هذا مقال يرد على ما نشرته صحيفة الأحداث المغربية على صفحتها الأولى يوم الخميس الماضي تحت عنوان الريسوني ويتيم يتامى التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، وقد قصد الكاتب كلا من الدكتور أحمد الريسوني والأستاذ محمد يتيم اللذين تصديا للصديد الشتائمي القذر الصادر عن المدعو عبد الكريم الأمراني رئيس تحرير الصحيفة المذكورة. وكان الاستاذ محمد يتيم قد كتب في عددين متتابعين عن أخلاقيات ماسحي أحذية إسرائيل، بينما كتب الدكتور أحمد الريسوني في عموده الأسبوعي ليوم الأربعاء الماضي عن الاسترتيجية المفضلة لدى الأحداث المغربية: كذب حتى النصر. للإشارة، فإننا لم نتعرض لكاتب كتب في جريدة فروكوفونية يدافع عن الأمراني لسبب بسيط يتلخص في سؤال واحد هو أين كان وأين كانت جريدته يوم كان الأمراني يخوض في أعراض الناس ذات اليمين وذات الشمال؟ وإليكم مقال الأستاذ محمد يتيم: 1 دموع التماسيح لم نكن ننتظر من الأحداث المغربية حينما قررنا مواجهة باطلها أن ترعوي أو أو تراجع مسارها لأنها مردت على الكذب وصار خلقا لها فشعارها الكذب ثم الكذب ولا شيء غير الكذب. فصار ينطبق عليها ما جاء في الحديث النبوي الشريف: ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا الحديث. غير أننا لم نكن نتصور أن تصل في ذلك إلى حد أن تضع نفسها في موقع المظلوم وتسكب دموع التماسيح وتدعي بأن جريدة التجديد حينما ردت على غيض من فيض الأحداث المغربية من الأباطيل والأراجيف هي الظالمة وأن تدعي أن التجديد تحولت في أعدادها الأخيرة إلى معجم مقفى كما ورد في مقال المسمى المختار لغزيوي في الصفحة الأولى من عدد الخميس، فآخر شيء يمكن أن يصدقه المتتبع لالأحداث المغربية هو أن تكون الأحداث مضطهدة من لدن التجديد وأن تكون الأحداث عفيفة اللسان سليمة الجنان وأن يكون بعض كتابها مثل المسمى الأمراني يكتبون بطريقة متحضرة ويدافعون عن مشروع فكري وخيار مجتمعي يستهدفون فقط الأفكار ولا يستهدفون الأشخاص، ينتقدون الأفكار ولا ينهشون في الأعراض ويأتون بالتحاليل العلمية والبراهين الفكرية وليس بالأحقاد غير المغربية وغير الوطنية، فلكي يصدق الرأي العام هذا كله لا بد أن يكون قد أصيب بعمى الألوان وفقدان الذاكرة القريبة والبعيدة. وبما أن شيء من ذلك لم يقع ولا يمكن أن يقع لأن الواقع حاضر معروف ملموس لا يرفعه الافتراء والدجل والسعي إلى استغفال القراء، فإن ما كتبه المختار لغزيوي دفاعا عن الأمراني، وما جاء على لسان مدير نشر جريدةالأحداث في الحوار الأخير الذي نشرته يومية أوجوردوي لوماروك في عدد يوم الجمعة الأخير لا يمكن أن يحول الباطل إلى حق والحق إلى باطل، ولا المتخصصين بامتياز في نهش الأعراض ولا آكلي لحوم الأحياء والأموات إلى قديسين وإلى أصحاب رسالة ومشروع، اللهم إلا إذا كانوا يفهمون من المشروع الحداثي إشاعة ثقافة الجنس والخلاعة والنميمة والوشاية، وإلا إذا كانوا يرون أن من صميم مذهب مالك التشكيك في أصول الإسلام ومصادره ونشر أخبار البغايا والشذوذ من كل الآفاق. وليس يخفى على القارئ أن الأحداث المغربية متخصصة بامتياز في معاجم السباب والقذف والتخوين والنهش في الأعراض، أعراض الأموات والأحياء في جميع الاتجاهات حيث لم يسلم من لسان سوئها يمين ولا يسار، ولا نظام ولا معارضة، ولا حقل ديني أو مدني ولا أحزاب سياسية ولا مثقفون.. مما لا يحتاج إلى دليل اوبرهان، حيث أنه نهج معروف وسلوك مألوف عند الأمراني ونظرائه في الأحداث المغربية. ولأن الله يأبى إلا أن يلبس من أسر سريرة سيئة رديئها فقد جاءت إدانة المختار لغزيوي على لسانه في مقاله الذي تباكى فيه على طريقة التماسيح، حيث لم يتمالك نفسه وهو الذي يريد أن يظهر الأحداث بمظهر المظلوم المدافع عن إمارة المؤمنين وعن الهيكلة الجديدة للحقل الديني وعن المذهب المالكي أن يخرج ما في جعبته وليس فيها إلا قاموس الهجاء من مثل المهربين الدينيين الظلامية النفاق يتامى التنظيم العالمي. 2 أنا الدولة: ولم يقف الأمر عند الكذب تحت شعار اكذب اكذب حتى يصدقك الناس، ولا عند عدم إبداء أي استعداد للنقد الذاتي بسبب أن الكذب عندها صار خلقا متأصلا وذلك ما قصده الدكتور الريسوني كذب حتى النصر وكذب حتى الموت . ولأن من أخلاقيات الكذب إخراج الكلم عن مواضعه وسياقاته وتحميله ما لا يحتمل فقد سعى المسمى المختار لغزيوي أن يخرج كلام الدكتور الريسوني من سياقه على طريقة المهزومين الذين أعوزتهم الحجة والبرهان والمواجهة الفكرية فصاروا يدعون أن أي قول بليغ يصيب اعوجاج فكرهم ومرض نفوسهم هو تحريض على القتل والإرهاب وذلك أسلوب المهزومين الذين يسعون إلى الهروب من النقاش الفكري ووضع أنفسهم وهم لا يستحقون في موقع شهداء الرأي والفكر والمضطهدين من أجل الدفاع عن الحرية. ولا غرابة في ذلك ولقد رأينا كيف ضبط الأمراني متلبسا بالكذب على ملك البلاد وتقويله ما لم يقله كما بين ذلك الدكتور أحمد الريسوني في بيان الفرق بين الخطة المهزومة والمدونة الميمونة، وفي ضبط الأمراني متلبسا بالكذب ولا غرابة ولا عجب. وليت الأمر قد وقف عند ذلك الحد، بل لقد وصل الأمر بهؤلاء إلى حد التماهي مع الدولة والادعاء بأن رد التجديد على سفاهات الأحداث المغربية وعليها لا على غيرها كان الرد والبادي أظلم هو استهداف للدولة المغربية وأن الأحداث المغربية هي المدافع عن مشروع المغرب الديمقراطي الحداثي، والأدهى من ذلك أن يتساءل كاتب المقال في صلافة ليس لها نظير فيعتبر أن الهجمة على الأحداث المغربية جاءت بعد خطاب العرش الذي انتصر لمبدأ إمارة المؤمنين وكأن الأحداث مدافع أمين عن المالكية وإمارة المؤمنين ولنا عودة بعد قليل إلى هذه القضية. 3 مصادر الأحداث المغربية وبعيدا عن دموع التماسيح وتحميل الأحداث المغربية للدولة المغربية المسلمة أوزار ما ينشر على صفحاتها من أخبار البغايا والدعارة واستهداف الأسس الدينية التي تقوم عليها الدولة وعلى رأسها الكتاب والسنة، وكتاب البخاري الذي تختتم الدروس الحسنية بتلاوة ختمه كل سنة، نؤكد للسيد لغزيوي أننا فعلا قررنا أن لا نسكت عن الأحداث المغربية بعدما تجاوزت كل الحدود، وكنا لمدة طويلة قد آثرنا الإعراض مستحضرين قوله تعالى: (وأعرض عن الجاهلين) لكن عوض أن يكبر بعض مرضى النفوس ويرعووا، ويمارسوا ويعبروا عن الاختلاف في حدود أخلاقيات المهنة وفي حدود أخلاقيات المواطنة التي تعتبر الجميع مهما كانت حدة الخلاف الإيديولوجي مواطنين، ومغاربة نبتوا على نفس التربة وفي نفس الوطن وأنى لهم ذلك وهم قد أعطوا لأنفسهم مهمة مدنسة شقها الأول هو الغواية وشقها الثاني هو الوشاية والتحريض على الفتنة والاستئصال عوض ذلك وجدناهم قد تجاوزوا الحدود واستباحوا كل شيء توهما منهم أننا خائفون وعاجزون. وإننا إذ نؤكد ل لغزيوي خبر ذلك الاجتماع الذي أورده في مقاله ولا يعلمه أغلب أعضاء المكتب التنفيذي الذين يوجد بعضهم في إجازة، ولا أعضاء الحركة نتساءل عن مصادر الأحداث المغربية وهل تسنى لها أن تسترق السمع أم أنها خدمة قدمت لها في ذلك خدمة معلومة من مصادر معلومة..!! 4 المذهب المالكي على طريقة الأحداث والأغرب من ذلك كله أن تظهر الأحداث بمظهر المستبشر بإعادة هيكلة الحقل الديني، المؤكد على مبدأ إمارة المومنين والمدافع عن المذهب المالكي، لكن المذهب المالكي الذي تتحدث عنه الأحداث هو شيء آخر غير ما وضع أسسه إمام دار الهجرة وما وضعه علماء المالكية سواء من متقدميهم ومتأخريهم: وإلا فما قول مذهب مالك في إشاعة أخبار الفاحشة وأخبار البغايا في الصفحتين المعروفتين المحبوبتين لدى بعض المراهقين من الصغار والكبار؟ وفي السلسلة التي تنشرها هذه الأيام تحت عنوان جميلات العالم؟ وما قوله في نشر أرقام الفرفشة والدردشة وخطوط التواصل، والفلكيات وأبراج اليوم؟ ما قول الحداثة التي تدعيها الأحداث المغربية في هذا الدجل والشعوذة الجديدة وتزيين أكل أموال الناس بالباطل في القرآن والسنة ناهيك عن المذهب المالكي؟ ما قول مالك في المتاجرة بهذا والمتاجرة بالصور العارية والكلمات العارية بدعوى محاربة الطابوهات ومعالجة المكبوتات؟ وما قول المذهب المالكي في الاستهداف المتواصل للخطباء والعلماء والنشر المتواصل في حقهم؟ وما قول المذهب المالكي في السعي المتواصل لتشويه صورة المتدينين من المنتمين للتنظيمات الإسلامية وغير المنتمين؟ وما قول المذهب في اتخاذ ذلك خطا ثابتا في خط التحرير؟ وأين هي من أدب النصيحة كما هو مقرر في أصول مالك وفروعه في تقويم أخطاء بعض المتدينين لو افترضنا أنها ناصحة أمينة لله ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. ولأن آخر شيء يمكن أن يفكر فيه أهل الأحداث هو الرجوع إلى أصول مالك وفروعه، ولو كان ذلك من ثقافتهم ومنهجهم لجعلوا لمواقيت الصلاة ركنا ثابتا كما هو الشأن لمواعيد القطار أو الأفلام؟ فهل يجرؤ بعد ذلك بعض كتبة الأحداث أن يتحدثوا عن الأخلاق والنفاق؟ 5 الأسطوانة المشروخة يعلم الجميع أنه بعد وقوع أحداث الحادي عشر من شتنبر كنا في حركة التوحيد والإصلاح قد عبرنا عن موقف واضح عبرنا فيه عن إدانتنا للأعمال العدوانية التي استهدفت مدنية نيويورك في رسالة كنا أرسلناها إلى الرئيس الأمريكي آنذاك وعبرنا فيه عن رؤيتنا للسياسة الخارجية الأمريكية. ونفتخر في حركة التوحيد والإصلاح أننا واجهنا فكر الغلو والتطرف وسلوك العنف منذ وقت مبكر وكان ذلك أحد الأسباب الجوهرية لمفاصلتنا للشبيبة الإسلامية في بداية الثمانينات. ولقد جلب علينا هذا النهج حملات من جهات مختلفة بما فيها الجهات التي تسمى سلفية جهادية، بل إنه قد جاءت لحظات معينة استخدم فيه بعض المنتسبين زورا إلى الفكر السلفي لمواجهتنا نحن والعدل والإحسان، وهناك أشرطة تكفيرية راجت في حق الدكتور أحمد الريسوني والشيء ذاته فعلناه عند وقوع الهجمات العدوانية التي استهدفت مدينة الدارالبيضاء التي سعى أصحاب النهج الاستئصالي البوليسي توظيفها في إطار ما سموه زورا وبهتانا المسؤولية المعنوية للمعتدلين عن أحداث المتطرفين. وعندما بلغنا توصل الأحداث المغربية بطرد ملغوم لم نتردد في هيئة تحرير التجديد عن التعبير عن تضامننا مع الأحداث وإدانتنا للجهات التي وقفت وراء ذلك مهما كانت فلم نقف شامتين أو متفرجين أو مستبشرين. ونحن لم نفعل ذلك كله خائفين أو متملقين ولكننا فعلناه من موقف واضح من العنف الأعمى الذي يستهدف الأبرياء، واقتناعا منا أن المتضرر الأكبر من تلك الأعمال الهوجاء، هو صورة الإسلام والمسلمين والحركة الإسلامية واستقرار البلدان الإسلامية، وأن هناك من هو مستعد لاستغلال مثل هذه الأحداث لفرض نوع من الإرهاب الفكري على الدول والشعوب الإسلامية كما فعل اليمين الأمريكي المتصهين في الولاياتالمتحدة الذي استغل أحداث الحادي عشر من شتنبر لتنفيذ أجندة سياسية محددة سلفا وابتزاز الدول العربية والإسلامية واستهداف العمل الخيري والاجتماعي والتعليم الديني وانتفاضة الشعب الفلسطيني باعتبار أن ذلك كله يشجع الإرهاب كما يقولون ويتحمل مسؤوليته المعنوية وفي سعي واضح للخلط بين المقاومة المشروعة والأعمال الإرهابية المدانة بجميع المقاييس. ونقول لالأحداث المغربية إن أسطوانتكم المشروخة التي تسعون من خلالها أن ترهبونا فكريا وتمنعونا من الكلام بدعوى أن كل كلمة حق منا نرد بها على أباطيلكم ولا نملك إلا قوة الكلمة وكفى بها قوة هي تحريض على القتل وتهييء للأرضية الفكرية لممارسي الإرهاب، نقول لها إن تلك أسطوانة مشروخة وحيلة صدئة لن تكمموا بها أفواهنا ولن تمنعونا من ممارسة حقنا وواجبنا، وإلا فإن مقالاتكم وما تكتبونه يوميا هو دعوى متواصلة للاستئصال والإبادة والتكفير الديني والتكفير السياسي (مصطلحات الخوارج، الظلامية، النفاق، المتأسلمين، الخارجون عن الجماعة والمذهب، الوهابيون، المهربون الدينيون...) ليس لبعض المهووسين من الشباب الأغرار فحسب، وإنما لدولة وسلطة تلك كل أدوات القمع والتصفية الفكرية والسياسية والجسدية... لكننا نحمد الله أنها ليست في يدكم، ونحمد الله أن ببلادنا ملكية واعية عاقلة وإمارة للمؤمنين حامية لحمى الملة والدين وضامنة للحقوق والحريات الفردية والجماعية. ولذلك تأكدوا أننا لن نسكت عنكم ما دمتم في غيكم سادرون وعلى الافتراء والكذب حريصون، ونريد منكم أن تواجهونا مواجهة الشرفاء لا أن تلجؤوا إلى ذرف دموع التماسيح وأنتم الأظلم والأبغى سيرا على المثل المغربي المعروف ضربني وبكى.. وسبقنى واشتكى. محمد يتيم