يوما بعد يوم، يتعزز صف اليهود المناهضين للصهيونية والدولة الصهيونية المجرمة. يوما بعد يوم يرتفع صوت اليهود النزهاء الذين يمثلون الوجه الجميل لليهودي على حد تعبير أحد المتخصصين. يوم الثالث من شهر يونيو الحالي (أي بعد غد الخميس) سيقدم الكاتب يابكوف رابكان كتابه الجديد باسم التوراة: تاريخ المعارضة اليهودية للصهيونية، وسيكون إلى جانبه في دار كندابالمدينة الجامعية بباريس البروفيسور إدغار موران لتنشيط مأدبة النقاش والتقديم للكتاب الجديد. الكاتب يابكوف رابكان مؤرخ في جامعة مونتريال، درس اليهودية على يد حاخامات في كندا وفرنسا وإسرائيل أيضا. وهو فوق هذا يساند لائحة أورو فلسطين التي ستخوض الانتخابات الأوروبية ابتداء من يوم 13 يونيو 2004 لتدافع عن اتخاذ موقف أوروبي حازم ضد الدولة الصهيونية وإنصاف الفلسطينيين المظلومين.أما صديقه إدغار موران فقد رفعت في وجهه هو الآخر تهمة معاداة السامية لكتابته مقالا انتقد فيه السياسة الصهيونية التي يتوجها حاليا الوجه الدموي البشع لشارون. قال سيلفيان نيو -صاحب مكتبة الكيبيك التي طبعت الكتاب- في بلاغ صادر عنه توصلت التجديد بنسخة منه: في الوقت الذي اتهم فيه إدغار موران بمعاداة السامية، تتقاطع منذ قرون تيارات يهودية ترفض المشروع الصهيوني الذي تجسده دولة إسرائيل. الكتاب الأخير ليانكوف رابكان باسم التوراة: تاريخ المعارضة اليهودية للصهيونية الذي صدر أخيرا في المكتبات يظهر الجذور اليهودية لهذا الرفض. ومن هذه الزاوية يبرز الكاتب أن الصهيونية قطيعة عميقة في التاريخ اليهودي، وتحدي مفتوح لليهودية. هذا كتاب يتحدث عن موضوع مخفي، بل ممنوع. إنه يتناول طابوها من الطابوهات. وأضاف البلاغ أن الكتاب يتوجه إلى الجمهور، وخاصة إلى اليهود الفرنكوفونيين في العالم كله، وإلى مواطنيهم المسيحيين والمسلمين والعلمانيين. وحسب عالم الاجتماع الإسرائيلي جوزيف هودارا فإن المعارضة اليهودية للصهيونية أشد خطرا على إسرائيل وهويتها الجماعية من المقاومة العربية والفلسطينية. من يتابع التحولات الكبرى الجارية في العالم سيدرك لا محالة أن الميزان قد تغير منذ سنوات قليلة، وأن العالم بدأ يكتشف الخطر الصهيوني على الجميع بمن فيهم اليهود الحقيقيون، ولا أبلغ من الاستطلاع الأوروبي والأمريكي الذي أظهر أن أغلب سكان القارتين يعتبر الكيان الصهيوني أخطر شيء على السلم العالمي. ومن هنا يسهل علينا أن نفهم الاستراتيجية الكبرى التي بدأت في تنزيلها دولة الكيان الصهيوني في كل من أوروبا وأمريكا والعام على أعلى مستوى. بالفعل، هناك يهود ليسوا صهاينة، ويناهضون الدولة الصهيونية بكل ما أوتوا من قوة، مثل جماعة حراس المدينة (ناتوري كارتا) الذين يحرمون الهجرة إلى فلسطين وقتل الآخرين واستعمارهم باسم التوراة، ويعتبرون إنشاء الكيان الصهيوني خرقا سافرا لكتابهم المقدس، ويرفعون شعار يوم عيد استقلال إسرائيل هو يوم حداد بالنسبة لليهود المؤمنين بالتوراة، وهم الذين تظاهروا ضد إسرائيلمع متظاهرين آخرين يوم 23 ماي الماضي بأمريكا نفسها. التحولات الأخيرة رصدها الكاتب جيرار فوشيه في مقال مطول نشره المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بعنوان هل إسرائيل معرضة للاختفاء: تأملات جيوستراتيجية حول الانتفاضة الجديدة. وقد خلص الكاتب فيه إلى أنإسرائيل تتوجه في ظل تجاهل دولي متزايد نحو الاختفاء وانتصار المقاومة، وأن اليهود الذين هاجروا أو هجروا إليها سيعودون لحياة الشتات كما كانوا من قبل. وصدق الله العظيم إذ يخبرنا منذ قرون خلت من قبل أن أهل الكتاب ليسوا سواء، وأن منهم من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك، ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما. حسن السرات رئيس التحرير [email protected]