لم تفلح التسوية التي توصل إليها البيت الشيعي لتغيير مسار أزمة مدينة النجف من العسكري إلى السلمي حيث تشهد المدينة المواجهات الأعنف منذ أن بدأت المعارك تدور بين جيش المهدي التابع للزعيم الشيعي مقتدى الصدر والقوات الأميركية في مدن الجنوب العراقي منذ قرابة شهرين. وقد حاولت المرجعيات الشيعية تطويق الأزمة فطلبت من مقتدى الصدر تحويل جيشه إلى منظمة سياسية مجردة من السلاح ليستقيم بعدها طلب المرجعيات من قوات الاحتلال الابتعاد عن المدينة لأن سبب بقائها سينتفي في حالة عدم وجود مسلحين داخلها. وأكد صدر الدين القبنجي أحد قياديي المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق أن على جيش المهدي أن يخرج من مدينة النجف وأن يتسلم النجفيون الملف الأمني ويديروا شؤون المدينة، ودعا إلى تظاهرة ربع مليونية يخرج فيها أهالي النجف لمطالبة مليشيات الصدر بالخروج انطلاقا من تأييد المرجعية ومباركتها، بيد أنه سرعان ما تراجع عن مطلبه القاضي بإخراج أهالي النجف بالقرب من الصحن الحيدري. وأرجع مراقبون هذا التراجع إلى حالة الاحتقان التي تعيشها المدينة بعد أن رد أنصار مقتدى الصدر بإطلاق النار في الهواء على تظاهرة كانت قد خرجت قبل أيام تطالبهم بالخروج من المدينة. ولم يكن التظاهر مقتصرا على المطالبين بإخراج جيش المهدي من النجف بل إن متظاهرين خرجوا كذلك لتأييد جيش المهدي وأبدى المتظاهرون كذلك الرغبة في الإبقاء على الجيش داخل المدينة لحماية المراقد المقدسة، حسب المتظاهرين. وبين جذب السلاح وإرادات الحل السلمي برزت كذلك دعوات من بعض الجهات لدخول القوات الأميركية إلى النجف لحمايتها حسب تعبيرهم من مظاهر التسلح. وفي هذا الإطار يؤكد محافظ المدينة الجديد عدنان الشرفي ضرورة دخول القوات الأميركية إلى المدينة للحد من المسلحين داخلها ووافقه كذلك مدير شرطة النجف الذي قال إن دخول القوات الأميركية من شأنه حماية مراكز الشرطة القوات الأميركية فتحت جبهتين لدخول النجف، الأولى من محيط المقبرة الواقعة عند المدخل الجنوبي في المدينة حيث تحاول قوات الاحتلال اقتحامها منذ فجر أمس، والثانية من المدخل الشمالي من المدينة. وقد شوهدت ألسنة الدخان تتصاعد في سماء المدينة. جيش المهدي الذي بدأ المرحلة الثانية من مواجهة عدوه يؤكد على استمراره في مقاتلة القوات الأميركية لما وصفه بحماية بيضة الإسلام والمسلمين ولحفظ كرامة المراقد والأئمة. وإذا كانت المواجهات الأخيرة تعد الأعنف التي تشهدها المدينة فإن أصوات المدافع التي تزامنت مع أصوات التكبير لصلاة الجمعة لن تمر بسلام حسب المراقبين الذين يرجحون حدوث معارك أشد خلال الساعات القادمة. عامر الكبيس-التجديد-العراق