، حتى تقتلهم أمراض القارة السوداء أو الضباع، شهداء عند ربهم يرزقون. وإذا كان طموحنا يتوق إلى أن يقوم المغرب بدوره الذي كان فارسه بامتياز في نقل الهداية إلى أدغال إفريقيا لينافس كما كان دعاة التنصير هناك، فإن هذا الحق لا ينبغي أن يعمينا عن الباطل الذي أراده به الأمراني وهو أن تتوقف دعوة الله في هذا البلد المسلم، وليذهب الدعاة إلى مجاهل إفريقيا ليموتوا ويرتاح الأمراني وشرذمته من دعوتهم ويخلو لهم الجو ليفسدوا البلاد والعباد، فتطلع الشمس من مغربها. ولا تفوتني هذه الفرصة لأشرح بالخشيبات للأمراني ماذا تعني الدعوة في صفوف المسلمين، رغم أن هذا من أبجديات الدين الإسلامي. إن الدعوة في صفوف المسلمين تعني النصيحة، وهي موجهة لجميع المسلمين بمختلف مستوياتهم المادية والعلمية، حتى للدعاة منهم، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: >الدين النصيحة< قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم. الدعوة للمسلمين هدفها التذكير والتصحيح، تذكيرهم بما غفلوا من دينهم أو نسوه، وتصحيح ما يطرأ على سلوكهم من انحراف أو فساد نتيجة كيد قوم لوط. فإذا كانت الدعوة بهذا المفهوم وانتقاد الفساد في مجتمع مسلم كالمغرب يعني بالنسبة للأمراني اتهام هذا المجتمع بأنه مجتمع جاهلي، فإن ذلك يعني أن جريدة الصباح مثلا التي نشرت في الصفحة الأولى لعدد يوم 17/6/2004 خبرا مفاده أن تقريرا أمريكيا يصنف المغرب ضمن رواد الدعارة، تحرص على تقديم المغرب في صورة ماخور مفتوح يحكمه النصف الأسفل. وهذا يعني كذلك أن الأمريكيين الذين صاغوا هذا التقرير هم حسب منطق الأمراني يفتون فتوى غير مباشرة بالقتل... عن طريق هجوم انتحاري مثل الذي وقع في 16 ماي العام!! الماضي. ومن يدري قد يكون الأمريكيون الذين كتبوا التقرير من حركة التوحيد والإصلاحوربما أصبحت الصباح لسان حال هذه الحركة!! هي إذن محاولة أخرى لترديد سمفونية المسؤولية المعنوية التي وفق الله المسؤولين في هذا البلد المسلم إلى كشف ألاعيبها، وفضح مراميها السيئة وأهدافها الخبيثة. وهي محاولة يائسة بئيسة لمحاصرة الانتقاد المتصاعد لمافيا الحداثة وما بعدها التي تدعو صباح مساء بقول قوم لوط أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون<. إنها الحداثة التي ترى شرذمتها في الطهر عيبا يجب أن يحارب ويخرج من البرلمان وسائر المؤسسات، وربما من البلاد كلية... إنها الحداثة اللامعة الملساء التي لا ترى في القنافذ إلا شوكها فقط، وتنسى أن الثعابين اللامعة الملساء تحمل السم الزعاف تنفثه لتؤذي به بني البشر. *للإشارة فإن صفة دكتور عندما تلصق باسم أحد الإسلاميين فإنها تؤرق أعداءهم، لأنهم كانوا يجدون مبررا لصد عدد من المثقفين عن الاستماع إلى الإسلاميين بدعوى أنهم متخلفون وأصحاب عمائم أما وقد أصبحوا من الأنتلجانسيا فهذا يؤرقهم حقا. أما الدكتور الآخر الذي أزعج مقاله السيد الأمراني وهو الدكتور الطيب بوعزة فهو دكتور في الفلسفة وليس في الدراسات الإسلامية كما ظن صاحبنا... بقلم: عبد الرزاق بلهاشمي