إن المتتبع للساحة الإعلامية الوطنية، خاصة الإعلام المكتوب، لينتابه شعور بالدهشة والاستغراب، فبدل أن يهتم الجميع بإصلاح ما يمكن إصلاحه مما أفسده المفسدون واستحدثه المستحدثون، نرى جهات لا يحلو لها إلا السباحة وليس (الصيد) في الماء العكر، ويسخرون كل طاقاتهم من أجل فرض أمور لا مساحة لها إلا في عقولهم وفي أجندتهم الإفسادية، وهذا مجال تتصدره جريدة (الأحداث المغربية). وقد صدق من سماها الأخباث المغربية لاجتماع كل ما هو خبيث على صفحاتها، فالخبث الفكري منهجها والخبث الأخلاقي سلوكها والخبث السياسي طريقها، وحين تنتدب التجديد نفسها لفضح دسائسها تثور ثائرة بعض أقلامها، لتنال من أعراض وسمعة ممن يضحون من أجل الوطن والدين. وهذا ليس دفاعا عن هؤلاء، ولكن هناك حقيقة ترسخت في ذهني منذ بدأت أتصفح الجرائد والكتب وأقرأ ما يدلني وغيري على النهج القويم في هذه الحياة، وهي أن الأستاذين الجليلين محمد يتيم وأحمد الريسوني مثلهما قليل جدا في هذا البلد، وخصومهما ومن يسعى إلى التنقيص من شأنهما كثير جدا، كما أن ما يكتبونه يقرأ على طول مساحة المملكة، وليستطلع كتاب (الأحداث المغربية) آراء المغاربة المهتمين حول هذين الإسمين وليطرحوا نتائج الاستطلاع أمام الملإ إن استطاعوا كي يعلموا مكانة يتيم والريسوني ومكانة الأمراني ورفاقه. كان بودي، وأكيد بود عشرات، بل مئات من قراء التجديد والمتعاونين معها، ألا ينزل الدكتور أحمد الريسوني بعلمه وفقهه والأستاذ محمد يتيم برؤاه وتنظيراته إلى مستوى الأمراني وخزعبلاته، وأن يرفعوا من سرعة القافلة التي يقودانها رفقة بعض البررة من أبناء هذا الوطن الغالي وأن يتركوا النابحين ويعرضوا عن الجاهلين كما أمر رب العالمين. الإعراض عن مثل هؤلاء ليس خوفا منهم ولا إقرارا بصحة ما يكتبونه، بل إعراض نجني من ورائه راحة البال وتفرغا إلى ما هو أهم من افتراءاتهم، نتفرغ إلى البناء الفكري الرزين والتحصين الثقافي المتين وإلى تصحيح المفاهيم والموازين حتى لا نستدرج إلى معارك مع دمى تحرك تحريكا وتوظف توظيفا ويحسبون أنهم يحسنون صنعا، خاصة وأننا عهدنا منهم الحملات تلو الأخرى، كما عهدنا أن الفشل حليفهم إذ (يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين).. إن الشعب المغربي لا شك أنه يعلم جيدا من يخدم مصالحه ومن يريد له النهوض ومن يسعى به إلى اللامبالاة والركود والجمود والشذوذ. وفي الأخير، نذكر أن الله يغفر الذنوب جميعا وأنه ليس عيبا أن يعترف الإنسان المسلم بخطئه ويتراجع عنه إذا لم يمتلك الشجاعة للاعتذار لمن كذب عليه، ولما لا الاعتذار إلى كل أعضاء التنظيم الذي ينتمي إليه المفترى عليه! حسن حمورو