قال الدكتور رشاد الشامي الخبير المصري في الأدب العبري إن "الثقافة الإسرائيلية غير مؤهلة لصنع سلام حقيقي؛ لأنها تقوم على مفاهيم دينية عنصرية تعتبر الآخرين دون الآدميين". ويرأس الشامي قسم اللغة العبرية بكلية الآداب جامعة عين شمس المصرية، وألف "موسوعة المصطلحات الدينية اليهودية"، وعني فيها برصد التصور الإسرائيلي للدين والأساطير والحياة والصراع السياسي "باعتباره جزءا من تراثهم الديني بغض النظر عن رأينا فيه". وتضم الموسوعة التي أصدرتها دار (المكتب المصري) بالقاهرة 800 مصطلح ديني يهودي. وفي مقابلة مع وكالة "رويترز" الخميس 20-5-2004 قال الشامي أحد أبرز نقاد الأدب العبري في مصر إن هذه المفاهيم والمصطلحات "من وجهة نظر يهودية" تعد مرآة للطريقة التي ينظرون بها للعالم "لهذا لم ألجأ إلى التفنيد أو النقد؛ بل لجأت للتأصيل التاريخي كما يراه الإسرائيليون أنفسهم". وأوضح أنه اعتمد على مصادر يهودية من بينها التلمود وهو "كتاب يضم تفاسير لأسفار العهد القديم عرفت باسم المشنا، ثم أضاف بعض الحاخامات (إلى المشنا) بعض التعليقات والشروح باسم الجمارا وتعني التكملة". وقال الشامي إن "هذا التراث من الثقافة العنصرية (في إسرائيل) لا يصنع سلاما حقيقيا؛ حيث لا يزال يتبناه زعيم حركة شاس الحاخام عوفاديا يوسف، وهو عربي من أصول مغربية، ولكنه وصف العرب بأنهم حشرات دون الآدميين". وتساءل الشامي: "كيف تصنع هذه السموم العنصرية سلاما؟!". لغة الخطاب الديني وشدد الشامي على أهمية قراءة المصطلحات الدينية اليهودية "لفهم طبقة ما تحت السطح التي تحكم الصراع السياسي الدائر الآن في إسرائيل"، موضحا أن المصطلح مرآة للطريقة التي ينظر بها شعب للعالم. وأوضح أن هذه النظرة التي وصفها بالعنصرية كانت سائدة في الأدب الإسرائيلي حتى حرب أكتوبر العام 1973م "بعدها ظهر جيل من الأدباء تناول القضايا بشكل مختلف ومعظمهم ينتمون إلى اليسار الذي لا يزال له التأثير الأكبر في الثقافة والإعلام... بعضهم هاجم الصهيونية بشكل صريح". لكنه تابع أن لغة الخطاب الديني في إسرائيل "لم تعد قاصرة على رجال الأحزاب الدينية أو الحاخامات بل أصبحت جزءا عضويا من لغة الخطاب لدى معظم السياسيين حتى من العلمانيين واليسار الصهيوني في ظل المد الديني الذي يجتاح إسرائيل منذ نحو 30 عاما". وأضاف أنه ليس من الصواب أن يكون النظر إلى إسرائيل من زاوية واحدة دينية كانت أم علمانية، موضحا أن "إسرائيل كيان به بعض التعقيد؛ إذ قامت الصهيونية على أسس علمانية مجردة في ظرف يهودي صعب اقتصاديا واجتماعيا، وكانت المؤتمرات الصهيونية حتى في وجود مؤسس الصهيونية تيودور هرتزل تقترح أماكن أخرى (غير مقدسة دينيا) مثل أوغندا أو سيناء لإقامة الدولة". وتابع أن "تغليف الفكرة الصهيونية بغطاء ديني استهدف مخاطبة عواطف اليهود الذين بدءوا منذ عام 1880 يتجهون إلى الولاياتالمتحدة بدلا من فلسطين. في تلك الظروف تم التوظيف الدقيق للغاية لفكرة أرض الميعاد والإلحاح على مقولة شعب الله المختار". وخلال أكثر من 30 عاما أصدر الشامي دراسات من بينها (لمحات من الأدب العبري الحديث) عام 1978 و(الفلسطينيون والإحساس الزائف بالذنب في الأدب الإسرائيلي) عام 1988 و(عجز النصر.. الأدب الإسرائيلي وحرب 1967) عام 1990.