كنا قد أشرنا في مادة سابقة بأن "الجامعة بدون أدوار تثقيفية بشأن المهام التمثلية للنخب على خشبة مسرح السياسة تكون خارج التاريخ.." والحركة الطلابية في صندوق محكم الإغلاق, إذا لم تخرج منه, فإنها تغرد خارج السرب.. فلتلزم بيتها ولتبني دويلتها على حساب التطاحن المذهبي والحكم للسيف والعيش للذئب المتواري خلف الستار.. وهذه المرة نسلط الضوء على "الشعارات الرنانة" التي ترفعها الفصائل الطلابية بمختلف تلاوينها وتفرعاتها.. من أقصى اليمين نحو أقصى اليسار, و بداية نتوقف مع شعار "المجانية او الاستشهاد" الذي يتبناه فصيل النهج الديموقراطي القاعدي.. والذي يدافع من خلاله عن مجانية التعليم, إعتقادا منه وفق الخط الماركسي اللينيني بأن الحل في المسالة التعليمية ينحصر في تحقيق المجانية.. وذلك أفقا لتعليم شعبي ديموقراطي.. ولكن ماذا شهدنا منذ أن تم رفع هذا الشعار في تسعينيات القرن الماضي وإلى حدود اللحظة.. سوى مواجهات..إعتقالات .. استشهادات.. وإنتحارات بين الفينة والأخرى.. ولا جديد.. مما يجعلنا نتسائل حول عقلنة الشعار وواقع المشهد السياسي بهذا الوطن الجريح.. بل أكثر من ذلك زاد منسوب الأزمة.. مما إنعكس سلبا على مختلف القطاعات الأخرى.. والأمور من سيء إلى أسوء.. ماذا بعد! وحتى ننتقل إلى زاوية أخرى فإننا نستحضر على سبيل المثال الشعار الخالد لفصيل العدل والاحسان الذي انطلق من الموقع الجامعي التاريخي (وجدة), ويحمل عنوان "وفاء متجدد لإمام مجدد".. ولابد أن نتسائل مع هؤلاء الطلبة الياسينين حول علاقة الشيخ عبد السلام ياسين بالجسم الطلابي والحرم الجامعي وماذا يعني الوفاء المتجدد له في ارتباط ذلك بمشاكل الطلبة ومتطلبات مرحلة مابعد الربيع (العربي) الديموقراطي!.. ونسجل هنا هذه المحاولات المتهافتة لإحياء الشيخ بالجامعة حيث تحضر كلماته وأقواله بجدران الكلية ومنشورات لكتبه بمعرض الفصيل الاسلامي الراديكالي التابع لجماعته خلال الأيام "الثقافية".. مما يثير الإستغراب.. والحيرة لدى مختلف الحساسيات الفصائلية وعموم الطلبة.. ماذا بعد! هذا ولا يخفى على الجميع أيضا ما نادت به الحركة الثقافية الأمازيغية "لا ديموقراطية حقيقية بدون ترسيم الأمازيغية في دستور ديموقراطي شكلا ومضمونا".. ونتذكر الى جانب هذا.. ذلك الشعار الخالد "الMCA من أجل تحرير الشعب الامازيغي".. ونحن ننظر الى حجم هذه الشعارات لا نكاد نجزم إن كنا مستيقظين فعلا او نغط في سبات عميق.. ونتسائل مع هذا الفصيل أيضا باعتباره مكونا طلابيا حول ماذا يخفي وراء خروجه بهذه الشعارات!.. ماذا حقق منها!.. ولماذا يستمر في التضحية من أجل كل هذا!.. وبعد صراع طويل وكفاح مستميت داخل الحرم الجامعي وخارجه.. لا نعرف ما ان كان حقا هؤلاء يستوعبون أو لا! هذه الأحداث الجديدة المتجددة في الساحة الدولية, بالاصافة الى هذة التغيرات الجذرية وطنيا .. وهل يا ترى يعلمون ما جرى وما يجري!.. وما يمكن ان يجري في مستقبل الزمن.. فماذا تغير بعد الشعار!.. إعتقالات ..إستشهادات والقادم سيء.. ماذا بعد! وأما التجديد الطلابي الإمتداد التاريخي لفصيل الوحدة والتواصل فيخرج علينا بين الفينة والاخرى بشعارات كبيرة جدا.. اكبر من حجمه, كان اخرها "أنصتوا للطلاب نريد جامعة بلا فساد" الذي أطلقه قبيل شهور بمكناس.. إلى جانب شعار مرتقب لمنتداه الوطني هذه السنة بجامعة عبد المالك السعدي تحت عنوان" نحو وفاق وطني تاريخي.. من أجل الديموقراطية".. ماذا بعد الشعار!.. هل يكفي ان نقول اننا ضد الفساد!.. هل يكفي ان نقول باننا ضد العنف!.. ماذا حقق هذا الفصيل الصغير في معركته الكبيرة ضد الفساد الأخلاقي والمالي والإداري!.. سوى التنديد والتنديد من أجل التنديد.. وتسجيل خروقات الموظفين والعمداء ورؤساء الجامعات في دفاتر التنظيم!.. ثم ماذا بعد شعار الوفاق الوطني من أجل الديموقراطي الذي يبدو أنه بحجم اكبر من الجسم الطلابي ككل.. فبالاحرى فصيل او حركة طلابية.. هل يهمنا الشعار ام ما يحقق الشعار!.. وماذا بعد كل هذا!.. لقد دعت الحركة الثقافية الأمازيغية المكونات الطلابية الى توقيع ميثاق شرف ضد العنف!.. ماذا بعد! لم يستجب احد.. ونادت منظمة التجديد الطلابي بأن أنصتوا للطلاب نريد جامعة بلا فساد!.. ولم يستجب احد.. كما دعا فصيل العدل والاحسان الى الالتحاق بمسار التعاضدية والمشاركة بالانتخابات .. فلم يستجب احدا!.. ودعا فصيل الطلبة الديموقراطيين التقدميين الى احياء الاتحاد الوطني لطلبة المغرب.. فلم يستجب احد!.. وهكذا فماذا بعد كل هذه الهتافات! وإلى متى كل هذه المزايدات السياسية الضيقة.. وإذا كان نعوم تشومسكي يقول: إن عامة الناس لا يعرفون ما يجري ولا يعرفون حتى أنهم لا يعرفون.." فعلى منوال هذا نقول: "إن عامة الطلبة لا يعرفون ما يجري ولا يعرفون حتى أنهم لا يعرفون".. هنا المشكلة ..فصحيح أن الطلبة يشكلون نخبة المجتمع ..إلا أنهم جبلو على الجهل.. ونتذكر هنا تلك الصرخة العميقة لرائد السوسيولوجيا محمد جسوس رحمه الله حين كان يردد قائلا: "إنهم يريدون خلق جيل من الضباع".. لقد صدق جسوس وماذا بعد.. إننا في حاجة إلى التضحية في سبيل الاخر على طريقة اوغست كونت.. وفي حاجة أكبر إلى استيعاب اختلافاتنا عبر خط التنوع الثقافي الذي رسمه كلود لفي ستراوس (كما يوضح ذلك ذ. مبروك بوطقوقة في مقاله "التنوع الثقافي عند كلود ليفي ستروس" المنشور بموقع أنتروبوس).. الفيلسوف الفرنسي فولتير كان يقول" قد لا أتفق معك فيما تقول , ولكنني على استعداد لأن أضحي بحياتي دفاعا عن حقك في أن تقوله".. هذا كل ما نحتاج إليه.. ولكن متى!.. أقول: عندما نقتل العصبية فينا ونحيي على أنقاضها الإنسان..