ثاني مدينة في المغرب سكانيا تمنح أقل ميزانية ضمن ميزانيات المدن الست التي اعتمد فيها نظام وحدة المدينة، كانت هذه إحدى المفارقات التي تم الحديث عنها في اللقاء الصحفي الذي نظمته في نهاية الأسبوع الماضي سبع هيآت سياسية بمدينة سلا بمفتشية حزب الاستقلال بالمدينة تحت شعار جميعا من أجل إنقاذ سلا، ذلك أن مدينة سلا البالغ عدد سكانها المليون نسمة، حسب تقديرات مركز الدراسات والأبحاث الديمغرافية لسنة ,2002 لم تنل سوى 240 مليون درهم، في حين منحت مدينة الدارالبيضاء مليار و816 مليون درهم، والعاصمة الرباط 600 مليون درهم. ورأت الهيآت السياسية المنظمة للقاء، وهي الاتحاد الاشتراكي والاستقلال والتقدم والاشتراكية واليسار الاشتراكي الموحد والحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الطليعة وجمعية الوفاء للديمقراطية، أن هذه الميزانية تكرس واقعا سلبيا تعيشه المدينة من حيث بقاؤها مجرد فضاء سكني تكميلي للعاصمة الإدارية لم يستطع الانتقال من واقع شبه قروي إلى مدينة بكل مقوماتها. وأشار أحد المتحدثين باسم الهيآت، حسن أكليم، بأن هناك هدفين من وراء تنظيم اللقاء مع وسائل الإعلام وهيآت فاعلة في مدينة سلا، ويتمثلان في: إطلاع الحاضرين على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها المدينة وساكنتها، ومن جهة أخرى تقديم وجهة نظر الأحزاب السبعة فيما يجري داخل المجلس الجماعي والمقاطعات الخمس من تفاعلات وقضايا التدبير والتسيير، وذلك في إطار مبدأ المحاسبة والمتابعة كما جاء في التصريح الصحفي الذي وزع بالمناسبة. واعتبر المتحدث نفسه بأن الندوة الصحفية بداية عمل لأحزاب المعارضة من أجل صياغة برنامج للنهوض بمدينة سلا اقتصاديا واجتماعيا ستقترحه على السلطات المحلية وعلى الهيآت المنتخبة، وفي هذا الصدد أعلن بأن اللمسات الأخيرة توضع لتنظيم يوم دراسي حول واقع التعمير بسلا في 29 من الشهر الحالي، ويكتسي هذا الموضوع أهمية بالغة بالنظر إلى الانفجار الديمغرافي الذي عرفته وتعرفه المدينة، ومشكل السكن العشوائي والسكن غير اللائق الذي جعل هوامش المدينة أكبر بكثير من مدينة سلا العتيقة، وهي تفتقر في أغلب الأحيان إلى البنيات التحتية الأساسية كالطرق وإلى الخدمات العمومية كالماء والكهرباء والصرف الصحي والصحة والتعليم.. وكان من أبرز أسباب النمو السكاني والعمراني للضفة اليمنى لنهر أبي رقراق مجاورتها للعاصمة الإدارية، وهو ما أهلها لتكون قبلة لهجرة قروية مكثفة في العقود الماضية. وضعية الاختلال الحاصلة بين عدوتي النهر وصفها أحد المتدخلين قائلا إن الرباط استفادت من الحركية الديمغرافية التي شهدتها المنطقة، في حين تحملت سلا وحدها المشاكل الاجتماعية الناجمة عنها ولا تستفيد من المشاريع الاستثمارية الضخمة التي تقام في العاصمة. ولتجاوز الوضع، اقترحت الهيآت المنظمة للقاء التي كونت لنفسه إطارا تنسيقيا في مدينة سلا بتوقيعها على بيان في 29 يناير الفارط أن تدمج مدينة سلا في عاصمة المملكة، مقدرة بأن هذا المطلب القديم المتجدد عامل أساسي لرفع التهميش عنها رفعته جل القوى السياسية والديمقراطية. وفي سؤال ل التجديد حول إذا ما كانت لدى تلك الهيآت تصورا لكيفية الإدماج، قال أحد المتدخلين باسم الهيآت السياسية إن الأحزاب الموقعة على بيان 29 يناير 2004 لم تسمح لنفسها بالانفراد في إعداد مشروع للإدماج لأنه مشروع ومطلب جميع الفاعلين في مدينة سلا مدعوون للمساهمة فيها والدفع به. وارتباطا بالعمل الجماعي وتسيير الشأن المحلي للمدينة في ظل الانتقال من نظام خمس جماعات محلية وعمالتين إلى نظام وحدة المدينة بمجلس واحد وخمس مقاطعات وعمالة واحدة، تناول مسؤولون حزبيون أخذوا الكلمة باسم الهيآت السياسية المنظمة للقاء نقد أداء المكتب المسير للمجلس الجماعي لسلا، والذي تعتبر أحزاب الحركة الشعبية والعدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار عموده الفقري، ولم يمض على تسلم زمام تسييره سوى سبعة أشهر. وعبروا عن جملة من الملاحظات والمؤخذات، من بينها أن المكتب المسير أجهز على المنظومة القانونية في إعداد ميزانية السنة الجارية من خلال عمليات مراجعة لمداخيلها ومصاريفها بينه وبين وزارة الداخلية في تجاوز للجهاز التداولي ألا وهو مجلس المدينة بأغلبيته وأقليته. كما آخذت أحزاب المعارضة في اللقاء الصحفي على الأغلبية المسيرة عدم تحسينها لمداخيل الميزانية الحالية، والتي تظل الكفيلة بتحقيق الاستثمار المفتقد في مدينة سلا، فحسب وثيقة وزعت، فإن 65 % من ميزانية سلا المقدرة ب 240 مليون درهم ستذهب لسداد الأجور والقروض وفوائدها الربوية، ليبقى مبلغ يقارب 34 مليون درهم فقط لتسيير المدينة، وقيام المجلس بمشاريع استثمارية. وخلصت الكلمات إلى وصف المجلس الجماعي الحالي ب الجهاز المرتبك والعاجز أمام ضخامة المشاكل وصعوبة المهام والإرث الثقيل، وتم تحديد عددا من النقط ترى المعارضة أنها تجسد هذا الوضع، ومن بينها تدبير بعض الملفات خارج المؤسسات المنتخبة، والعجز الحاصل في ميزانية تسيير بعض المقاطعات، وغياب مشاريع استثمارية، والعجز عن إتمام بعض المشاريع التي شرع في إنجازها من 15 سنة. محمد بنكاسم