المتتبع لقضايا الإعلام بالساحة الوطنية (خاصة الصحافة المكتوبة) ليس في حاجة إلى تذكيره بتاريخ تأسيس النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، هذا التأسيس الذي تم في إطار التعددية، وتطبيقا لمقتضيات الظهير الشريف بشأن النقابات المهنية الحامل رقم 119-57-1 بتاريخ 18 ذي الحجة 1376 الموافق ل.16 يوليوز 1957، وكما يعلم الجميع أنه في هذا السياق فقد وضع الأعضاء المؤسسين للنقابة نصب أعينهم المصلحة العامة للبلد على العموم، ومصلحة المهنيين على الخصوص .. و في مقدمتها الذوذ عن مصالح الذين يحملون هم مهنة المتاعب، وذلك خدمة للصحافة والصحافيين قصد تطوير الحقل الإعلامي بكل مكوناته .. وطبعا ساهمت مجهوداتهم الجبارة في وضع القطار على السكة في الاتجاه الصحيح، وقد كانت قناعة المنضوين تحت لواء النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة تجبرهم على خوض المعارك الضارية من أجل إثبات الوجود، في غياب أي دعم رسمي - كما هو الشأن بالنسبة لتنظيمات أخرى محظوظة - والتجاهل الممنهج الذي تقابل به، والتعامل الغير المنصف الذي يعاملونها به المشرفين على البرامج الحوارية التي يبثها الإعلام العمومي .. ورغم كل هذا فان النقابة قد أصبحت لبعضهم حائط صد يستعصى تجاوزه، وليس لها أي مانع من مجابهة أعداء التعددية وتحدي إقصائهم الموجه أساسا لجهاز جاء في حقبة كانت فيها الساحة الإعلامية الوطنية في أمس الحاجة إلى من يسد الفراغ الهائل، ورغم العراقيل التي أراد بها مختلقوها فرملة عجلة النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة التي بدأت الدوران بوتيرة جد سريعة بغية الوصول إلى الهدف الذي من أجله تم التأسيس، والذي هو توطيد العلاقة بين الجهاز النقابي وكل من يرغب في الانضمام إلى صفوفه من أجل السير بخطى ثابتة نحو المستقبل المزدهر لضمان استمرار التواصل والحوار والرقي بالساحة الإعلامية الوطنية إلى المستوى اللائق .. ورغم كل الظروف التي صنعت خصيصا للنيل من قدرة وعزيمة أعضاء الأمانة العامة الذين خلقوا بتأسيسهم لهذه النقابة .. أقول خلقوا منعطفا حاسما في مسلسل النضال الصحافي الذي خاضه بعض الصحافيين الشرفاء الذين لا يسعون إلا إلى تحسين أوضاع رجال مهنة المتاعب الاجتماعية، والعمل على تأهيلهم التاهيل المهني الذي يرفع شأنهم للمساهمة في أوراش الاصلاح .. رغم كل هذا وذاك، سار أعضاء الأمانة العامة للنقابة في درب النضال رافعين القلم ضد كل الذين يضايقهم تواجد جنود الإعلام المستقل بالحقل الإعلامي الوطني الذي لطالما اعتبره الآخرون حكرا على فئة معينة من الصحافيين .. وبهذا الإلحاح وهذا الصمود، فقد دقت النقابة آخر مسمار في نعش الذبن لا يحلوا لهم إلا الاصطياد في الماء العكر. "" واليوم وعلى هامش الاحتفال بالذكرى التاسعة لتأسيسها، فان أعضاء الأمانة العامة يعلنون جهارا لكل خدام صاحبة الجلالة وللرأي العام الوطني وللجهات الرسمية أنهم لا يرجون إلا السير بهذه النقابة خاصة، وبكل المهنيين الذين آثروا الانضمام إليها نحو مدارج التقدم والحداثة وترسبخ مباديء المواطنة الحقة .. وهذا ما سيتبين من آفاق المؤسسين المستقبلية الواضحة المعالم والمحددة. بداية من العمل على جمع شتات حملة الأقلام وتوحيد صفهم باستقلالية تامة، عملا بالشعار الذي عقدت تحته النقابة جمعها العام التأسيسي منذ 1999 ، "استقلالية الصحافة حماية لحرية التعبير" ، وضمن هذه الآفاق أيضا العمل على تأصيل العمل الإعلامي الوطني وتمتيع العاملين بالمجال بالسيادة الكاملة في جو من الحرية بعيدا عن كل الضغوطات. وتأكيدا لما جاء أعلاه، أجدني مضطرا لسرد بعض المحاور التي تضمنها الملف المطلبي الذي رفعته الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة إلى الجهات الوصية المختصة وللأسف الشديد قدر لهذا الملف أن يحظى بالإهمال واللامبالاة، ولم نتوصل بأي جواب في شأنه، رغم تعاقب ثلاثة وزراء على القطاع - قبل الوزير الحالي -، وللإشارة فان نفس الملف المطلبي لا زال معروضا للنقاش ويتضمن مجموعة من المكاسب التي ينتظرها المهنيون رغم رفض الوزارة الوصية، وكذا النقابات الموازية فتح النقاش مع النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، وهذا كذلك يعد من بين الاكراهات التي واجهت هذه النقابة التي تبقى في أي حال من الأحوال مادة يديها لكل ذي نية حسنة، كما يعطي أيضا الدليل على صدق ما جاء في مستهل هذا المقال. وعليه .. فان أعضاء الأمانة العامة لن يتوانوا ولن يتوقفوا عن المطالبة بتحقيق المطالب، كما أنهم سيضلون منصبين في شموخ رافعين الرأس عاليا .. متماسكين وواثقين حتى ينتصر الحق. وفي ختام هذا الموضوع لم أر مانعا من ذكر بعض المطالب التي تضمنها الملف المطلبي المذكور وذلك تعميما للفائدة. - الإسراع بتأسيس المجلس الأعلى للإعلام والثقافة وفتح النقاش حول قوانينه مع تخويله الحق في فظ النزاعات فيما بين المهنيين بعضهم البعض، وبينهم وبين الجهات الرسمية والمجتمع المدني .. ثم إعطائه الحق بعد استشارة المهنيين في صياغة القانون المنظم لمهنة الصحافة . - إعادة النظر بصفة عامة في اختصاصات لجنة البطاقات المهنية التي تشرف على تسليمها وزارة الاتصال وإشراك جميع نقابات الصحافيين المعنية في أعمالها مع مراعاة تمديد صلاحية البطاقات لعشر سنوات، بدل سنة واحدة، والعمل على حذف الشروط التعجيزية التي تقف سدا منيعا في وجه المهنيين. - خلق صندوق " إنقاذ " يعهد إليه مساعدة الصحف الجادة والمنتظمة الصدور في حالة ما أشرفت على الافلاس أو واجهتها بعض العراقيل قد تحول بينها و بين مواصلة المسيرة التنويرية. - حصر دور وزارة الاتصال في تنظيم القطاع وتمكين مقاولاته العامة والخاصة من حرية المبادرة والاجتهاد في حدود المنطق طبعا. - تعميم الاستفادة من دعم الدولة المخصص للمنظمات النقابية وفق معايير محترمة ودمقرطة شروط توزيعه. - تخويل كل العاملين في الحقل الصحافي ( الصحافة المكتوبة، الصحافة الالكترونية وقطاع السمعي البصري ) من مقتضيات الحماية.. التغطية الصحية، نظام التقاعد والتأمين الإجباري عن المرض والتعاونيات حسب القوانين الجاري بها العمل. - ضمان الحق لكل المنضوين تحت لواء النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة في التكوين المستمر والمشاركة في التداريب الإعلامية على مستوى الوطن وخارجه لتطوير المهارات ورفع الكفاءات من أجل وضع حد لأولائك الذين لايتقنون إلا اقتسام الكعكعة، وتقوية الاتصال مع المنظمات النقابية العربية والدولية وجمعيات حقوق الإنسان لتحصين وحماية حقوق ومصالح الشغيلة الصحفية بكل مكوناتها. - نبذ أساليب الردع الغير القضائي الذي يمس موضوعيا بالحقوق والحريات المكرسة على مستوى المؤسسات الدولية ومباديء حقوق الانسان. - الوقوف بقوة في وجه الذين تسول لهم أنفسهم تضييق الخناق على الصحافة المستقلة وإخراس صوتها لحاجة في نفوس الذين لا يؤمنون بالتعددية . هذه إذن بعض من آفاق النقابة، وما بقي منها أكثر سيظل الأعضاء المؤسسين ملتزمين بالدفاع عن تحقيقها بروح وطنية وإنسانية مثلى في ظل العهد الجديد ووراء رائدنا الهمام وملكنا المحبوب سيدي محمد السادس نصره الله ، واقفين وقفة رجل واحد، صامدين للذوذ عن الوحدة الترابية وتحرير ما تبقى من أجزاء الوطن المغتصبة، و الله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.